عاد حزب الوسط الكاثوليكي الألماني إلى البرلمان، للمرة الأولى منذ 65 عاماً بعد أن اختفى عن الخريطة السياسية في البلاد في عام 1933 بعد تواطؤ كارثي مع صعود أدولف هتلر إلى السلطة، فقد حُلّ حينها الحزب، وأُرسِل العديد من سياسييه إلى معسكرات الاعتقال وتلاشى في غموض ما بعد الحرب.
خلال العقود الستة الأولى من وجود ألمانيا، كان حزب الوسط الكاثوليكي أحد أكثر القوى نفوذاً في المشهد السياسي، فقد تحدى أوتو فون بسمارك- مستشار الرايخ الألماني ودعم القيصر وأسهم بدور حاسم في سنوات احتضار جمهورية فايمار.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، السبت 22 يناير/كانون الثاني 2022، فإن عودة الحزب للبرلمان جاءت لعد انشقاق النائب أوفي ويت (62 عاماً)، عن حزب البديل من أجل ألمانيا.
"ويت"، وهو مهندس ميكانيكي، ومدرب ومدير موارد بشرية من منطقة الرور، قال بهذا الخصوص: "لدهشتي، تلقيت الكثير من العروض من أحزاب صغيرة ومتوسطة الحجم [بعد مغادرة حزب البديل من أجل ألمانيا]. لكنني لم أفكر في أيٍّ منها، ثم اخترت ما وجدته أكثر ملاءمة؛ لأنه يحتوي على الكثير من الانسجام مع المجموعة الأساسية من المعتقدات الاجتماعية والمسيحية التي لديّ".
هذه لحظة إحياء غير متوقعة لثاني أقدم حزب سياسي في ألمانيا، الذي تحول الآن إلى بقية تضم ما يقرب من 300 عضو وحفنة من أعضاء المجالس المحلية. وقبل أربعة أشهر فقط، كان حزب الوسط غير قادر على تقديم مرشح واحد لانتخابات البوندستاغ؛ لأنَّ أوراقه الخاصة لم تكن جاهزة.
تعكس عودة ما وصفته إحدى الصحف الألمانية بأنه "بقايا صحوة من أيام القيصر" تحولاً أوسع في سياسة البلاد.
ما بين الحزب المسيحي الديمقراطي المتعثر، الذين انتقل إلى اليسار تحت قيادة أنجيلا ميركل، وحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي أدى خطابه الحاد إلى نفور أعداد كبيرة من المحافظين الاجتماعيين الكلاسيكيين، انفتح فراغ كبير على تيار اليمين.
قد يكون هناك مجال لتوجيه عرض انتخابي إلى الناخبين التقليديين دون الانزلاق تماماً إلى الراديكالية اليمينية التي أصبحت تهيمن على حزب البديل من أجل ألمانيا.
بينما ليس من الواضح ما إذا كان حزب الوسط هو بالضرورة الجهاز الذي سينتهي به الأمر لملء هذه الفجوة.
في حين أنَّ العديد من أعضائه أصيبوا بالفزع من النازيين، لكنهم كانوا يتوددون إليهم من حين لآخر لتشكيل تحالف، وفي النهاية أجروا التصويت الحاسم على قانون التمكين في عام 1933، الذي همّش البرلمان ومنح هتلر سلطات ديكتاتورية.
أما اليوم، فإن منصة الحزب في حالة تغير مستمر، لكنها تركز على الرفاهية السخية للناخبين ذوي الدخل المنخفض والعائلات، وسياسة المناخ المعتدلة- وهي لعبة هواية خاصة لدى ويت- ومشكلة الزيادة السكانية على كوكب الأرض.
ربما تمثل عودة حزب الوسط، في النهاية، فضولاً تاريخياً قصير الأجل، ومن الصعب أن نرى كيف سيتمكن من الدفاع عن مقعد ويت في البوندستاغ، ناهيك عن انتخاب المزيد من النواب، في ظل غياب آلية منافسيه الكبار.