تصدّر اسم عافية صديقي حديث وسائل إعلام بأمريكا، بعدما قال رجل احتجز رهائن في كنيس يهودي بولاية تكساس إنه شقيقها، وطالب بالإفراج عنها، قبل أن تقتحم قوات أمريكية الكنيس وتقتل المُهاجم، وتنتهي عملية الاحتجاز بدون إلحاق أضرار بالرهائن.
"صديقي" وهي عالمة باكستانية، بدأت قصتها في حقبة "الحرب على الإرهاب"، وذلك في مارس/آذار 2003، عندما تم اعتقال خالد شيخ محمد في مدينة كراتشي، حيث يُعتبر الرجل الثالث في تنظيم القاعدة، ومهندس هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
عقب اعتقاله اختفت "صديقي" التي تعتقد الولايات المتحدة أن لها علاقة بتنظيم القاعدة، كما اختفى أطفالها الثلاثة من كراتشي، وقالت تقارير لوسائل إعلام أمريكية، إن صديقي "أول امرأة يشتبه بعلاقتها بتنظيم القاعدة".
بعد خمس سنوات على اختفائها ظهرت "صديقي" في أفغانستان، حيث اعتقلتها السلطات المحلية في ولاية غزني جنوب شرقي البلاد.
في ليلة اعتقالها، تقول عائلتها إن "صديقي" وأبناءها الثلاثة كانوا يستعدون لمغادرة منزلهم بحي غولشان إقبال الفخم في كراتشي، متوجهين إلى المطار، عندما اعتقلهم عناصر باكستانيون وأمريكيون.
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إنه منذ سنوات ويتردد اسم "صديقي" من قبل مجموعات متطرفة، طالبت في أكثر من مناسبة بإطلاق سراحها مقابل الإفراج عن رهائن، وعرفت صديقي باسم "سيدة القاعدة".
تُشير وثائق محكمة أمريكية إلى أن "صديقي" عند اعتقالها كانت تحمل كيلوغرامين من سيانيد الصوديوم مخبأة في زجاجات كريم مرطب، كما كانت تحمل خططاً لحرب كيميائية ومخططات هندسية لجسر بروكلين ومبنى إمباير ستيت في نيويورك.
عقب اعتقالها سلمتها السلطات الأفغانية إلى القوات الأمريكية التي بدأت في التحقيق معها، وقال شهود عيان إنه خلال التحقيق أمسكت ببندقية وأطلقت منها النار على عملاء أمريكيين، بينما كانت تصرخ "الموت لأمريكا" و"أريد أن أقتل جميع الأمريكيين"، ولم يصب أي من الجنود ولكنها هي نفسها أصيبت بجروح.
بعد ذلك مثلت "صديقي" أمام محكمة في الولايات المتحدة، وحكم عليها في العام 2010 بالسجن 86 عاماً بتهمة الشروع في القتل، وليس للاشتباه بعلاقتها بتنظيم القاعدة.
لا تزال جوانب كثيرة من قضية عافية صديقي غير واضحة ومن بينها: أين كانت صديقي في الفترة منذ اختفائها في 2003 وحتى ظهورها مرة ثانية في 2008 وحتى قاضي المحكمة الأمريكية ريتشارد بيرمان أقر في حكمه، بأنه "لم يتحدد مطلقاً سبب وجود صديقي وابنها في أفغانستان".
كانت "صديقي" قد عاشت في كنف عائلة من صفوة المجتمع، ولم يكن في حياتها ما يدل على أنها ستنتهي إلى هذا المصير، بحسب الوكالة الفرنسية.
السيدة أمضت طفولتها ما بين باكستان وزامبيا، وعندما بلغت 18 عاماً توجهت إلى تكساس حيث يعيش شقيقها، قبل أن تلتحق بالدراسة في معهد ماساشوستس المرموق للتكنولوجيا، وحصلت على شهادة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة برانديز.
في فترة التسعينيات رتبت عائلتها زواجها بأمجد خان، وهو طبيب كان يعيش في كراتشي وانضم إليها بالولايات المتحدة، وفي أثناء دراستها كرست نفسها للعمل الخيري وتوزيع نسخ من المصحف في الجامعة التي كانت تدرس فيها.
ابتداء من 2001 بدأت عافية وزوجها يظهران على رادار مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، بسبب تبرعاتهما لمنظمات إسلامية، وشراء نظارات ليلية، وكتب حول الحرب وغيرها من المعدات بقيمة 10.000 دولار باسم زوجها.
في العام التالي عاد الزوجان إلى باكستان، وطلبت "عافية" الطلاق، ويشتبه مسؤولون أمريكيون في أنها تزوجت بعد ذلك عمار البلوشي ابن شقيق خالد شيخ محمد، رغم أن عائلتها تنفي ذلك.
يعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين أيضاً، أن عافية صديقي عملت مع القاعدة منذ فترة وجودها في الولايات المتحدة، وأمضت الأعوام من 2003 حتى 2008 بأفغانستان مع عائلة البلوشي الذي اعتقل في 2003 وقضى فترة سجن في غوانتانامو.
لكن عائلة عافية صديقي تنفي ذلك، بينما قال الجنرال برويز مشرف، الحاكم العسكري لباكستان في ذلك الوقت، إن باكستان لم تسلمها إلى الولايات المتحدة.