كشف تقرير جديد صادر عن مشروع "تكاليف الحرب" التابع لجامعة براون الأمريكية، أن واشنطن تقاعست في غالب الأحيان عن تلبية المعايير اللازمة لإطلاق ما يُعرف بعمليات مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم، وأنها اعتمدت كثيراً على التخويل الفضفاض باستخدام القوة.
موقع Middle East Eye البريطاني، نقل الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول 2021، عن التقرير، أن أمريكا استعانت بقانون "التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين لعام 2001″ (AUMF) لتبرير أفعالها رسمياً".
اعتمد التقرير الذي نُشر الثلاثاء على بيانات رسمية صادرة عن "مركز أبحاث الكونغرس" (CRS)، ليجد أنه من بين 85 بلداً، نفَّذت فيها الولايات المتحدة ما وصفته بعمليات "مكافحة للإرهاب"، جاءت عملياتها مستندة إلى قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية لعام 2001 في 22 بلداً من هذه البلدان.
مع ذلك، فحتى في حالة هذه البلدان، تبيَّن أنها شهدت عدداً "غير معروف" من العمليات الأمريكية، ما يكشف عن افتقار واضح إلى الشفافية فيما يتعلق باستخدام قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية لعام 2001.
التقرير أشار أيضاً إلى أنه "في عديد من مواقع الأنشطة العسكرية الأمريكية، لم يصف الفرع التنفيذي وصفاً وافياً للنطاقَ الكامل للإجراءات الأمريكية".
أحد الأمثلة التي أشار إليها التقرير، أن الإدارة الأمريكية للرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2013، ذكرت أن قوات أمريكية ألقت القبض في ليبيا على قيادي في تنظيم القاعدة، لكنها "لم تُشر إلى استمرار حملة من الضربات الجوية الأمريكية هناك، مع أن الولايات المتحدة شنت 3 غارات جوية ضد مسلحين في ليبيا في العام نفسه".
كان الكونغرس الأمريكي قد مرر قانون "التفويض باستخدام القوة العسكرية"، بعد أسبوع واحد من أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وحصل الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن بمقتضاه، على سلطة شنِّ الحرب، واستخدام ما يراه من "قوة مناسبة ولازمة ضد تلك الدول أو المنظمات أو الأشخاص، التي يحدد الرئيس الأمريكي" أنها متورطة في الهجمات.
إلا أن قانون التفويض جاء فضفاضاً وقابلاً للاستخدام واسع النطاق بطبيعته، ما أتاح للرؤساء الأمريكيين المتعاقبين استخدامه لشنِّ عمليات عسكرية وحروب ضد عدد من التنظيمات والجماعات، منها تنظيم "القاعدة"، وحركة "طالبان" الأفغانية، وحركة الشباب الصومالية، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وفي دول عديدة، منها أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا والصومال واليمن.
كذلك خلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة غالباً ما تستخدم لغة غامضة لوصف مواقع عمليات مكافحة الإرهاب، وعند الاستناد إلى قانون التفويض لعام 2001، فإنها تشير إلى المناطق التي عملت فيها وليس البلدان.
هناك أدلة أيضاً أوردها التقرير على أن الولايات المتحدة شنَّت ضربات جوية في مالي وتونس، لكن الإدارة الأمريكية لم تبلغ الكونغرس عنها، ولم تستند إلى التفويض العسكري في تبريرها.
من جانبها، قالت ستيفاني سافيل، المديرة المشاركة في مشروع تكاليف الحرب التابع لجامعة براون، والباحثة التي أعدت التقرير، إنه قد جرت "حالات قتال وغارات جوية عديدة منذ عام 2001، ولم يبلغ الرؤساء المختلفون الكونغرس عنها".
في بعض الحالات لم تعلن الإدارة الأمريكية استنادها إلى قانون التفويض لعام 2011، إلا بعد أن كُشف عن مقتل أفراد لها، كما حدث في عام 2017 في النيجر، عندما قُتل 4 من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية في كمين، أثناء محاولتهم تنفيذ مداهمة على مجمع تابع لمسلحين.
كان الكونغرس قد شهد على مدى العقدين الماضيين جهوداً عديدة لإلغاء قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية لعام 2001، لكن أياً منها لم يُكتب له النجاح، وفقاً للموقع البريطاني.
ففي أغسطس/آب 2021، أقرت لجنة الاعتمادات التابعة لمجلس النواب الأمريكي تعديلاً قدمته عضوة الكونغرس بابرا لي، الذي من شأنه إنهاء العمل بقانون التفويض بعد 8 أشهر أخرى.
لكن لم يتضح بعد ما إذا كان التعديل سيمضي قدماً، فقد أُلغيت المناقشات حول تشريعات مماثلة في السنوات الأخيرة عند عرضها على مجلس الشيوخ.