توتر مع الجزائر والأولوية للصحراء والتسلح.. ملفات “حارقة” سيطرت على مغرب 2021

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/28 الساعة 20:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/05 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
ملك المغرب محمد السادس مع أعضاء الحكومة (مواقع التواصل الاجتماعي)

ابتدأت سنة 2021 بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، واتفاق ثلاثي بين الرباط، وواشنطن، وإسرائيل، وانتهت بمعالجة تداعيات هذا الاعتراف على العلاقات المغربية الأوروبية والمغربية الجزائرية. 

وعرفت السنة تقلبات سياسية غير معهودة في العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي المركزية، من خلال الأزمات مع إسبانيا، فرنسا، وألمانيا، والتي دفعت الرباط إلى بحث علاقات جديدة مع بريطانيا، وكذلك مع دول شرق أوروبا الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

معركة الصحراء

في الوقت الذي اعترفت فيه أمريكا بسيادة المغرب على الصحراء، خرجت ثلاث دول صديقة للمغرب من داخل الاتحاد الأوروبي وتحركت ضد مصالح المغرب في الأمم المتحدة.

ففي 17 ديسمبر/كانون الأول 2020 طلبت ألمانيا عقد اجتماع مغلق لمجلس الأمن لمناقشة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو ما تم في 23 من نفس الشهر، وانطلقت بعدها أزمات دبلوماسية بين الرباط وبرلين ومدريد وباريس.

وسجل أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة فاس (وسط) إسماعيل حمودي أن الرباط "دخلت صراعاً دبلوماسياً مع ألمانيا باعتبارها متزعمة التحرك الأوروبي، لكن الخلاف امتد أيضاً لإسبانيا وفرنسا فهما في تقدير الرباط داعمتان للموقف الألماني".

ففي مارس/آذار 2021، قررت الرباط  "تعليق كل اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها"، ثم في شهر مايو/أيار سحب المغرب سفيره في ألمانيا بشكل نهائي؛ فيما فسر ساعتها الموقف الألماني من ملف الصحراء.

واعتبر الباحث في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أن سحب الرباط سفيرها ببرلين "خطوة دبلوماسية عادية جداً في العلاقات بين الدول ولا تدخل في خانة قطع العلاقات، وإنما هي خطوة من أجل إيجاد حل للعديد من المشاكل التي تراكمت وشكلت ترسبات في العلاقات بين البلدين، بدأت بقضية الصحراء، ومحاولة ألمانيا التأثير على الموقف الأمريكي بعد اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء".  

ولم تكن إسبانيا بعيدة عن التوتر، ففي 21 أبريل/نيسان 2021، استقبلت مدريد بشكل سري زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي للعلاج، وهو ما فضحته الرباط، وتحول إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين.

 وفي 25 من نفس الشهر أعرب المغرب عن أسفه لتصرفات الحكومة الإسبانية، واستدعى السفير الإسباني بالمملكة لطلب توضيحات حول القضية.

وفي أول مايو/أيار أصدرت الخارجية المغربية بلاغاً أعلنت فيه أن المغرب ما زال ينتظر توضيحات وتفسيرات مقنعة لموقف الحكومة الإسبانية بخصوص القضية ومسألة محاكمة المدعو إبراهيم غالي بناء على شكايات الضحايا.

تأخر  جواب مدريد دفع الرباط إلى التصعيد، ولعبت بورقتين؛ فتح الحدود مع سبتة؛ ما سمح بدخول الآلاف إلى المدينة الحدودية في 17 مايو/أيار، ثم استدعاء السفير المغربي في مدريد.

واعتبر أحمد نور الدين في تصريح لـ"عربي بوست" الخطوة المغربية "تعبيراً صريحاً عن احتجاج الرباط وعدم قبولها استدعاء إسبانيا لسفيرتها المذكورة على إثر تنقل مجموعة من المواطنين والمهاجرين الأفارقة لسبتة المحتلة".

نجحت الوساطات في تطويق الأزمة  أو هكذا ظهر عندما أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب في 20 أغسطس/آب ، حين أعلن أن الرباط تتطلع "بكل صدق وتفاؤل لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية ورئيسها بيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات".

ورغم الخطاب الملكي، ورغم إبعاد وزيرة الخارجية الإسبانية فإن العلاقات بين البلدين لم تعد بعد إلى طبيعتها.

أيضاً تعد 2021 سنة القطيعة بين الرباط والجزائر، انطلقت برفض الاعتراف الأمريكي وانتهت بالوقوف على حافة  الحرب.

وفجر سفير المغرب في الأمم المتحدة عمر هلال، غضباً جزائرياً لم يتوقف حين شبّه مطالب انفصال الصحراء عن المغرب، بمطالب انفصال منطقة القبائل عن الجزائر.

انطلق هذا الغضب من سحب سفير الجزائر من المغرب، وطرد السفير المغربي من الجزائر، وغلق الحدود، وغلق المجال الجوي، وإنهاء العمل بنقل غاز الجزائر إلى أوروبا عبر المغرب، وصولاً إلى اتهام الرئاسة الجزائرية للرباط بقتل ثلاثة سائقين والتعهد بالانتقام ومحاسبة المتورطين.

وفي قراءته لهذه الأحداث التي ميزت سنة 2021، قال أحمد نور الدين في تصريح لـ"عربي بوست"، "تميزت السنة باللغط الإعلامي والدبلوماسي وأحياناً القانوني الذي أثارته الجزائر حول قيمة الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، والذي صدر في آخر شهر من العام الذي قبله، وروجت الكثير من القنوات الدولية لاحتمال تراجع إدارة بايدن عنه، ومنها ما اعتبره قراراً فردياً ولا يكتسي قوة قانونية أو دبلوماسية".

وتابع أحمد نور الدين: "رغم الضغوط الجزائرية بما فيها تمويل لوبيات معادية للمغرب منها مجموعة من 27 سناتوراً في الكونغرس الأمريكي راسلت الرئيس بايدن في بداية ولايته لسحب قرار الاعتراف، فإن الخارجية الأمريكية ظلت تؤكد ولعدة مرات أنه لا تغيير في الموقف الأمريكي، وهذا ما يجعل من الاعتراف الأمريكي انتصاراً مزدوجاً، الأول عند توقيع القرار، والثاني عندما فشلت كل الضغوط الجزائرية، وخابت ظنون دول كثيرة كانت تتمنى تغيير الموقف الأمريكي بما في ذلك إسبانيا". 

وأفاد: "في نفس السياق يمكن أن نسجل المذكرة التي وجهتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى كل أعضائها قصد التقيد واحترام خارطة الدول العربية الرسمية التي تعترف بكل وضوح بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، وتأخذ هذه المذكرة بعداً هاماً إذا عرفنا أن قرار الجامعة العربية جاء رداً على احتجاج جزائري على خارطة المغرب، وبالتالي فالمذكرة تعتبر موقفها عربياً رسمياً موحداً ضد الأطروحة الجزائرية الداعمة للانفصال".

وزاد: "وهي خطوة تضاف إلى القرار الحاسم لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي التي أكدت هي الأخرى وقوفها إلى جانب المغرب ودعمها لمغربية الصحراء في بيانها الختامي، وهو رسالة إلى النظام الجزائري الذي يدق طبول الحرب على الحدود المغربية". 

وأضاف: "دون أن ننسى القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2602 والذي كرس المقترح المغربي كحل للصراع في الصحراء، ودعا إلى استئناف الموائد المستديرة التي تحضرها الجزائر، وهو ما اعتبرته الجزائر دعماً واضحاً للمغرب دفع بها إلى الإعلان عن مقاطعة الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة، وهذا في حد ذاته يعتبر هزيمة للدبلوماسية الجزائرية من جهة، كما يعتبر دليلاً واضحاً على أن  الجزائر تعرقل الحل السلمي وتدفع نحو التصعيد الحربي".

وخلص الباحث في العلاقات الدولية، إلى أن أمام المغرب معركتان أساسيتان، هما معركة إصدار توصية من اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة المكلفة بتصفي الاستعمار لطي ملف الصحراء نهائياً.

والمعركة الثانية أقل أهمية من الأولى ولكن يمكن أن تشكل مدخلاً لها، وهي معركة طرد جمهورية تندوف الوهمية من الاتحاد الإفريقي، لأنها ليست دولة ولا تتوفر على مقومات الدولة، بل هي مجرد تنظيم يوجد فوق أراضٍ جزائرية، والاتحاد الإفريقي ليس نادياً للمنظمات والحركات بل هو اتحاد الدول.

المغرب وسباق التسلح

خول قانون المالية المغربي لسنة 2022، إدارة الدفاع الوطني الحصول على حصة الأسد من التوظيفات الحكومية المقرر إجراؤها في السنة المالية المقبلة، عكس السنوات الماضية التي كان فيها قطاع التعليم يأخذ الأولوية الكبرى.

ووفق قانون المالية فقد تم تخصيص 40.7% من مناصب الشغل لإدارة الدفاع الوطني، بمجموع 10 آلاف و800 منصب شغل.

كما أن قانون المالية الجديد رفع من الميزانية المرصودة لـ"شراء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية" مقارنة مع قانون مالية السنة الجارية. 

ففي المادة 34 من القانون حدد مبلغ 115 ملياراً ومليون درهم كقيمة للنفقات المأذون للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني الالتزام بها خلال سنة 2022 بحساب النفقات من المخصصات المسمى شراء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية. 

من جهته، أكد التصنيف السنوي الصادر عن "غلوبل فاير باور"، المغرب هو الآخر حقق تقدم أربع مراتب خلال سنة 2021 الجارية، مقارنة بسنة 2020، ليحتل بذلك المرتبة الـ53 ضمن أقوى القوى العسكرية من أصل 138 بلداً شملها هذا التصنيف، بعدما كان يحتل في التقرير السنوي لـ2020 المركز الـ57. 

هذا الرفع من الإنفاق العسكري للمغرب، لم يعُد مرتبطاً بالشراء فقط، بل كذلك بإنشاء صناعة محلية للسلاح، وهذا كان جزءاً من الاتفاق العسكري مع أمريكا في أكتوبر/تشرين الأول، وإسرئيل في نوفمبر/تشرين الثاني2021.

ويلخص أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة فاس، إسماعيل حمودي، انخراط المغرب في سباق التسلح في 2021، في خمسة مظاهر.

المظهر الأول بحسب إسماعيل حمودي،  يتجلى في التحول نحو الصناعة العسكرية، من خلال إقرار قانون خاص، يسمح بقيام صناعة عسكرية محلية، تتم عبر القطاع العام أو شراكة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك عبر التعاون مع الخارج في هذا الباب.

وأضاف حمودي في تصريح لـ"عربي بوست"، أما المظهر الثاني، فهو التحالف العسكري والأمني مع إسرائيل، والذي انتقل بالعلاقة من  بين الجانبين من علاقة عبر الوساطة إلى علاقة مباشرة في مجالات التصنيع والتعاون الاستخباراتي، بشكل معمق.

وأوضح بخصوص المظهر الثالث، انفتاح المغرب على الصناعة العسكرية التركية، خاصة اقتناء طائرات من  دون طيار، والتي شرع المغرب في استخدامها بالصحراء.

أما المظهر الرابع فيتجلى في زيادة الاهتمام بالسلاح البحري، فالمغرب انتبه لتفوق الجزائر في البحر؛ لذلك يسعى لشراء بوارج من إيطاليا، كما يبحث شراء غواصة على الأرجح أن تكون من فرنسا.

أما المظهر الأخير، بحسب إسماعيل حمودي، فيتعلق بتجديد وتحديث العتاد الحربي عبر أمريكا سواء تعلق الأمر بالطائرات القتالية أو بالدبابات.

تحميل المزيد