بريطانيا تتراجع عن قرارها ترحيل شاب سوري بحجة أن بلاده آمنة.. احتجاجات دفعت لندن لتغيير موقفها

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/14 الساعة 11:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/14 الساعة 11:45 بتوقيت غرينتش
مخاوف لدى لاجئين سوريين في أوروبا من خطوات مماثلة لما فعلته الدنمارك - رويترز

بعد رفض الداخلية البريطانية طلبَ لجوء قدَّمه لاجئ سوري يبلغ من العمر 25 عاماً، بدعوى أنه "لا يواجه تهديداً بالاضطهاد أو خطراً حقيقياً بالتعرض لأذى جسيم" سادت حالة من الخوف والقلق لدى السوريين، كما اندلعت احتجاجات شديدة ضد القرار أفضت في الأخير إلى تراجع الداخلية البريطانية في نهاية المطاف وتأكيدها أنها لم تقصد برفض الطلب أنها مؤيدة لعودة اللاجئين إلى سوريا، حيث إنها لا زالت "غير آمنة".

موقع Middle East Eye البريطاني قال إن الجدل حول الواقعة أثار مخاوف بين كثيرٍ من اللاجئين السوريين الذين باتوا قلقين من أن ينتهي الأمر بالمملكة المتحدة بالسير على مثال الدنمارك، التي أصبحت العام الماضي أول دولة أوروبية تلغي تصاريح الإقامة للاجئين السوريين، استناداً إلى مزاعم بأن دمشق والمناطق المحيطة بها صارت آمنة بما يكفي للعودة إليها.

في هذا السياق، قال عبد العزيز الماشي، وهو لاجئ سوري يعيش في لندن، لموقع MEE، إن تغيير الدنمارك لسياستها في التعامل مع اللاجئين، ورسالة الرفض التي أرسلتها الداخلية البريطانية إلى الشاب السوري، الذي كان يحاول تجنُّب التجنيد العسكري الإجباري في بلاده، كلها أمور مقلقة للغاية، وأضاف الماشي: "نحن اللاجئين السوريين استفضنا في الحديث عن هذا مؤخراً، ولكي نكون صادقين، فنحن نشعر بالخطر الآن. لأننا لم نعد نثق بما تقوله وزارة الداخلية البريطانية، وإذا كانت لديهم أي نية لإعادة اللاجئين، فلا شك في أن هذا ستطال تداعياته جميع اللاجئين السوريين داخل المملكة المتحدة"، وشدد الماشي على أنه "لا يوجد أي منطقة في سوريا يمكن اعتبارها منطقة آمنة".

"الأمر جد لا يحتمل الاستخفاف به"

في وقت سابق من هذا الأسبوع، وبعد أن أصدرت صحيفة The Guardian البريطانية تقريراً عن رسالة الرفض التي أرسلتها وزارة الداخلية لطلب اللجوء، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة Refugee Action الحكومة البريطانية للتراجع عن قرارها، محتجَّين بأن تصنيف اللاجئين والزعم بأن بعضهم يمكن أن يعود إلى بلاده، سيكون له تداعيات جسيمة على اللاجئين السوريين الذين يعيشون في بلدان أخرى.

على أثر ذلك، نشرت وزارة الداخلية البريطانية تغريدة على موقع تويتر يوم الثلاثاء 11 يناير/كانون الثاني، قالت فيها: "في ظل الظروف الحالية، فإننا لن نعيد الناس إلى سوريا. تتفق حكومة المملكة المتحدة مع ما قررته الأمم المتحدة من أن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة الناس إليها".

ومع ذلك، فإن الحادثة كان لها وقع الصدمة المخيفة على اللاجئين السوريين.

يقول عبد العزيز الماشي إن الغالبية العظمى من السوريين فرَّت من بشار الأسد والديكتاتورية في سوريا. ومع ذلك، فإن بشار لا يزال في السلطة، وقد استعاد أجزاء كثيرة من سوريا، ما يعني أنه لا يمكنك إعادة الناس للوقوع تحت سيطرته. وأضاف: أنا أحد المعارضين، ومن ثم إذا أعدتني إلى سوريا، فسوف أُعدم بالتأكيد عند وصولي، "فالأمر جد لا يحتمل الاستخفاف به".

وأضاف الماشي: "الأمر لا يتعلق هنا بمسألة سياسية، بل بحق من حقوق الإنسان. هذه القرارات تتلاعب بحياة عشرات الآلاف من اللاجئين، وهذا أمر مقلق حقاً لنا جميعاً".

بيانات الأمم المتحدة عن اللاجئين السوريين 

تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 6.6 مليون سوري أُجبروا على الفرار من البلاد منذ عام 2011، ولا يزال 6.7 مليون شخص آخر نازحين داخلياً. وقد أدى الصراع إلى مقتل ما لا يقل عن 350 ألف شخص.

ومع ذلك، فقد بدأت بريتي باتيل، وزيرة الداخلية البريطانية، في فرض قيود أشد صرامة على عمليات اللجوء، منها إدخال تشريع جديد شديد القسوة يتضمن السجن لمعاقبة المهربين المتورطين في نقل طالبي اللجوء إلى البلاد، كما تبنت اقتراحاً بتصنيف اللاجئين وبناء مراكز لاحتجازهم خارج البر الرئيسي للبلاد.

في المقابل، تقول زينة رحيّم، وهي صحفية سورية تعمل مع معهد صحافة الحرب والسلام، لموقع MEE: إن "الاعتقال والخطف والقتل العرضي والمتعمَّد والاغتيالات هي مخاطر يومية" يواجهها العائدون إلى سوريا، وتساءلت زينة باستنكار: "العودة إلى أين؟ سوريا الآن منقسمة بين قوى عديدة: إيرانية وروسية وتركية ومجموعات متطرفة، فالسؤال إذن إلى أي مكان بالضبط يجدر بالسوريين العودة؟".

ويشار إلى أنه في وقت سابق حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من ترحيل السوريين المعارضين لبلادهم كما أصدرت تقريراً وثق الانتهاكات التي واجهها اللاجئون بعد عودتهم إلى سوريا 2017 و2021.

وأفاد التقرير الذي عنوته المنظمة بـ "حياة أشبه بالموت" بأن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين، بعد تسجيل شهادات لـ 65 شخصاً تعرضوا للانتهاكات، من بينهم 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و13 حالة تعذيب، وثلاث عمليات اختطاف، وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة اختفاء قسري، وحالة عنف جنسي.

تحميل المزيد