طالبت أكثر من سبعين عائلة في مدينة أعزاز في شمالي سوريا، الجمعة 7 يناير/كانون الثاني 2022، بالكشف عن مصير أفرادها من مفقودين ومعتقلين في سجون نظام بشار الأسد، مناشدة المجتمع الدولي التحرّك للبتّ في الملفّ الذي يعدّ من أكثر ملفات النزاع السوري تعقيداً.
منذ بدء الاحتجاجات في البلاد عام 2011 دخل قرابة مليون شخص إلى سجون ومراكز اعتقال تابعة للنظام، وقضى نحو 105 آلاف منهم تحت التعذيب أو نتيجة ظروف اعتقال مروعة، فيما يوجد عشرات الآلاف في عداد المغيبين قسرياً، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
داخل مغلّف وضعت لمى عنداني رسالة كتبتها، وطالبت فيها بمعرفة مصير زوجها المعتقل منذ أكثر من تسع سنوات، ثمّ علقتها على جدار في ساحة وسط مدينة أعزاز، إلى جانب عشرات الرسائل المماثلة التي كتبها ذوو معتقلين ومفقودين، في إطار نشاط نظمته منظمة "تستقل" غير الحكومية، التي تُعنى بتمكين النساء والشباب.
تقول لمى، وهي نازحة من مدينة حلب، شمالي سوريا، للوكالة الفرنسية: "أحلم برؤية زوجي المعتقل.. ومعرفة ما هو مصيره".
تضيف المرأة التي اقتيد زوجها في دمشق، في سبتمبر/أيلول 2012، إلى فرع المخابرات الجوية ولم يعد من بعدها: "جئنا بهذه الوقفة لعلّ أصواتنا تصل إلى المجتمع الدولي"، ولكي لا يبقى الملف "طي النسيان".
تمكنت لمى التي اعتقلتها السلطات السورية عندما كانت تبلغ 15 عاماً عام 1981 لتسع سنوات، من متابعة بعض الأخبار عن زوجها عبر وسطاء لمدة عام ونصف العام، قبل أن تنقطع أخباره عنها بشكل تام.
السيدة أضافت بحرقة: "أعرف ماذا يعني أن تكون معتقلاً يموت مئة مرة في اليوم الواحد".
إلى جانب لمى تناوب عشرات الأشخاص، في مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية، على كتابة تمنياتهم بمعرفة مصير أقاربهم في سجون الأسد، وعلّقوها على الجدار الذي كُتبت عليه عبارة "المعتقلون جرحنا المفتوح".
على الجدار ذاته، خطّ الرسام عزيز الأسمر جدارية تضامن مع المعتقلين، وقال إنهم سيواصلون مطالبة الجهات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان "بالمساعدة في كشف مصير المعتقلين ومعاقبة معتقِلهم وهو نظام بشار الأسد".
كانت صور قد سُربت من مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف باسم "قيصر" من داخل معتقلات النظام، قد أثارت صدمة عالمية.
وثقت الصور وعددها 55 ألف صورة التعذيب والانتهاكات في سجون النظام السوري بين 2011 و2013، وأظهرت آلاف المعتقلين الذين ماتوا جراء التعذيب الذي كان بادياً بشكل واضح على أجسادهم.
إلى جانب الصور، أدلى معتقلون ناجون وعائلات معتقلين آخرين بشهاداتهم المروعة عما يجري في سجون النظام، الذي اتهمته منظمات حقوقية بإعدام عشرات آلاف في السجون، إلا أنه رغم كل ذلك لم يتم إحراز أي تقدّم في هذا الملف الشائك.
كذلك لم تفلح محاولات الأمم المتحدة في إطار مفاوضات جنيف، في تحقيق أي تقدم فيما يخص الكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين أو المخفيين في سجون الأسد.