أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية)، الإثنين 17 يناير/كانون الثاني 2022، سقوط 7 قتلى في مظاهرات جديدة حاولت الوصول للقصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، فيما قررت السلطات تأسيس "قوة خاصة لمكافحة الإرهاب لمجابهة التحديات المحتملة".
حيث قالت اللجنة في بيان: "اللجنة الأمنية للنظام ترتكب مجزرة أخرى وجريمة كبيرة ضد إنسان السودان ومواكبه السلمية، حيث ارتقت قبل قليل بمدينة الخرطوم أرواح ثلاثة شهداء من أبطال شعبنا المقاوم، سيتم نشر تفاصيلهم لاحقاً".
لاحقاً ذكرت اللجنة: "تأكد لنا ارتقاء أرواح أربع شهداء لهذا اليوم (الإثنين) في المجزرة التي ارتكبتها السلطة الانقلابية لفض مواكب شعبنا السلمية ليصبح العدد الكلي سبعة (7) شهداء في مليونية 17 يناير/كانون الثاني".
البيان أوضح أن "هناك ما يقارب المئة إصابة ما بين الاصابات بالرصاص الحي وغيره من أسلحة القمع، ويتم علاجها وحصرها الآن"، مشيراً إلى ارتفاع عدد القتلى إلى 71 منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما أضافت لجنة الأطباء: "نلفت انتباه العالم أجمع لهذه الجرائم مكتملة الأركان".
بينما لم تصدر وزارة الصحة السودانية- كما هو مُعتاد- بيانات بخصوص ضحايا تلك التظاهرات المتجددة.
تظاهرات متواصلة
في وقت سابق من يوم الإثنين، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، مظاهرات للمطالبة بـ"الحكم المدني الكامل" في البلاد.
حيث خرج مئات المتظاهرين في الخرطوم وحملوا الأعلام الوطنية وصوراً لضحايا الاحتجاجات وتوجهوا إلى القصر الرئاسي.
فيما ردد المتظاهرون هتافات، منها:" السلطة سلطة شعب.. والعسكر للثكنات"، "لا لحكم الفرد"، و"المجد للسودان".
في المقابل، أطلقت قوات الشرطة السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية تجاه المتظاهرين؛ لتفريقهم ومنعهم من الوصول إلى القصر الرئاسي، دون أن يتم الإعلان حينها عن وقوع إصابات.
كما بثت صفحات "لجان المقاومة" بمدينة أم درمان في ولاية الخرطوم (تتكون من ناشطين وتنظم المظاهرات) مقاطع مصورة على موقع "فيسبوك" لإغلاق شارع رئيسي بالمتاريس (حواجز إسمنتية) وإطارات السيارات المشتعلة.
من جهتهم، قال شهود عيان إن "محتجين نظموا تظاهرات في منطقة الخرطوم بحري، ورددوا هتافات: لا لحكم الفرد.. في لحظة تلقى الرد.. كل الشوارع سد".
كذلك، حمل المحتجون في مدينة "ود مدني" بولاية الجزيرة (وسط)، الأعلام الوطنية، مرددين هتافات، منها: " المجد للسودان"، و"لا لحكم الفرد"، و"مدنية"، حسب شهود عيان.
كانت "لجان المقاومة" قد أعلنت، مساء الأحد، أن المظاهرات بالعاصمة الخرطوم، الإثنين، ستتوجه نحو القصر الرئاسي.
"فوضى التظاهر غير السلمي"
بدوره، أعرب مجلس الدفاع والأمن السوداني، عن أسفه على ما وصفه بالفوضى التي جاءت "جرّاء اتباع منهج العنف والخروج عن شرعية التظاهر السلمي"، داعياً الشعب السوداني إلى "التحلي بالمسؤولية تجاه أمن وسلامة البلاد، وعدم الالتفات للشائعات المغرضة تجاه أجهزة الدولة".
جاء ذلك خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن والدفاع برئاسة عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، عُقدت الإثنين، بالقصر الرئاسي في الخرطوم، بحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي للمجلس الأخير.
واجتماع المجلس جاء على خلفية مقتل ضابط شرطة برتبة عميد خلال أداء عمله، في أثناء َمظاهرات شهدتها الخرطوم، الخميس.
يُذكر أن مجلس الدفاع والأمن أعلى هيئة أمنية بالبلاد، ويتكون من أعضاء مجلس السيادة ورئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع ومدير المخابرات.
البيان أشار إلى أن "المجلس قرر استكمال إجراءات التحري والتحقيق ومحاسبة المتورطين في الأحداث (التي وقعت الخميس)، وحسم التلفيات التي تصاحب المواكب وفقاً لقانون الطوارئ".
كما قرر مجلس الدفاع والأمن السوداني تأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب؛ لمجابهة التحديات المحتملة"، دون مزيد من التفاصيل حول نوعية هذه التحديات.
بينما وجَّه المجلس، وفق البيان، "قوات الحركات المسلحة (الموقِّعة على اتفاق سلام في أكتوبر/تشرين الأول 2020) بالتجمع خارج الخرطوم والمدن الرئيسية في مناطق التجميع بغرض الحصر وإنفاذ الترتيبات الأمنية".
كانت الخرطوم قد وقَّعت اتفاق سلام مع الجبهة الثورية "حركات مسلحة تقاتل في دارفور (غرب) وجنوب كردفان والنيل الأزرق" في أكتوبر/تشرين الأول 2020، برعاية جنوب السودان.
أزمة حادة
يشار إلى أنه منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
كان البرهان وحمدوك قد وقعا، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاقاً سياسياً تضمَّن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلا أن الاتفاق لقي معارضة واسعة من قبل المحتجين.
أما في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، فاستقال حمدوك من منصبه، بعد ساعات من سقوط 3 قتلى خلال مظاهرات، وفق "لجنة أطباء السودان".
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.