أمريكا لن تلجأ لفرض حصار شامل على روسيا بسبب أوكرانيا! تتخوَّف من تأثير ذلك على إمدادات الغاز

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/30 الساعة 20:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/31 الساعة 05:14 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - رويترز

قالت صحيفة The Independent البريطانية، الأحد 30 يناير/كانون الثاني 2022، إن البيت الأبيض ومسؤولين أمريكيين هدّدوا روسيا بفرض عقوبات مالية ذات "تداعيات جسيمة" إذا ما اجتاحت أوكرانيا، لكن حتى الآن صار كثير من الأفراد الروس أهدافاً رئيسية لعقوبات الدول الغربية.

بينما يقول الخبراء إنه من المستبعد أن توافق الولايات المتحدة وحلفاؤها على عقوبات شاملة مثل حظر كامل على التجارة مع روسيا أو فرض حصار عليها. فالأحرى أن الشركات والأفراد سوف يستمرون في الغالب في تحمل العبء الأكبر من العقوبات بينما تزداد الأزمة سوءاً.

لكن الكرملين تجاهل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على المسؤولين ورواد الأعمال الروس. وقال المتحدث الرسمي، ديمتري بيسكوف، قبل أيام، إن أعضاء الكونغرس لم يلاحظوا أن القوانين الروسية تمنع المسؤولين من امتلاك أي أصول أجنبية.

في المقابل، أكدت الولايات المتحدة أن هؤلاء المستهدفين يخسرون إيرادات ضخمة، ويخسرون قيمة الأصول من جراء العقوبات المالية التي يمكنها أن تكبح النزوات الشرائية واستثمارات الأوليغارشية (حكم الأقلية).

تُعد الاعتبارات الجيوسياسية والاعتماد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي وحجم روسيا في حد ذاته، بعضاً من أسباب امتناع الولايات المتحدة عن فرض حصار شامل على موسكو، على غرار ما فرضته على كوبا وكوريا الشمالية وإيران.

استهداف الأفراد وليس الشركات

بحسب صحيفة The Independent البريطانية، تستهدف واشنطن الأفراد وليس الشركات والمؤسسات الروسية؛ فأحياناً ما يُقصد بالضربة المحدودة تجنب إحداث ضرر غير مقصود للأشخاص العاديين أو التسبب بأفعال ترتد نتائجها على المصالح الغربية.

إذ جاء في تقرير أصدرته خدمة أبحاث الكونغرس، أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يهدفان إلى فرض العقوبات، "على نحو يحث روسيا على تغيير سلوكها مع تقليل الأضرار الجانبية الواقعة على المواطنين الروس، وعلى المصالح الاقتصادية للدول التي تفرض العقوبات".

روسيا أوكرانيا جندي
توترات بين روسيا وأوكرانيا/ رويترز

على إثر ذلك، طالت تلك العقوبات مسؤولين حكوميين، ورؤساء شركات تملكها الدولة الروسية، ومنهم وزير الداخلية الروسي ومديرا جهاز الاستخبارات الأجنبية ودائرة السجون الفيدرالية، ورئيسا مجلسيّ البرلمان.

كانت الولايات المتحدة والدول الغربية قد فرضت عقوبات على روسيا بسبب اجتياحها لشبه جزيرة القرم في عام 2014، شملت قيوداً على التجارة وتجميد الأصول بموجب السلطة القضائية الأمريكية، وقيوداً على استخدام النظام المالي الأمريكي الذي يضم إلى الآن ما لا يقل عن 735 فرداً ومؤسسة ومَركَبة، وفقاً لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية.

أما خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري، ففرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 4 أشخاص- اثنين منهم عضوان في البرلمان الأوكراني- يزعم تورطهما في نشاطات مرتبطة بالحكومة الروسية ترمي إلى زعزعة استقرار أوكرانيا. وفي أبريل/نيسان الماضي، فُرضت عقوبات على 16 شخصاً ومؤسسة فيما وصفته وزيرة الخزانة، جانيت يلين، بأنه: "بداية حملة أمريكية جديدة على السلوكيات الروسية المؤذية".

أثر العقوبات ضد روسيا

رغم أن تلك العقوبات المفروضة على الأفراد لا تحدث أثراً كبيراً يقترب من نجاعة العقوبات على المؤسسات، إلا أنها يمكن أن تُحدث ضرراً نفسياً وتجعل المُستهدفين منبوذين دولياً.

بخلاف ذلك، هناك صعوبة بالنسبة لاستهداف الأصول التي يملكها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه.

كان بايدن قد أعلن، الثلاثاء 25 يناير/كانون الثاني، أنه سيدرس فرض عقوبات شخصية على بوتين إذا دخلت قوات أوكرانيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما كان نائباً للرئيس/رويترز

لكن الكرملين أكد، الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني، أن أي خطوة غربية لفرض عقوبات على بوتين ستكون لها "عواقب مدمرة سياسياً، لكنها ليست موجعة"، مؤكداً أن "الساسة الأمريكيين الذين يتحدثون عن عقوبات شخصية محتملة على بوتين ليسوا على دراية كافية بالأمر".

من جهته، قالت شهرزاد رحمن، أستاذة الأعمال والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن: "ثروته (بوتين) مخبأة في أنحاء العالم ويصعب تتبعها. لكن العقوبات ستجعل حياته أصعب".

في غضون ذلك، أوضح مشرعون أمريكيون أنهم يقتربون من الاتفاق على قانون لفرض عقوبات على روسيا في حال غزت أوكرانيا.

"الصناعة وليس المستهلكين"

فيما يمكن لعدد من الوكالات الفيدرالية الأمريكية الاضطلاع بدورٍ في إنفاذ العقوبات أو تقييد النشاط التجاري، حيث يمكن لوزارة الخارجية فرض قيود على التأشيرات والمساعدات الخارجية، ويمكن لوزارة التجارة فرض قيود على تراخيص الصادرات التجارية.

كذلك يمكن لوزارة الدفاع الأمريكية فرض قيود على صفقات الأسلحة، ويمكن لوزارة العدل ملاحقة من ينتهك قوانين الصادرات. وأخيراً يمكن لكل من وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالية مراجعة التأشيرات الصادرة للسفر إلى الولايات المتحدة.

"شخصيات مهمة"

بدوره، قال مسؤول في البيت الأبيض إن إدارة بايدن تعتزم تجنيب المواطنين الروس وطأة أي قيود على الصادرات الأمريكية إلى بلادهم إذا غزت روسيا أوكرانيا، وستركز على استهداف القطاعات الصناعية.

المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته لفت، في تصريحات صحفية، إلى أن "شخصيات مهمة" ستواجه أيضاً "عقوبات واسعة".

فيما قال بيتر هاريل، مسؤول الأمن القومي بالبيت الأبيض، في كلمة عبر الإنترنت من مركز ماساتشوستس للصادرات الخميس: "نعتزم اتخاذ إجراءات نعتقد أنها ستخفض القدرات الصناعية الروسية وطاقة الإنتاج الصناعي مع الوقت دون أن تطول الأفراد، المستهلكين الروس العاديين".

وشدّد على أن بلاده مستعدة، فور حدوث غزو روسي لأوكرانيا، لفرض "تكاليف مالية تكبل المؤسسات المالية الروسية، فضلاً عن تطبيق مجموعة من القيود واسعة النطاق على الصادرات تخفض طاقة الإنتاج الصناعي الروسي على المديين المتوسط والطويل".

بينما لم يذكر هاريل القطاعات المستهدفة، لكن مسؤولين آخرين في البيت الأبيض أشاروا إلى الطيران والبحرية وأجهزة الروبوت والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والدفاع.

تحميل المزيد