قالت شبكة BBC البريطانية، في تقرير نشرته الخميس 30 ديسمبر/كانون الأول 2021، إن الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني دافع عن قراره الفرار من البلاد، في الوقت الذي كانت طالبان تطوق فيه العاصمة في وقت سابق من عام 2021، قائلاً إنه فعل ذلك لمنع تدمير كابول.
إذ استولت طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021، بعد أن سيطرت على العاصمة.
آخر يوم لأشرف غني في أفغانستان
كشف أشرف غني، في برنامج Today على إذاعة BBC Radio 4، أنه عندما استيقظ في يوم 15 أغسطس/آب 2021، لم يكن لديه أدنى فكرة حول أنَّ ذلك سيكون آخر يوم له في أفغانستان، ولم يدرك ذلك إلا عندما غادرت طائرته كابول.
تعرض غني لانتقادات شديدة واتُّهِم بالتخلي عن البلاد في ذلك الوقت. وهو الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة.
أدلى غني بهذه التعليقات في محادثة مع الجنرال السير نيك كارتر، رئيس أركان الدفاع البريطاني السابق، الذي كان ضيفاً في برنامج Today الخميس 30 ديسمبر/كانون الأول 2021.
يتذكر غني أنَّ مقاتلي طالبان، في بداية ذلك اليوم، وافقوا على عدم دخول كابول، "لكن بعد ساعتين، تغير الحال".
أوضح غني أنَّ "فصيلين مختلفين من طالبان كانا يقتربان من اتجاهين مختلفين. وكان هناك احتمال كبير بنشوب صراع بينهما يدمر المدينة ويعصف بسكانها البالغ عددهم 5 ملايين".
وافق على السماح لمستشاره للأمن القومي وزوجته بمغادرة كابول، ثم انتظر سيارة لنقله إلى وزارة الدفاع.
الاستعداد لمغادرة أفغانستان
لكن السيارة لم تأتِ قط، وبدلاً من ذلك، جاء إليه رئيس الأمن الرئاسي "المرعوب" ليقول إنه إذا اتخذ غني موقفاً معارضاً، "فسيُقتَلون جميعاً".
قال غني: "لم يمنحني أكثر من دقيقتين. كانت تعليماتي هي الاستعداد لمغادرة [مدينة] خوست. وأخبرني بأنَّ خوست سقطت وكذلك جلال آباد".
أضاف: "لم أكن أعرف إلى أين سنذهب. أقلعنا فحسب، وصار من الواضح أننا نغادر [أفغانستان]. لذلك كان هذا مفاجئاً حقاً".
في أعقاب مغادرته، تعرض غني لانتقادات شديدة من كثيرين في أفغانستان، وضمن ذلك نائبه عمرو الله صالح، الذي وصف رحيله بأنه "مشين".
لم تستولِ طالبان على السلطة بالكامل في يوم واحد. لكن كثيرين يصرون على أنَّ رحيل أشرف غني السري المفاجئ في 15 أغسطس/آب 2021، ألغى اتفاقاً وشيكاً لتأمين انتقال أكثر تنظيماً.
في كلتا الحالتين، كان من المؤكد أنَّ طالبان ستهيمن. لكن الفراغ الذي أحدثه الرجل الذي تعهد مراراً وتكراراً بـ"القتال حتى الموت"، عمّق الفوضى. بل ينتقده كثيرون على ما لم يفعله في السنوات السابقة، أكثر مما فعله في 15 أغسطس/آب 2021.
التقرير قال انه بالفعل تلقى مساعدات ضعيفة من الأمريكيين، لكنه استغل ما حصل عليه استغلالاً سيئاً.
زعيم نظري وليس سياسياً
يُنظر إليه الآن، على نطاق واسع، على أنه زعيم نظري أكثر من كونه سياسياً، ويرون أنه أخطأ في قراءة السياسة الأمريكية، والوضع الذي تفكك على الأرض أسرع مما توقعه الجميع، بما في ذلك طالبان.
سيخضع سرده الأخير للأحداث للتحليل والمناقشة والرفض لفترة طويلة قادمة.
إضافة إلى ذلك، ظهرت مزاعم بأنَّ غني قد أخذ مبالغ طائلة من المال – وهو أمر نفاه نفياً قاطعاً، ورحب بإجراء تحقيق دولي قائلاً إنه سيبرئ اسمه.
قال غني: "أؤكد تأكيداً قاطعاً أنني لم أُخرِج أية نقود من البلاد. أسلوب حياتي معروف للجميع. ماذا سأفعل بالمال؟". واعترف غني بارتكاب أخطاء، من ضمنها "افتراض أنَّ صبر المجتمع الدولي سيستمر".
اتفاق طالبان وأمريكا
لكنه أشار إلى الاتفاقية التي توصلت إليها طالبان والولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب آنذاك، والتي مهدت الطريق للأحداث التي أدت إلى 15 أغسطس/آب 2021، وقال غني: "بدلاً من عملية السلام، حصلنا على عملية انسحاب".
بموجب شروط الاتفاق، وافقت الولايات المتحدة على تقليص قواتها وقوات حلفائها، فضلاً عن النص على تبادل الأسرى، وبعد ذلك وافقت الجماعة المسلحة على إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية.
لكن لم تنجح المحادثات؛ وبحلول صيف 2021، مع وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بسحب آخر القوات بحلول 11 سبتمبر/أيلول 2021، كانت طالبان تجتاح أفغانستان، وتسيطر على مدينة تلو الأخرى.
انقلاب عنيف في أفغانستان
قال غني إنَّ ما حدث في النهاية كان "انقلاباً عنيفاً، وليس اتفاقاً سياسياً، أو عملية سياسية أخذت السكان في الاعتبار".
في اليوم نفسه الذي غادر فيه غني كابول، سيطرت طالبان على أفغانستان. ومنذ ذلك الحين، دخلت البلاد في أزمة إنسانية واقتصادية، تفاقمت بسبب إلغاء الدعم الدولي بعد استيلاء الجماعة على السلطة.
مع مرور ثلاثة أشهر، يقول غني إنه مستعد لتحمّل اللوم عن بعض الأشياء التي أدت إلى سقوط كابول، مثل الثقة بـ"شراكتنا الدولية". وأردف: "حياتي العملية تدمرت، ودُهِسَت قيمي. وصرت كبش فداء".