دعا عثمان بطّيخ، مفتي الجمهورية التونسية، الخميس 20 يناير/كانون الثاني 2022، عموم المواطنين التونسيين إلى التبرع لفائدة الدولة، وذلك من أجل المساهمة في "الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية" التي تعيشها البلاد، والتي تعتبر واحدة من الأسوأ في تاريخ تونس، زاد من حدتها الأزمة السياسية الخانقة الناتجة عن قرارات الرئيس قيس سعيد.
في بيان لدار الإفتاء التونسية، دعا مفتي الجمهورية التونسية "أصحاب البر والخير، الذين قدمتم المساعدات خلال أزمة وباء كورونا" إلى "مواصلة البذل والعطاء إلى حين الخروج من أزمته كواجب أخلاقي وديني".
جاء في البيان نفسه "إعانة الوطن" لا يمكن اعتبارها "تضحية ولا فداء ولا خسارة"، بل هي "تجارة مع الله، جزاؤها استقرار اجتماعي ورقي وتقدم واطمئنان، بهدف اللحاق بالأمم المتقدمة".
مفتي الجمهورية حثَّ التونسيين كذلك على "عدم البخل على تونس العزيزة" و"عدم التردد في دعمها". كما حذر في المناسبة نفسها مما وصفهم بـ"مثبطي العزائم الذين لا يخلو منهم مجتمع".
دعوة مفتي الجمهورية تأتي في وقت تمر فيه تونس بأزمة اقتصادية طاحنة، يرى محللون اقتصاديون أن الدولة قد تكون عاجزة عن سداد أجور موظفيها على المدى القريب، وقد تأخر بالفعل صرف أجور مجموعة من الموظفين الذين ينشطون في قطاعات حكومية مختلفة.
في وقت سابق، ذكرت وكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن دين تونس العام سيصل إلى نحو 114.14 مليار دينار (39.77 مليار دولار) بحلول نهاية 2022، وهو ما يمثل 82.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفقاً لتقرير عن الموازنة العامة للدولة لسنة 2022.
فيما أظهرت وثيقة حكومية اطلعت عليها وكالة "رويترز" للأنباء، شهر ديسمبر/كانون الأول 2021، أن الحكومة التونسية تخطط لرفع أسعار الوقود والكهرباء وفرض ضرائب جديدة العام القادم لخفض العجز المالي.
جدير بالذكر أن تونس تتجه إلى صندوق النقد الدولي، العام الحالي 2022، للحصول على قرض جديد (الثالث من نوعه)، وذلك في وقت تعتبر نسب البطالة الأعلى منذ عام 2011، والدين العام عند ذروته التاريخية، فيما تشهد البلاد ارتباكاً سياسياً بسبب إجراءات أحادية للرئيس قيس سعيد، بدأها منذ يوليو/تموز 2021.
بعد 6 سنوات من القرض الأخير، تتجه تونس إلى أبواب الصندوق للحصول على 4 مليارات دولار جديدة، مقابل إصلاحات، في غالبها تمس المجتمع المحلي، كتجميد التوظيف في الحكومة وتجميد الأجور، وتوسيع الضرائب، وإعادة جدولة أي دعم على سلع أساسية.
لكن هذه الإصلاحات لو نالت موافقة "النقد الدولي" فإنها ستبقى مبتورة، لحاجة تونس إلى ثقة الدول المانحة للقروض من جهة والمستثمرين الأجانب من جهة أخرى، بينما لا تتوفر حالياً شروط الاستقرار السياسي.
بينما ترفض غالبية القوى السياسية في تونس إجراءات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور".