تظاهر الآلاف، الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول 2021، في العاصمة السودانية الخرطوم، رفضاً للاتفاق السياسي الموقع بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والمطالبة بالحكم المدني الديمقراطي.
تتزامن المظاهرات التي انطلقت في الخرطوم ومدن سودانية أخرى مع الذكرى السنوية الثالثة للاحتجاجات، التي أطلقت انتفاضة شعبية أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، إلا أن فئة عريضة من السودانيين ترى أن مطالب الثوار لم تتحقق رغم مرور 3 سنوات.
"لا لحكم العسكر"
ردد المتظاهرون الذين يحملون الأعلام الوطنية شعارات تندد بإجراءات قائد الجيش، التي اتخذها في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والاتفاق السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
كما رفع المتظاهرون لافتات مكتوباً عليها "لا تفاوض"، و"لا شراكة"، و"لا مساومة"، "لا لحكم العسكر"، و"الشعب أقوى والردة مستحيلة"، "والثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب"، و"نعم للحكم المدني الديمقراطي"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضاً لإجراءات استثنائية، تضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وعزل رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، واعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها "انقلاب عسكري".
إذ وقّع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معاً لاستكمال المسار الديمقراطي.
إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق باعتباره "محاولة لشرعنة الانقلاب"، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.
الجيش يغلق الطرق والجسور
فيما أغلقت قوات الأمن السودانية الطرق والجسور الرئيسية في الخرطوم، الأحد، تحسباً لاحتجاجات على انقلاب السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، التي استمرت حتى بعد إعادة رئيس الوزراء إلى منصبه.
أغلقت قوات الأمن الطرق الرئيسية المؤدية إلى المطار، ومقر قيادة الجيش، وكذلك أغلب الجسور التي تربط الخرطوم بمدينتي الخرطوم بحري وأم درمان على الضفة الأخرى من نهر النيل.
بينما يعتزم المحتجون تنظيم مسيرة صوب القصر الجمهوري في وسط الخرطوم، حيث انتشرت قوات الأمن ووحدات من الجيش وقوات الدعم السريع.
كما أظهرت صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بدء الاحتجاجات في مدن أخرى غير الخرطوم، منها بور سودان على البحر الأحمر، ومدينة الضعين في إقليم دارفور الغربي. وستكون تلك تاسع مرة تنظم فيها مظاهرات احتجاجاً على الانقلاب، حسب ما ذكرته وكالة رويترز.
"وحدة السودان في خطر"
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك استبق مظاهرات الأحد بكلمة، قال فيها يوم السبت 18 ديسمبر/كانون الأول، إن استقرار السودان ووحدته في خطر، ودعا إلى "التوافق على ميثاق سياسي" لحماية مستقبل البلاد، وسط احتجاجات حاشدة على الانقلاب العسكري.
كما أضاف حمدوك "نواجه اليوم تراجعاً كبيراً في مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقي لنا وطناً ولا ثورة". واعترف حمدوك بفشل محاولات الوساطة السابقة، لكنه دعا إلى "التوافق على ميثاق سياسي".
قال أيضاً: "مبلغ الأسف أن هذه المبادرات جميعها قد تعثرت بفعل التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة".
أضاف حمدوك "أود في هذه السانحة أن أجدد دعوتي لكافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي، بضرورة التوافق على ميثاق سياسي يعالج نواقص الماضي، وينجز ما تبقى من أهداف الثورة".