طُرد من الجزائر وحصل على اللجوء السياسي بالمغرب.. الأمين العام الأسبق لحزب بوتفليقة ينتقل للعيش في بريطانيا

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/30 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/09 الساعة 08:32 بتوقيت غرينتش
عمار السعداني، الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير في الجزائر (Getty images)

كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" انتقال الأمين العام الأسبق لأعرق حزب سياسي في البلاد، حزب جبهة التحرير الوطني (حزب بوتفليقة)، عمار السعداني للعيش في العاصمة البريطانية لندن، بعد أن قضى فترة مقيماً في المغرب كلاجئ سياسي. 

وكانت صحيفة "le soir d'algérie" الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية قد أعلنت، شهر أبريل/نيسان 2021، أن "رئيس البرلمان والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار السعداني، طلب اللجوء السياسي لدى المغرب، بسبب ملاحقة السلطات الجزائرية له لتورّطه في قضايا فساد. 

وفي السياق ذاته، أكد موقع "ledesk" المغربي، الناطق باللغة الفرنسية، الخبر، مشيراً إلى أن السلطات المغربية قبلت طلب اللجوء المقدم من طرف السعداني، الذي أقام قبل ذلك في كل من إسبانيا وفرنسا وبريطانيا. 

ولم تؤكد السلطات المغربية والجزائرية صحة الخبر رسمياً، كما لم تنفِه حتى الآن. 

عمار السعداني / Getty images
عمار السعداني / Getty images

لماذا ترك المغرب 

قالت مصادر "عربي بوست" إن السعداني قرر ترك المغرب لخوفه من تسليمه إلى الجزائر، في ظل انخفاض التوتر بين البلدين مؤخراً. 

وأضاف المصدر ذاته أن السعداني أعاد ترتيب أوراقه وقرر الاستقرار نهائياً في لندن رفقة عائلته. 

ووفق مصادرنا، فإن رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) تخوّف من نجاح إحدى الوساطات في إصلاح العلاقات الجزائرية المغربية، ويكون هو كبش فداء من الرباط لإرضاء الجزائر. 

يذكر أن العديد من الوساطات العربية والدولية تحاول حل الخلافات بين الجزائر والمغرب، أو خفض التوتر على الأقل بين البلدين الجارين، اللَّذَيْن كادت أن تصل خلافاتهما إلى حرب بعد قصف طائرة مسيرة مغربية لشاحنتين جزائريتين بالمنطقة العازلة شمالي موريتانيا. 

ليس محل بحث

رغم أن الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار السعداني لم يدخل الجزائر منذ استقالته من الحزب نهاية 2016 لعدة أسباب، تحدثت عنها وسائل الإعلام الجزائرية، ومن بينها مرض زوجته، وقد توفيت السنة الماضية، وأدخل جثمانها إلى الجزائر لتُوارى الثرى، دون حضور السعداني مراسم الجنازة. 

وعلى عكس رجال السياسة والمال الجزائريين الفارّين إلى الخارج، لم تصدر أي اتهامات رسمية تجاه عمار السعداني، كما لم يُصدر القضاء أي مذكرة توقيف دولية بحق رئيس البرلمان الجزائري الأسبق (2004-2007). 

وتبقى الاتهامات الموجهة إلى عمار السعداني إلى الآن اتهامات إعلامية، تتعلق باختلاسات أموال الدعم الفلاحي، وشراء شقة في أحد أرقى أحياء العاصمة الفرنسية باريس. 

خوف عمار السعداني

أكد مصدر "عربي بوست" أن عمار السعداني كان يتطلع إلى العودة يوماً ما إلى الجزائر، في ظل حكم الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، بالنظر إلى العلاقة الجيدة التي كانت تربطهما، باعتبارهما كانا ينتميان إلى نفس الحزب السياسي. 

لكن يبدو أن هذا الحلم لن يتحقق بالنظر إلى عودة خصومه في الأجهزة الأمنية إلى تبوأ مناصب كبيرة. 

ويتم الحديث في الجزائر عن عودة رجالات مدير المخابرات الأسبق الغامض الفريق محمد مدين، المدعو "توفيق"، إلى شغل مناصب حساسة في الأجهزة الأمنية، ومن بينهم مدير جهاز الأمن الداخلي جبار مهنا. 

وكان السعداني الذراع الإعلامية لقائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح، ولعب دوراً مهماً في إسقاط أقوى رجل مخابرات في تاريخ البلاد. 

وفجّر السعداني سنة 2014 مفاجأة كبيرة، بعدما عقد ندوة صحفية طالب فيها بإقالة الفريق توفيق، متهماً إياه بالفشل في حماية منشأة عين أميناس الغازية بمنطقة تيغنتورين، كما اتهمه بالتورط في قتل الرئيس الأسبق محمد بوضياف، مشيراً أنه يمثل رأس حربة ضباط فرنسا في الجزائر. 

ولم يوقف السعداني هجومه على الفريق توفيق حتى تمت إقالته سنة 2015 من طرف الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وتعيين بشير طرطاق خلفاً له.

قصة عمار سعداني

يقول خصوم عمار سعداني إنه كان "طبالاً" في فرقة الفنان البدوي الشهير عبدالله المناعي، قبل أن ينخرط في صفوف حزب جبهة التحرير ويتدرّج في مختلف قسماته ومحافظاته إلى أن وصل إلى أعلى منصب فيه، وهو الأمين العام للحزب سنة 2013، كما أنه تولى منصب رئيس البرلمان من 2002 إلى 2007.

بعد وصول سعداني إلى أمانة أقدم وأعرق أحزاب الجزائر في أغسطس/آب 2013 تلقى رسالة تهنئة من طرف قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في البلاد لا سيما أنها كانت سابقة في الجزائر.

التهنئة التي وصلت سعداني غيّرت مساره السياسي، بحيث أصبح أهم رجل في الجزائر في ظل غياب الرئيس بوتفليقة وقتها عن البلاد بسبب تعرضه لجلطة دماغية، كما أنه أصبح بمثابة الناطق باسم المؤسسة العسكرية وواجهتها السياسية في الفترة الممتدة ما بين 2013 و2016.

قاد عمار سعداني حرباً بالوكالة على خصوم المؤسسة العسكرية، وأبرزهم قائد جهاز المخابرات وقتها الفريق محمد مدين المعروف باسم توفيق، الذي كان يرفض مواصلة بوتفليقة الحكم بعد مرضه وراح يحضر لإجراء رئاسيات مسبقة.

بات عمار سعداني لا يفوّت أي فرصة للهجوم على قائد جهاز المخابرات في كل ندواته الصحفية، وذهب إلى درجة اتهامه بالعمالة لفرنسا، إذ وصفه برأس حربة ضباط فرنسا في الجزائر.

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد