وجد آلاف من المغاربة الذين يوجدون حالياً خارج بلادهم أنفسهم محاصرين، بسبب هذا الإغلاق المفاجئ للحدود، على خلفية قرار السلطات المغربية لمواجهة انتشار متحور "أوميكرون"، القاضي بتعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى المملكة من 29 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 31 يناير/كانون الثاني على الأقل؛ وهو ما دفع العديد منهم للجوء إلى "الرحلات الخاصة".
حسب تقرير لصحيفة Jeune Afrique الإفريقية، (مقرها فرنسا)، الإثنين 24 يناير/كانون الثاني 2022، فإنه برغم أنَّ عشرات الرحلات الخاصة غادرت المغرب، منذ نوفمبر/تشرين الثاني، في اتجاه عدة بلدان، لاسيما أوروبا، لا يوجد شيء مخطط له في الاتجاه الآخر، ولايزال قرابة 6000 مغربي عالقين في الخارج بأركان الكوكب الأربعة.
يؤدي هذا إلى ظهور مواقف سريالية، وحتى مأساوية للعائلات التي تجد نفسها منفصلة، أو للسياح أو العمال المتنقلين الذين يعانون من الفقر المدقع وتوشك مواردهم على النفاد، أو حتى لأولئك الذين يرغبون في زيارة أقاربهم المرضى بالمغرب.
هذا هو حال سمية، التي جاءت في مهمة احترافية إلى فرنسا في نوفمبر/تشرين الثاني، ولم تتمكن منذ ذلك الحين من مغادرة فرنسا، وفي غضون ذلك، أصيبت والدتها بجلطة دماغية.
طلب قوي
تتواصل الشابة مع القنصلية المغربية في باريس، وتحاول إيجاد طريق آخر للوصول إلى الرباط، عبر الإمارات العربية المتحدة أو البرتغال أو تركيا.
خلال إحدى محاولاتها العديدة، وفي أحد الأيام الجميلة، اقترحت موظفة في شركة طيران، متأثرة بضيقها، طريقاً لم تفكر فيه قط؛ وهو العودة إلى المنزل على متن طائرة خاصة.
قالت لها بنبرةٍ سرية: "لا تخضع الرحلات الجوية الخاصة للشروط نفسها التي تخضع لها الرحلات التجارية، المفروض عليها حظر تام".
كما أضافت: "صحيحٌ أنها مكلفة للغاية، لكن إذا جمعتِ مجموعة ركاب معاً، يمكنك التفاوض على رحلة طيران بسعر معقول نسبياً. ويمكنك تنظيم رحلة طيران خاصة من مالقة إلى طنجة، على سبيل المثال، مقابل 1300 يورو لكل راكب".
من جهته، أكد مدير شركة طيران مغربية خاصةٍ هذه المعلومات، قائلاً: "نواجه طلباً قوياً جداً على الرحلات الجوية الخاصة، سواء من أفراد أو مجموعات من الأشخاص الذين يتقابلون عبر واتساب أو فيسبوك، والذين ليسوا من زبائننا الدائمين. والأسباب ليست نفسها للجميع، ولا يمكننا الرد على جميع الطلبات، لأنَّ لدينا مواصفات دقيقة جداً للحصول على تصريح للرحلات الخاصة".
جدول تطعيم كامل
في واحدة من المجموعات العديدة على الشبكات الاجتماعية، ذات الأسماء الواضحة إلى حد ما (مثل "العودة إلى المغرب"، و"المغاربة الذين تقطعت بهم السبل في فرنسا/إسبانيا"، و"المشاركة والسفر")، تجد تكهنات بتاريخ فتح الحدود المغربية، بجانب إعلانات من هذا النوع: "يمكنك الاشتراك في رحلة العودة الخاصة (شارتر) التي ستُنظَم لمجموعة أولى مكونة من 170 فرداً يغادرون من إسبانيا إلى المغرب".
كما يُطلَب ممن يرغبون في الانضمام إلى هذه الرحلة الرد بالمعلومات التالية في رسالة خاصة: اللقب والاسم الأول وتاريخ الميلاد وبطاقة الهوية الوطنية أو رقم بطاقة الإقامة والعنوان في المغرب والخارج وأرقام الهواتف وحالة التطعيم … ".
كيف تُنظَم هذه الرحلات في الواقع؟ يوضح أحد المشغلين السياحيين: "إما أن يتولى المنظمون تأجير الطائرة واستخراج التصاريح اللازمة بعد إبراز جوازات سفر الركاب قبل الرحلة بثلاثة أيام، وإما أن يلجأوا إلى شركات الطيران التي تتولى جميع الإجراءات، ويدفع كل مسافر ما بين 1300 يورو و20000 يورو للرحلة، ويجب أن يقدم جدول تطعيم مُحدَّثاً؛ لكي يُنظَر في تصريح سفره الاستثنائي الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية".
وسمية واحدة من المُدرَجين على إحدى هذه القوائم وتنتظر تأكيد موعد مغادرتها. وتقول: "لم يكن لديَّ مال يكفي لهذه الرحلة، لكنني لجأت للتضامن العائلي وكل ما لدي من معارف لجمع المبلغ. أريد بالتأكيد العودة إلى الرباط لرؤية والدتي، قبل فوات الأوان".