أعلن الناشط و"اليوتيوبر" المصري عبد الله الشريف، مساء الإثنين 13 ديسمبر/كانون الأول 2021، اعتقال قوات الأمن والده، وذلك في أعقاب نشر وزارة الداخلية بياناً للرد على "التسريب" الذي بثه قبل أيام، والذي قال إنه يخص عدداً من مستشاري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإنه يكشف جانباً مما وصفه بوقائع الفساد المستشرية الآن في مصر.
حيث قال الشريف، في تغريدة على "تويتر": "بعد إخوتي تم الآن اعتقال والدي الشيخ المسنّ 74 عاماً، عقب بيان الداخلية الساذج؛ لأخرس وكي لا أضع بين أيديكم ما يهدم روايتهم كاملة، وأُشهد الله أنه بين يدي الآن، اللهم إني أستودعك أبي وإخوتي، اللهم ليس لهم إلاك، اللهم رحماك بهم فأنت أعلم ألا ذنب لهم".
كان الشريف قد بث "التسريب" الذي أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الخميس 9 ديسمبر/كانون الأول 2021، وأدى لاحقاً إلى شنِّ إعلام النظام حملة هجوم شرسة ضده.
يزعم هذا التسريب أن بعض "مستشاري السيسي" يقومون بتمرير مشروعات للجيش دون مناقصة، ويتقاضون رشاوى بملايين الجنيهات، وذلك عبر استغلال نفوذهم ومناصبهم بالقصر الرئاسي، وهي الاتهامات التي لم يتسنَّ لنا التأكد من صحتها.
فقد أظهر التسريب محادثات هاتفية بين ضابط كبير برتبة لواء يدعى "فاروق القاضي"، وهو ينسِّق لرشاوى بملايين الجنيهات مع سيدة تدعى "ميرفت محمد علي"، ويتركز حديثهما حول مشاريع للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، يتم من خلالها تمرير عقود بناء محطات ومشاريع للهيئة التي باتت تسيطر على كثير من المشروعات الاقتصادية في البلاد.
"ترويج الشائعات"
من جهتها، أصدرت وزارة الداخلية بياناً، الإثنين، قالت فيه إن قطاع الأمن الوطني بالوزارة تمكن من "كشف حقيقة تسريب مفبرك منسوب لإحدى مؤسسات الدولة، وضبط المشاركين في المحادثة الهاتفية الذين انتحلوا فيه صفة مسؤولين بالدولة، وتواصل أحدهم مع إخواني هارب (عبد الله الشريف)؛ لترويجها بهدف الحصول على المال".
البيان أضاف: "المتابعة رصدت مؤخراً قيام المنابر الإعلامية التابعة للتنظيم بالترويج لمحادثة هاتفية بين شخص يدَّعي أنه اللواء فاروق القاضي، مع سيدة تدعى ميرفت محمد، ادعت أنها مستشارة برئاسة الجمهورية، واتفاقهما على قيام المذكور من خلال علاقاته المتشعبة بالعديد من المسؤولين بالدولة، بتسهيل حصولها وبعض المرتبطين بها على عقود لتنفيذ عدد من المشروعات الكبرى التي تقوم الدولة بإنشائها في مختلف المجالات، وذلك بغرض تحقيق ربح مادي للمذكورة".
فيما وصفت وزارة الداخلية ما حدث بأنه "مخطط إجرامي"، قالت إنه "يستهدف المساس بأمن الوطن والنيل من مقدراته، وذلك من خلال ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة، بهدف إثارة البلبلة في أوساط المواطنين وتشويه صورة مؤسسات الدولة أمام الرأي العام"، على حد قوله.
كما بثت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام ما قالت إنها "الاعترافات" المتعلقة بالمتهمين الثلاثة الذين ألقت وزارة الداخلية القبض عليهم.
لاحقاً، تصاعدت حملة الهجوم على عبد الله الشريف في وسائل الإعلام المصرية.
يُذكر أن العديد من الجهات الحقوقية المحلية والدولية قد طالبت الحكومة المصرية بالكشف عن المعلومات المالية حول الشركات المملوكة للجيش، كجزء من التقارير المطلوبة عن الشركات التي تملكها الدولة، لافتين إلى أن التعاملات المالية للشركات المملوكة للهيئات العسكرية، والتي تنتج في الأساس سلعاً مدنية، محجوبة تماماً عن الرأي العام، ما يجعلها بيئة خصبة للفساد وتقوّض الرقابة المدنية على تمويل الجيش المصري المسؤول عن انتهاكات خطيرة.
"التنكيل بعائلات المعارضين في الخارج"
كان الشريف قد أعلن خلال شهر مارس/آذار 2020، قيام الأمن المصري باقتحام وتفتيش منزل والده في محافظة الإسكندرية شمالي البلاد، واعتقال شقيقيه عمرو وأحمد الشريف، وذلك على خلفية نشره مقطع فيديو مُسرب لأحد ضباط الجيش وهو يقوم بقتل وحرق والتمثيل بجثة شاب في منطقة شمال سيناء.
حينها أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اعتقال شقيقَي الشريف، مطالبةً السلطات المصرية بإنهاء نمط معاقبة عائلات المعارضين المقيمين في الخارج على أفعال أقاربهم، مؤكدةً أن "هذه الأعمال الانتقامية وغير القانونية تُظهر عدم احترام حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم القانون".
كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد وثَّقت، في تقرير سابق لها، 28 حالة لصحفيين، وإعلاميين، وناشطين سياسيين، ونشطاء حقوقيين مصريين نفذت السلطات المصرية حملة اعتقالات، ومداهمات منزلية، واستجوابات، وحظر سفر ضد العشرات من أقاربهم؛ وذلك انتقاماً- على ما يبدو- لنشاطهم المعارض.
من بين تلك الحالات، قامت "قوات الأمن بمداهمة أو زيارة منازل أقارب 14 معارضاً، ونهبت ممتلكات أو أتلفتها في خمسة منها"، مؤكدةً أن قوات الأمن لم تُظهر أي مذكرات اعتقال أو تفتيش في أي من الحالات الواردة في تقريرها السابق.
و"عبد الله الشريف" هو أول عربي يفوز بجائرة "إيزرس أوورد" في ديسمبر/كانون الأول 2015، والتي يمنحها "مجلس الشورى السويسري" كجائزة للفن الحقوقي الهادف عن قصيدته "عصفور"، التي تجاوزت 6 ملايين ونصف المليون مشاهدة على موقع "يوتيوب".
تعد هذه هي الجائزة الرابعة للشريف، بعد شهادة تميُّز حصل عليه من إدارة المحرك البحثي الشهر "جوجل" وجائزتين من إدارة موقع "يوتيوب".