قالت صحيفة New York Times الأمريكية في تقرير نشرته يوم الخميس 27 يناير/كانون الثاني 2022 قوات "قسد" التابعة للأكراد تبادلت من جديد إطلاق النار من فوق أسطح المنازل مع عشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الذين ما زالوا يتحصَّنون في سجن محاصر في شمال شرق سوريا، وذلك رغم مزاعم الفصائل المدعومة من أمريكا أنها استعادت سيطرتها الكاملة على المجمع بأكمله.
كان فرهاد الشامي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية المعروفة باسم " قسد" قال في تغريدة على تويتر يوم الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني 2022 إن القوات التي يقودها الأكراد استعادت بالكامل السيطرة على سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا الأربعاء، وإن جميع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الباقين استسلموا.
مقتل العشرات في سجن الحسكة
في حين قال مسؤولون إن 200 على الأقل من نزلاء السجن والمتشددين و30 من أفراد قوات الأمن لاقوا حتفهم منذ هاجم مقاتلو الدولة الإسلامية السجن يوم الخميس، في مسعى لإطلاق سراح أعضاء التنظيم.
لكن الصحيفة الأمريكية قالت في تقريرها إن مراسليها، رغم تأكيدات بانتهاء القتال في السجن، وصلوا إلى المنطقة فوجدوا أن القتال بين قوات قسد وداعش ما زال مستمراً.
حيث أطلقت القوات التي يقودها الأكراد قذائف صاروخية على مجمع السجن المدمر جزئياً، وسمع صوت مدافع مضادة للطائرات محمولة على شاحنات أثناء مواجهتهم لما يصل إلى 90 من مقاتلي داعش الذين ما زالوا يقاتلون من الداخل.
سجناء ينضمون الى داعش
من جانبه، قال مسؤول في إحدى الجماعات شبه العسكرية الكردية السورية التي تقاتل داعش، إن معظم المعاقل كانوا من بين الذين اقتحموا السجن، لكن بعضهم كانوا سجناء انضموا إليهم.
في حين يعتبر هجوم السجن أقوى دليل حتى الآن على عودة ظهور داعش عبر أجزاء من سوريا والعراق، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من فقد التنظيم السيطرة على ما يسمى الخلافة، وهي مساحة شاسعة من الأراضي في كلا البلدين. كما شن المتطرفون سلسلة من الهجمات على القوات العسكرية في العراق المجاور في الأشهر الأخيرة.
من ناحية أخرى فقد دفعت عملية اقتحام السجن، الجيش الأمريكي إلى المعركة لدعم قوات سوريا الديمقراطية، حيث قامت بضربات جوية واستخبارات وعربات مصفحة لتطويق السجن. كانت أكبر مواجهة بين القوات الأمريكية وداعش منذ ثلاث سنوات كما اندلع القتال يوم الخميس في المناطق المحيطة بمجمع السجون.
حصار الصحفيين
كذلك وفي حلقة مرور قريبة في وسط الحسكة، اختبأ فريق من نيويورك تايمز مع صحفيين محليين ومدنيين حوصروا في المنتصف، بينما تتبادل قوات سوريا الديمقراطية النيران مع مسلحي داعش حيث اندلع تبادل إطلاق النار بالقرب من قاعدة عسكرية أمريكية صغيرة تضم حوالي 700 جندي أمريكي في شمال شرق سوريا.
من جانبها، قالت قوات سوريا الديمقراطية إن اثنين من مقاتلي داعش قُتِلا في الاشتباك بالقرب من الدوار، لكن لم ترد تقارير عن إصابة مدنيين في ذلك الاشتباك.
فيما لم يرد مسؤولو قوات سوريا الديمقراطية على استفسارات بشأن تأكيدهم يوم الأربعاء أن القوة استعادت السجن بالكامل. قال مسؤول يوم الخميس إن مقاتلي داعش المتبقين تحصنوا في أقسام مختلفة من أحد مباني السجن الثلاثة.
البحث عن الفارين من داعش
كذلك وفي حي قريب، انتشر المئات من القوات الخاصة الكردية، متوجهين من منزل إلى منزل للبحث عن السجناء الفارين ومقاتلي داعش المختبئين.
ففي أسفل زقاق، أوقف عناصر من القوات الخاصة شباناً من بعض المنازل بالقرب من الجدار أثناء فحصهم لوثائقهم. وأمروا السكان بالخروج من منازلهم وقالوا عبر مكبرات الصوت اتركوا الأبواب مفتوحة، وإلا فسيستخدمون القوة لفتحها.
من جانبها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن القتال أجبر 45 ألف شخص في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة على الفرار من منازلهم معظمهم من النساء والأطفال. ذهب البعض للإقامة مع أقاربهم، بينما انتهى الأمر بالآخرين في ملاجئ بالمدينة.
ففي أحد البيوت، ظهرت أم شابة مع ولدين، بعيون واسعة ومذعورة. قالت نسرين، التي طلبت الكشف عن اسمها الأول فقط خوفاً على أمنها، إنها كانت تحاول إبقاءهم دافئين من خلال استعارة الوقود من الجار. وقالت إن المياه انقطعت خلال الأيام العشرة الماضية.
كذلك وعندما سُئلت عن سبب بقائها في المنزل بعد أن غادر معظم جيرانها، أجابت: "ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه".
جثث قتلى داعش
بجانب مجمع السجون، خرجت جرافة من أنقاض مركز ثقافي بجوار مجمع السجون وهي تحمل جثة مقاتلة من داعش متصدعة قبل أن تلقيها في صندوق شاحنة صغيرة. على الجانب الآخر من الشارع، كانت أربع ناقلات نفط سوداء على الأقل ملقاة على جوانبها، وأصيبت بما وصفته قوات سوريا الديمقراطية بأنه غارة جوية على المباني القريبة من قبل التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش. كان أحدها لا يزال يحترق.
كذلك وفي مبنى آخر خلف المركز الثقافي، تعرض لغارة جوية، انتشل مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية بقايا مقاتلين آخرين من داعش من المعدن الملتوي والأنقاض.