توصّلت تجارب معملية إلى أنَّ متحور "أوميكرون" يتضاعف أسرع بنحو 70 مرة من النسخ الأصلية ونسخة "دلتا" من فيروس كورونا المستجد، في عينات الأنسجة المأخوذة من الشُّعب الهوائية، وهي الأنابيب الرئيسة الممتدة من القصبة الهوائية إلى الرئتين.
ووجدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة The Guardian البريطانية، وأجراها فريق من جامعة هونغ كونغ، للمساعدة في تفسير انتقال "أوميكرون" السريع، أنَّ البديل الجديد نما أبطأ 10 مرات في أنسجة الرئة، وهو ما قال معدو الدراسة إنه قد يكون مؤشراً على انخفاض شدة المرض الناجم عنه.
أوميكرون قد يُفلت من مناعة اللقاحات!
فيما قال مايكل تشان تشي واي، الذي قاد العمل، إنَّ النتيجة يجب تفسيرها بحذر، لأنَّ المرض الشديد لا يتحدد فقط من خلال سرعة تكاثر الفيروس، بل أيضاً من خلال الاستجابة المناعية للشخص، وعلى وجه الخصوص ما إذا كان الجهاز المناعي سيدخل في حالة فرط استجابة، التي تسبب ما يسمى عاصفة السيتوكين.
وتابع: "من الملاحظ أيضاً أنه من خلال إصابة عدد أكبر من الأشخاص قد يتسبب فيروس شديد العدوى في حدوث أمراض أخطر والوفاة، رغم أنَّ الفيروس نفسه قد يكون مسبباً أخف للأمراض. لذلك بالاقتران مع دراساتنا الحديثة التي تُظهِر أنَّ متحور أوميكرون يمكن أن يُفلت جزئياً من المناعة المُتشكّلة من اللقاحات والعدوى السابقة، فمن المحتمل أن يكون التهديد العام منه كبيراً للغاية".
بدوره، أشار جيريمي كيميل، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة والمناعة في جامعة ولاية لويزيانا هيلث شريفيبورت، إلى أنَّ متحور دلتا، الذي تبين أنه مسبب أكبر للأمراض، أظهر نمطاً مشابهاً من التكاثر ببطء أكبر في الرئتين. وقال كيميل: "وجد معدو الدراسة أنَّ أوميكرون يتكاثر جيداً جداً -حتى أفضل بكثير من دلتا أو الفيروس الأصلي- في أنسجة الشعب الهوائية، ويمكن أن يساهم هذا من بعض النواحي في إعطائه أفضلية في الانتشار بين الناس.
وأضاف: "بالطبع، سيكون أحد المكونات الضخمة لقابلية انتقال أوميكرون في الحياة الواقعية هو قدرته على الهروب من الأجسام المضادة المعادلة التي تحمي من العدوى في المقام الأول، وهناك احتمال كبير بأن ينتشر جيداً حتى بين الأشخاص الملقحين، خاصة أولئك الذين لم يحصلوا على جرعة مُعزِّزة مؤخراً".
وجاءت البيانات الأولية، التي نُشِرَت على الإنترنت ولم تخضع لمراجعة الأقران بعد، من تجارب باستخدام عينات أنسجة الرئة مأخوذة من المرضى أثناء الجراحة. وبمرور 24 ساعة، وُجِد أنَّ متحور "أوميكرون" قد تضاعف حوالي 70 مرة أكثر من "دلتا" والفيروس الأصلي. ورغم أنَّ القصبة الهوائية ليست في الجهاز التنفسي العلوي، فإن العلماء قالوا إنَّ هذا قد يؤدي إلى إفراز المزيد من الفيروسات ونقل العدوى بسهولة أكبر.
وتضيف هذه النتائج الأخيرة، ومعها الأعمال الحديثة الأخرى التي تُظهِر أنَّ أوميكرون يصيب الخلايا بسهولة أكبر، إلى التصور الناشئ بأنَّ المتغير قد يكون في طبيعته أكثر قابلية للانتقال وقدرة على التهرب من المناعة الموجودة.
أوميكرون يغزو العالم
أعلنت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول، أن سلالة كورونا المتحورة أوميكرون تنتشر بوتيرة غير مسبوقة في أنحاء العالم، كما أشارت إلى أن اللقاحات صارت أقل فاعلية بدرجة طفيفة على ما يبدو في منع الإصابات الحادة والوفاة، لكنها توفر "حماية كبيرة".
المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قال إن السلالة أوميكرون التي ظهرت لأول مرة في جنوب إفريقيا وهونغ كونغ، الشهر الماضي، رصدتها حتى الآن 77 دولة، وإن من الممكن أن تكون موجودة في معظم أنحاء العالم، لكن يجب ألا يُنظر إليها باعتبارها "معتدلة".
وأضاف في إيجاز على الإنترنت: "ينتشر أوميكرون الآن بمعدل لم نشهده في أي سلالة أخرى سابقة… حتى إن كان أوميكرون يسبب أعراضاً مرضية أقل حدة فإن هذا العدد من الإصابات به يمكن أن يقوض مرة أخرى النظم الصحية غير الجاهزة".
فيما قال مايك رايان، مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية من جهته، إن اللقاحات لم تفشل، وإنها توفر حماية كبيرة من الإصابات الحادة والوفاة، وقال تيدروس دون تحديد: "الأدلة المستجدة تشير إلى انخفاض طفيف في فاعلية اللقاحات ضد مرض كوفيد-19 الحاد والوفاة به، وانخفاض في منع المرض الخفيف أو الإصابة بالفيروس".