أعلنت هيئة حقوقية تونسية، الإثنين 3 يناير/كانون الثاني 2022، أنها قابلت نائب رئيس حركة "النهضة" نور الدين البحيري، في أحد المستشفيات يتلقى العلاج، لافتة إلى أنه يخوض "إضراباً وحشياً" عن الطعام.
حيث قال فتحي الجراي، رئيس "الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب" (غير حكومية): "تقابلنا مع البحيري مساء الأحد، في مستشفى بمدينة بنزرت (شمال) صحبة وفد من المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة".
الجراي أشار إلى أن "البحيري (63 عاماً) دخل في إضراب جوع وحشي ويرفض تناول الدواء".
فيما أضاف أن "البحيري صرح لهم بأنه تم نقله من العاصمة تونس (بعد اعتقاله) إلى مركز الحرس الوطني في مدينة منزل جميل (بمحافظة بنزرت) ثم لمركز التكوين المهني الفلاحي في بنزرت حيث الإقامة الجبرية، وإلى مستشفى بنزرت لاحقاً".
"حالة اختطاف"
مضى رئيس "الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب" قائلاً إن البحيري "يعتبر نفسه في حالة اختطاف، وله طلب وحيد هو محاسبة مختطفيه".
أما بخصوص وضعه الصحي فقال الجراي إن البحيري "واعٍ لنفسه، إلا أن وضعه الصحي هش"، مؤكداً أن القيادي البارز بحركة النهضة "يعاني من مخلفات (آثار) عملية جراحية على القلب" أجراها في وقت سابق.
كان القيادي في "النهضة" رياض الشعيبي قد قال، مساء الأحد، إنه جرى نقل البحيري إلى المستشفى، وهو في "حالة خطرة جداً" و"يواجه الموت"، مضيفاً أنه "منذ ثلاثة أيام دون طعام وماء ودواء".
بينما لم يصدر تعليق من السلطات التونسية بخصوص البحيري حتى الساعة 14:15 (ت.غ)، لكن وزارة الداخلية أعلنت في بيان بالتزامن مع اعتقاله عن قرار بـ"وضع شخصين قيد الإقامة الجبرية عملا بالقانون المنظم لحالة الطوارئ وحفاظاً على الأمن والنظام العامين".
لكن الوزارة لم تكشف عن اسمي الشخصين الموضوعين قيد الإقامة الجبرية، إلا أنها أكدت حرصها على "التقيد بالضمانات المكفولة بمقتضى الدستور، خاصة من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصحية اللازمة للمعنيين بهذا القرار".
شكوى ضد قيس سعيد ووزير داخليته
من جهته، أعلن عضو هيئة الدفاع عن البحيري، المحامي سمير ديلو، خلال مؤتمر صحفي في "دار المحامي" بالعاصمة تونس، تقديم شكوى للنيابة العامة بخصوص "اختطاف" البحيري، ضد الرئيس قيس سعيد، ووزير داخليته توفيق شرف الدين.
ديلو أوضح أنه "تم تقديم عدة شكايات أخرى ضد توفيق شرف الدين كمحام لدى الاتحاد الدولي للمحامين، واتحاد المحامين العرب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (يتبع للأمم المتحدة)"، لافتاً إلى أنه سيتم التواصل مع كل الهيئات الحقوقية الإقليمية والدولية بخصوص القضية.
بدوره، قال العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني، في المؤتمر الصحفي ذاته، إن "وضعية البحيري لا نعرفها قانوناً، فهو ليس في حالة إيقاف ولا احتفاظ"، معتبراً أن "البحيري في حالة إخفاء قسري".
في حين استطرد قائلاً: "هذه الممارسات يعاقب عنها القانون الجنائي، ومن أخطر الجرائم التي ترتكب في حق الإنسان".
كانت حركة "النهضة" حمّلت، الجمعة، الرئيس قيس سعيّد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين، المسؤولية المباشرة عما اعتبرتها "عملية اختطاف" القيادي البحيري.
تعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات التونسية باعتقال أحد قيادات حركة النهضة (54 نائباً/ 217)، وهو الأمر الذي ربما يسهم أكثر في تأزم المشهد السياسي بالبلاد.
يشار إلى أن البحيري محامٍ وسياسي، وشغل منصب وزير العدل بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيراً معتمداً لدى رئيس الحكومة بين 2013 و2014.
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية للرئيس سعيد، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس ترفض إجراءات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).