أشعل جفاف نهر متدفِّق بالقرب من مدينة أصفهان القديمة احتجاجات شعبية على على إدارة الدولة لموارد المياه، في الوقت الذي تشهد فيه إيران أسوأ موجة جفاف منذ عقود.
فقد خرج آلاف الإيرانيين إلى مجرى نهر الجاف خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2021، احتجاجاً وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تدخُّل رجال الأمن، حاملين لهراوات لقمع الحشد، ولُطِّخَت وجوه البعض بالدماء، بمن فيهم امرأةٌ في منتصف العمر ترتدي شادور أسود، حسبما رصدت وكالة Bloomberg الأمريكية الأحد 19 ديسمبر كانون الأول 2021.
ومع ارتفاع حرارة الكوكب خلال منتصف القرن، من المُرجَّح أن تشهد إيران فترات أطول من درجات الحرارة المرتفعة للغاية؛ بالإضافة إلى فترات الجفاف والفيضانات الأكثر تكراراً، وفقاً لدراسة أجريت عام 2019 ونشرت في Nature العلمية.
احتجاجات شديدة
حيث اندلعت اشتباكات خطيرة هذا الصيف في مقاطعة خوزستان، بعد أن أدت عقود من استغلال النفط إلى تجفيف الأراضي الرطبة وتدمير التربة التي كانت خصبة في الماضي.
تقول طاهرة، الناشطة البيئية التي شاركت في احتجاجات أصفهان، وطلبت عدم استخدام اسمها الكامل خوفاً من الانتقام: "مياه الشرب لدينا تزداد سوءاً والمزارعون يفقدون مصادر رزقهم".
كما قالت مقارنة الحاضر بالماضي: "لا أستطيع أن أنسى رائحة النسيم التي كانت تنطلق من النهر عندما كنت أسير إلى المدرسة وأنا طفلة. الآن لا يمكنني الشعور بها إلا في أحلامي".
ومع اشتداد الصراع بين إيران والولايات المتحدة، تنامت مشاعر الإحباط بشأن ردِّ فعل قادة البلاد على العقوبات المعوِّقة للاقتصاد؛ حيث انخفض الدعم العام إلى مستوى قياسي.
الآن تشكِّل الأزمة التي تختمر منذ فترة طويلة حول ندرة المياه، نتيجة عقودٍ من التوسُّع الصناعي غير المنضبط، تحدياً يمكن أن يطغى على معركة طهران مع واشنطن حول كيفية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
أزمة تهز البلاد
وتنتشر الأنباء حول أزمة المياه في كلِّ مكان في إيران. تصدر الوكالات التي تديرها الدولة عناوين الصحف اليومية حول الانخفاضات الهائلة في هطول الأمطار، وانهيار السدود، ونضوب مخازن المياه الجوفية والسطحية.
كما حذَّرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية من أن أكثر من 300 بلدة ومدينة تواجه الآن ضغطاً مائياً حاداً. ويقدِّر خبراء الأرصاد الجوية التابعون للحكومة أن 97% من البلاد متأثرة بالجفاف، بينما يقول أحد الأكاديميين إن 20 مليون شخص أُجبِروا على الانتقال إلى المدن لأن الأرض جافة جداً.
كذلك سجَّلَت العديد من السدود مستوياتٍ قياسية من التبخر هذا العام، مِمَّا تسبَّب في انقطاع التيار الكهربائي في ذروة أحد أكثر فصول الصيف حرارة على الإطلاق. وانخفض تساقط الثلوج، الذي يمثِّل 70% من المياه في نهر زاينده، ما يقرب من 14% بين عاميّ 2017 و2020.
بعد ذلك، لجأ الناس أيضاً إلى حفر الآبار بشكلٍ غير قانوني للبحث عن المياه التي يمكنهم الحصول عليها، حيث قال مسؤولٌ سابق في شركة المياه الإقليمية التي تديرها الدولة إن المزارعين في أصفهان حفروا أكثر من 10 آلاف بئر غير قانونية في السنوات الأخيرة.
فيما تقول سوزان شمير، الأستاذة المشاركة في قانون المياه والدبلوماسية في معهد IHE Delft لدراسات المياه في هولندا، إن تطبيق سياسات تقنين المياه ووقف الحفر غير القانوني قد يؤدِّي إلى مزيدٍ من الاضطرابات.
رغم ذلك لا تزال إيران، سادس أكبر منتجٍ في العالم لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحتباس الحراري، غير متحمِّسةً للغاية للانضمام إلى الجهود العالمية للحدِّ من الانبعاثات أو الاستثمار في تدابير للحفاظ على المياه.