أعلنت وزارة الداخلية التونسية، الخميس 13 يناير/كانون الثاني 2022، وضع شخصين تحت "الإقامة الجبرية"؛ لتورُّطهما في "تهديد خطير" للأمن العام، دون أن تكشف عن هويتهما، مكتفية بالقول إن "أحدهما مشمول بالبحث في ملف ذي صبغة إرهابية منشور لدى القضاء".
يأتي هذا بعد أن وضعت الداخلية، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، شخصين تحت الإقامة الجبرية هما وزير العدل الأسبق نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، وفتحي البلدي موظف كبير سابق في الداخلية.
فيما أسندت الوزارة إجراءها إلى "القانون المنظم لحالة الطوارئ، خاصةً الفصل الخامس من الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 يناير (كانون الثاني) 1978، الذي يخول وضع أي شخص تحت الإقامة الجبرية؛ حفاظاً على الأمن والنظام العامَّين".
كما أكدت "حرصها على التقيد بالضمانات المكفولة بمقتضى الدستور والتشريع النافذ، خاصة من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصحية اللازمة للمعنيين بهذا القرار".
في الجهة المقابلة، اعتبرت منظمات حقوقية دولية ومحلية أنَّ وضع البحيري تحت الإقامة كان إجراءً تعسفياً، في حين اعتبرت الداخلية إجراءاتها قانونية.
احتقان مستمر ودعوات للتظاهر
تأتي هذه القرارات في وقت مازال فيه الاحتقان السياسي على أشدِّه في البلاد، فقد دعت 3 أحزاب تونسية، الخميس، إلى المشاركة في مظاهراتٍ الجمعة؛ احتفالاً بالذكرى الـ11 للثورة، رفضاً لقرارات الحكومة بمنع التجمع والتظاهر.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك لأحزاب "التيار الديمقراطي" (22 نائباً/217 بالبرلمان)، و"الجمهوري"، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، وشخصيات سياسية، عشية مظاهرات مرتقبةٍ، الجمعة؛ لإحياء ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011.
هذه الدعوة تأتي على الرغم من إقرار الحكومة التونسية منع تجوال ليلي وإلغاء أو تأجيل كافة التظاهرات في الفضاءات المفتوحة والمغلقة بداية من الخميس ولمدة أسبوعين قابلة للتجديد، ضمن إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا.
الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري"، عصام الشابي، قال إن "قرار منع التظاهر في 14 يناير خطوة تؤشر وتدل على تراجع الحقوق والحريات منذ إعلان إجراءات 25 يوليو (تموز)، والغاية منها التصدي للغضب الشعبي ورفض الحكم الفردي وجمع السلطات".
كما أضاف خلال المؤتمر: "المعارضة تؤكد تمسُّكها بحقها في التعبير والتظاهر والتصدي للحكم الفردي، ونحمّل مسؤولية أي قمع غداً لرئيس الدولة (قيس سعيّد) ووزير الداخلية (وفيق شرف الدين) في صورة استعمال العنف وقمع المتظاهرين".
ثم أردف: "ندعو إلى الحوار والتوافق على حلٍّ وطني، وهو ما يرفضه رئيس الدولة، ومعادلة إنقاذ تونس، بيد الشعب التونسي دون من سواه".
قمع الحريات
من جانبه، شدد غازي الشواشي، الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي"، أن "تونس تعيش في نظام بصدد قمع الحريات، والتعلل بالوضع الصحي لإصدار قرار منع التظاهر، سياسي بشكل واضح".
قبل أن يستطرد: "أملنا غداً أن يكون الأمن جمهورياً ولا يكون مجرد آلة لخدمة أجندة وأهداف السلطة القائمة".
بدوره، أفاد خليل الزاوية، رئيس حزب "التكتل"، بأنَّ "منع التظاهر بناء على خطورة الوضع الصحي أمر غير واقعي وقرار سياسي واضح، سياسة القمع واضحة وتضع الغطاء الصحي شماعة لها من قبل القائمين على السلطة".
يُذكر أنه منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، على خلفية إجراءات استثنائية، أبرزها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
بينما ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس تلك الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، فيما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987ـ2011).