مئات الجثث لمقاتلي داعش في ليبيا “تنتظر” أن تُدفن منذ 2016! تتحلل داخل حاويات وتصدر منها روائح كريهة

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/13 الساعة 22:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/13 الساعة 22:42 بتوقيت غرينتش
حاويات بها جثث لمقاتلي داعش" - رويترز"

تتحلل مئات من جثث مقاتلي "داعش" الذين قُتلوا في معارك قبل سنوات، بالثلاجات (البرادات) خارج مدينة مصراتة الليبية، في الوقت الذي تدرس فيه السلطات الأمر وتبحث عن حلول، إذ يمثل مصير الجثث تذكرة قاسية بحالة الفوضى التي كان من المفترض أن تعالجها الانتخابات التي لم ترَ النور.

كانت الحكومة المعترف بها دولياً جمعت الجثث من ساحات القتال والقبور غير الرسمية في 2016، لكن لم يتم الاتفاق على طريقة أو مكان لدفنها، ومازالت 742 جثة مخزنة في زاوية يعلوها الغبار بمجمع في جنوب شرقي مصراتة.

بدأت تتحلل وتنبعث منها روائح كريهة

استمر الصراع في ليبيا، وتبدلت خطوط المواجهة، وتغيرت الحكومات والأوضاع في الأزمة المالية، وبمرور الوقت، بدأت الجثث تتحلل، مع انقطاع الكهرباء عن حاويات التبريد.

في المجمع الذي تديره وحدة شرطة وتحيط به أسوار وكاميرات مراقبة أمنية، تفوح رائحة الجثث المتحللة، وتنمو الأعشاب بين الحاويات وتقف خيمة الطب الشرعي المهجورة تحت أشعة الشمس.

صلاح أحمد، من وحدة الشرطة التي تدير المجمع، قال بهذا الخصوص: "انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة يزيد الوضع سوءاً و(ينشر) الرائحة الكريهة".

كان الغرض من تجميعها في الأصل هو تحديد هوية أصحابها ودفنهم بشكل مناسب. لكن، حتى المقاتلين الذين تم التعرف عليهم من خلال الوثائق أو بمساعدة رفاق سابقين، لم تهتم الدول الأجنبية أو أفراد الأسر بتسلم جثثهم، تاركين الأمر لحكومة طرابلس.

بينما فشلت خطة تتضمن تخصيص مقبرة في مدينة سرت، التي سيطرت عليها "داعش" في 2015 وظلت في قبضتها لأكثر من عام، عندما تغيرت خطوط المواجهة.

فقد تعثرت خطة أخرى لدفنهم في مقبرة مخصصة أصلاً للمهاجرين الذين لقوا حتفهم في أثناء محاولة المرور عبر ليبيا إلى أوروبا. وكان السبب هذه المرة أن المقبرة لم تكن كبيرة بما يكفي.

تقول وحدة الشرطة التي تدير المجمع، إن الحكومة المؤقتة خصصت ميزانية لدفن الجثث قريباً. لكن لم يتم الإعلان عن موعد محدد أو مكان للدفن.

بينما لم ترد حكومة الوحدة الوطنية على طلب للتعليق.

فالسلطات في طرابلس لديها أولويات أخرى وسط صراع سياسي أجهض الانتخابات، وتنافس مستمر بين قوى محلية يفرض كل منها سيطرته على جزء خاص به.

فيما كانت الأنظار تتطلع إلى الانتخابات، التي كان يُفترض إجراؤها في الشهر الماضي، على أنها طريق محتمل للمضي قدماً، بما يمنح حكام ليبيا الجدد تفويضاً أكثر وضوحاً للتعامل بشكل حاسم، مع الآثار المروعة للحرب. لكن الانتخابات لم يُكتب لها الحياة ولم تُجرَ قط، وسط خلافات بين الفصائل المتنافسة حول القواعد الأساسية الحاكمة لها.

متشددون استغلوا الفوضى

انهارت ليبيا بعد انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي، عندما دبَّت الخلافات بين الجماعات المتمردة المنتصرة وتنازعت الفصائل السياسية على السيطرة على ثروات الدولة.

في خضم هذه الفوضى، ومن رحم انتفاضات الربيع العربي بأماكن أخرى، ظهرت موجة جديدة من التشدد، وبدأ أنصار تنظيم "داعش" في شن هجمات والاستيلاء على أراضٍ، من بينها مدينة سرت، مسقط رأس القذافي.

تسلل مئات من المؤيدين الأجانب للجماعة إلى ليبيا؛ على أمل الانضمام إلى المقاتلين المحليين الذين احتشدوا لنُصرة قضيتها.

كان عَلم "داعش" الأسود وهو يرفرف فوق مدينة رئيسية في ليبيا، رمزاً لانهيار البلاد، بالنسبة لكثيرين.

عندما انتصرت القوات الموالية للحكومة على الجماعة في سرت أواخر 2016، بعد أشهر من القتال، تُركت مئات من جثث المسلحين تحت الأنقاض أو في قبور حفرها رفاقهم على عجل.

فيما عدا حادث إطلاق نار كبير بطرابلس في 2019، اقتصر نشاط تنظيم "داعش" منذ ذلك الحين على غارات صغيرة على بلدات صحراوية نائية، لكن بعض الخبراء يحذّرون من أن أي تكرار لحرب كبيرة قد يمنحه مساحة للعودة.

من جهتها، أمرت الحكومة السابقة بجمع الجثث من تحت الأنقاض واستخراجها من المقابر الجماعية؛ للتعرف على هوية أصحابها وإعادتها إلى بلدانهم الأصلية أو لعائلاتهم الليبية.

كذلك، كانت تريد جمع أدلة على تدفق الجهاديين الأجانب إلى ليبيا.

في حاجة لحل سريع

اعتماداً على الوثائق والصور، والتحدث إلى مسلحين أسرى، حددت السلطات هوية أكثر من 50 جثة، معظمها لأشخاص من دول عربية وإفريقية، ولكنها حددت أيضاً بصورة مبدئية، هوية امرأة بريطانية وطفل فرنسي.

تقول الشرطة، التي أصبح الحفاظ على الجثث في عهدتها، إنها تأمل أن تتمكن الحكومة المؤقتة من إيجاد حل سريع. فأربع من وحدات التبريد العشر لا تعمل حالياً. 

عندما يحدث ذلك، يتعين نقل الجثث إلى وحدات تبريد غير معطلة.

على الرغم من أن ليبيا منتج رئيسي للنفط، فإن الفوضى السياسية قوَّضت البنية التحتية، وضمن ذلك إمدادات الطاقة.

قال أحمد إنَّ "حفظ الجثث في البرادات (الثلاجات) مكلف ومرهق. الظروف غير مناسبة".

تحميل المزيد