دعا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، السبت 8 يناير/كانون الثاني 2022، مواطني بلاده إلى الدخول في عصيان مدني ضد الرئيس قيس سعيد، و"إسقاطه" قبل 25 يوليو/تموز المقبل.
إذ قال المرزوقي، في بيان: "لم يعُد يخفى حتى على مناصريه (سعيد) أن انقلاب 25 يوليو/تموز كان دواء أمرّ من الداء، وعوض أن يأتي للبلاد بالحلول التي كانت بأمس الحاجة إليها دفع بمشاكلها إلى مستوى غير مسبوق من الخطورة".
المرزوقي أضاف: "انجرفت البلاد في أقل من نصف سنة إلى انقسام الشعب وانهيار الاقتصاد وتهديد القضاء وعودة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتردي صورة تونس في العالم وخاصة إلى تفاقم أزمة نفسية ومعنوية لم يشهد الشعب لها مثيلاً".
فيما أردف: "يخطئ من يتصور أن مثل هذا الوضع لن يزداد سوءاً؛ نظراً لعجز المنقلب (سعيد) عن إدارة شؤون الدولة".
"دستور استبدادي"
كما اعتبر المرزوقي (76 عاماً) أنه "إذا تم الاستفتاء (دعا إليه سعيد) على دستور استبدادي جاهز ومعلوم النتيجة سلفاً كما هو الحال في كل الديكتاتوريات، وإذا انطلق الأخ القائد بعده مباشرة في تغيير القانون الانتخابي للانتقال من النظام الجمهوري الديمقراطي إلى نظام جماهيري استبدادي فوضوي، فإن الدولة ستنهار والشعب سيغرق في المعارك السياسية".
في حين تابع: "أدعو إلى مشاركة أكبر عدد ممكن من التونسيين والتونسيات في المظاهرات المقررة بالعاصمة تونس وفي كل أنحاء تونس يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري ضد قرارات قيس سعيد، بمناسبة ذكرى انتصار الشعب على الديكتاتورية (ذكرى ثورة 2011)".
كذلك مضى قائلاً: "لتكن هذه الاحتجاجات الشعبية انطلاق عصيان مدني يستعمل كل وسائل المقاومة المدنية السلمية لإجبار المنقلب على الاستقالة وفرض الشرعية والنظام الديمقراطي وعلوية الدستور وعودة السيادة الحقيقية للشعب عبر تنظيم انتخابات حرة ونزيهة رئاسية وتشريعية تعيد لتونس الاستقرار والاستثمار والازدهار".
"نقطة اللاّعودة"
بينما يرى الرئيس التونسي الأسبق أنه لا يوجد خيار أمام الشعب "حتى لا يصل نقطة اللاّعودة فقراً واستبداداً وفوضى غير إنهاء رئاسة شخص غير سويّ عقلياً خرج فجأة من المجهول لتدمير الدولة والمجتمع، كما خرج من المجهول فيروس كورونا لبث المرض والموت".
فيما قال: "إنها مهمة ومسؤولية المؤسسة العسكرية والأمنية، فهما في حلّ قانونياً وأخلاقياً ووطنياً من إطاعة منقلب خرج على الشرعية ومن ثم فقد كل أسباب طاعته خاصة وهو بصدد تدمير الدولة تحت أعينهما، ناهيك عن التفويت في السيادة الوطنية بالتبعية المفضوحة لدول حاربت ثورتنا وتريد تقزيمنا وجعلنا في مستواها السياسي المتخلّف".
يشار إلى أن المرزوقي يعد أحد أهم المعارضين البارزين للقرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس التونسي الحالي قيس سعيد، والتي أثارت ضجة واسعة وانقساماً حاداً.
إجراءات استثنائية
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية للرئيس سعيد، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
أما في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس سعيّد عن رزنامة مواعيد للخروج من "المرحلة الاستثنائية"، تبدأ بما سمّاه "الاستشارة الشعبية الإلكترونية"، وتنتهي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 بانتخابات مبكرة، وتنظيم استفتاء يوم 25 يوليو/تموز 2022.
إلا أن معارضين لسعيد يؤكدون أن إجراءاته الاستثنائية عززت صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، وأنه يسعى إلى تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
على إثر ذلك، ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).