كشفت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير لها الخميس 6 يناير/كانون الثاني 2022، أن حركة طالبان الأفغانية بدأت في إنشاء ما وصفته "كتيبة من الانتحاريين" للخدمة في جيش أفغانستان الوطني الجديد.
فقد أعلن ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة طالبان، خططاً لإنشاء وحدة من القوات الخاصة للانتحاريين بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع أنها ستؤسِّس جيشاً وطنياً مكوناً من 100 ألف مقاتل.
كما قال مجاهد لمحطة Radio Free Europe: "مجاهدونا من الكتائب الاستشهادية سيكونون جزءاً من الجيش أيضاً، لكنهم سيكونون قوات خاصة، وستكون هذه القوات تحت سيطرة وزارة الدفاع وتستخدم في عمليات خاصة".
سلاح مدمر ضد القوات الغربية
كشفت صورة ملتقطة من داخل وزارة الدفاع عن لافتةٍ معلَّقة فوق أحد المكاتب وكُتب عليها "مكتب لواء الشهيد".
كانت حكومة طالبان الأولى قد تجنبت التفجيرات الانتحارية على أساس من فتوى بتحريمها، لكن بعد إسقاط الحكومة على إثر الغزو الأمريكي في عام 2001، تبنَّت الحركة التفجيرات الانتحارية في مقاومتها للاحتلال، وأصبحت سلاحاً مدمراً في قتالها ضد القوات الغربية والحكومة الأفغانية الموالية لها.
كان محمد يعقوب، وزير دفاع حركة طالبان ونجل الزعيم الروحي المؤسس للحركة الملا محمد عمر، هو من وافق على استخدام الهجمات الانتحارية (الاستشهادية في تعريف الحركة) في عام 2003.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سراج الدين حقاني، نائب زعيم الحركة ووزير الداخلية، هو زعيم شبكة حقاني التي كانت رائدة في استخدام التفجيرات الانتحارية المعقدة والمسؤولة عن بعض الهجمات الأشد تدميراً من جهة أعداد الضحايا.
تكريم حركة طالبان للانتحاريين
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقام حقاني حفلَ استقبال فخم لأقارب القتلى الذين تعتبرهم الحركة شهداء من المفجرين الانتحاريين التابعين لها، وقال إن دماءهم هي الأساس الذي أُعيد بناء "الإمارة الإسلامية" عليه.
خلال الحفل حُجب وجهه في الصور الرسمية وهو يعطي نقوداً لعائلات المفجرين ويبذل لهم الوعود بمنحهم أراضي في الدولة الجديدة.
أما أولئك الذين فقدوا أقارب لهم في الهجمات الانتحارية التي استمرت خلال المقاومة الأفغانية على مدى عقدين، فقد استقبلوا أخبار إنشاء الوحدة القتالية الجديدة بالفزع.
إذ كتبت شهرزاد أكبر، رئيسة ما يُعرف باللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان وأحد من فروا إلى المنفى عندما سيطرت حركة طالبان على كابول في أغسطس/آب، قائلةً: "أي جحيم جديد هذا؟ لا أستطيع التوقف عن التفكير في الطلاب والمعلمين والصحفيين والعمال والأطفال وغيرهم من الضحايا الذين فقدوا حياتهم في الهجمات الانتحارية".
كما أضافت: "الأفغان يتضورون جوعاً، أما طالبان فتستثمر في إنشاء وحدات للهجمات الانتحارية. إنه أمر مروع ومفزع".
كم يبلغ عدد أفراد جيش طالبان؟
من جانب آخر، فاجأت التوقعات الخاصة بحجم الجيش الأفغاني الجديد المراقبين، فعندما سيطرت طالبان على كابول، كان لديها أكثر من 75 ألف مقاتل، بحسب التقديرات الغربية.
لكن قبل أسابيع، تحدَّث قائد جيش حركة طالبان عن أن جيش الحركة في المستقبل سيبلغ عدده 5 آلاف مقاتل فحسب، في إشارة إلى أن معظم المقاتلين العاديين سيعملون ضمن جهات إنفاذ تابعة للأمن الداخلي.
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن تعداد الجيش الأفغاني الذي هزمته طالبان في وقت قصير، كان يبلغ 300 ألف جندي على الورق، لكن ربما لم يكن موجوداً في الواقع سوى ثلث هذا العدد.
فيما يُعتقد أن البقية كانوا "جنوداً وهميين" سُجِّلوا في الوثائق لكي يجمع القادة الفاسدون رواتبهم.
أبرز خصم للحركة
من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة (ولاية خراسان)، يعد هو الخصم الأبرز لطالبان حالياً داخل أفغانستان.
فقد قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري على مطار كابول أثناء الإجلاء الفوضوي للرعايا الغربيين في أغسطس/آب، والذي أسفر عن مقتل 13 من مشاة البحرية الأمريكية ونحو 170 رجلاً من الرجال والنساء والأطفال الأفغان.
في أكتوبر/تشرين الأول، قال مسؤولو حركة طالبان في محافظة بَدَخشان شمالي البلاد إن كتيبة المفجرين الانتحاريين الحالية التابعة للحركة، والمعروفة باسم "جيش المنصور"، ستنتشر على حدود البلاد.
لكن لا يُعرف على وجه التحديد ما إذا كانت الكتيبة اتخذت أماكنها بالفعل أم لا، ولم يُكشف أيضاً عن موقف القيادة في كابول من هذا القرار.