شهد برلمان الأردن، الأربعاء 15 ديسمبر/كانون الأول 2021 نقاشات حادة، حول "إعلان النوايا" الذي يتضمن مقايضة المملكة الكهرباء بالماء مع إسرائيل، ووصف نواب هذا الإعلان بأنه "خيانة واعتداء على أمن الأردن"، فيما أبدى آخرون تأييدهم له.
جاء ذلك في جلسة مناقشة عامة عقدها المجلس (الغرفة الأولى للبرلمان) بناءً على طلب تقدم به 76 نائباً (من أصل 130)، وحضرها رئيس الحكومة بشر الخصاونة الذي دخل في نقاشات محتدمة مع عدد من النواب.
النائب المستقل خليل عطية، قال خلال الجلسة التي حضرها أيضاً عدد من الوزراء والتي تحدث فيها عشرات النواب: "أعلن رفضي هذه الاتفاقية من البداية إلى النهاية، كل تطبيع هو خيانة"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، قال النائب صالح العرموطي إن إعلان النوايا هو "ارتهان واعتداء على أمن الأردن وسيادة الأردن"، مضيفاً أن إسرائيل عدو وأن "الحكومة لم تحترم إرادة الشعب"، مطالباً بحجب الثقة عنها.
في موقف مشابه، اعتبر النائب عدنان مشوقة أن "إعلان النوايا يرهن قطاعات حيوية في يد العدو الصهيوني"، وطالب بـ"الانحياز إلى الإرادة الشعبية وعدم التوقيع على اتفاقية مشؤومة".
شهدت الجلسة نقاشاً حاداً، إثر مقاطعة النواب لحديث رئيس الوزراء الخصاونة، أثناء الرد على مداخلة للنائب محمد الظهراوي رئيس لجنة فلسطين، قال فيها: "الدم ما بصير مي (ماء)، لكن في حكومة الخصاونة ووزرائه الدم صار شاي"، معبراً بذلك عن معارضته لذلك الاتفاق.
رد الخصاونة على مداخلة النائب، وقال إنه "لا يمكن لأحد أن يزايد على الأردن ومواقفه إزاء القضية الفلسطينية"، وأضاف أن "الأردن لديه مواقف بالسر والعلن يدفع ثمنها إلى اليوم، وتكسرت على صلابة هذه المواقف الكثير من خطط تصفية القضية الفلسطينية"، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
كذلك أكد الخصاونة أن "التوقيع على إعلان نوايا سيأخذ عاماً كاملاً وربما تثبت دراسات الجدوى أن هذا الأمر مجدٍ أو غير مجد".
جلسة البرلمان شهدت أيضاً موقفاً مغايراً للنائب فواز الزعبي (مستقل) حيال "إعلان النوايا"، وأشار إلى أنه كان في المجلس الذي وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل، معتبراً أنه "لولاها لما كنا تحت القبة وأن دولاً عربية (لم يحددها) كانت تتحالف على الأردن، وسأتحالف مع الشيطان من أجل الأردن".
بدوره وصف النائب ميرزا بولاد (مستقل) إسرائيل بأنها "مغتصبة وتقتل الأطفال"، إلا أنه قال إن الأردن يعتبر من أفقر الدول بالمياه، وإنه مع مصلحته في إشارة إلى تأييده للاتفاق.
كذلك قدم النائب خليل عطية (مستقل) مقترحا من 11 بندا لحل مشكلة عجز المياه في الأردن، ليرد عليه رئيس المجلس بأنه حولها لوزير المياه والري.
من جهته، أكد وزير المياه محمد النجار حاجة المملكة الملحة للمياه، مشيراً إلى أن "مخزون السدود الآن 72 مليون متر مكعب، ما لا يتجاوز 20.5% من سعتها التخزينية".
أشار إلى أن المشروع "في حال تنفيذه، سيعزز المخزون الاستراتيجي في الأحواض المائية، ويسهم في تطوير قطاع الزراعة ومياه الشرب".
إعلان النوايا
كان الأردن قد وقّع في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في دبي، "إعلان نوايا" مع إسرائيل برعاية أمريكية للتعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه.
ينص "إعلان النوايا" على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لمصلحة إسرائيل، بينما تعمل تل أبيب على تحلية المياه لمصلحة الأردن الذي يعاني من الجفاف ويحصل بالفعل على مياه من إسرائيل.
وزارة المياه الأردنية، قالت في وقت سابق إن الإعلان يعني الدخول في دراسات جدوى خلال العام المقبل، ومن الممكن أن يحصل الأردن من خلاله على 200 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، مضيفة أنه "لا يمثل اتفاقاً فنياً أو قانونياً، ولن يُنفذ من دون الحصول على هذه الكمية من المياه".
من جانبها، قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الهرار، إنه بموجب مذكرة التفاهم "سيقوم الأردن بإنتاج 600 ميغاوات من الطاقة المتجددة لصالح إسرائيل".
الهرار أضافت أن "كل سكان الشرق الأوسط سيستفيدون من مذكرة التفاهم هذه، وليس فقط الأردن وإسرائيل. هذه رسالة إلى العالم بشأن كيف يمكن للدول أن تعمل معاً لمكافحة أزمة المناخ"، على حد زعمها.
قوبل "إعلان النوايا" بغضب شعبي واسع في الأردن ودعوات إلى تظاهرات احتجاجية.
يُذكر أن الأردن الذي يعد من الدول الأكثر افتقاراً للمياه في العالم، يحتاج سنوياً إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة.