عودة الشركات الإيرانية لدبي أبرز ما جاء في زيارة طحنون بن زايد لطهران..الإمارات وإيران ومرحلة جديدة

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/10 الساعة 11:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/10 الساعة 12:51 بتوقيت غرينتش

بزيارة نادرة قام بها مستشار الأمن القومي الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، إلى العاصمة الإيرانية طهران، يوم 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، للقاء نظيره الإيراني، علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وكذلك رئيس الحكومة الإيرانية، إبراهيم رئيسي.

تأتي زيارة طحنون بن زايد إلى الجمهورية الإسلامية، بهدف تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين، بحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست، كما كنا قد أشرنا في تقرير سابق، نُشر في الشهر الماضي، إلى أنه كان من المقرر زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران.

التأكيد على ضمان أمن المنطقة

فور وصوله إلى العاصمة الإيرانية، طهران، اجتمع مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مع علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لمناقشة العديد من القضايا الأمنية المشتركة بين البلدين.

يقول مصدر مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ومطلع على هذا اللقاء، لـ"عربي بوست": "الإماراتيون جادون للغاية هذه المرة لتحسين العلاقات مع إيران، هذه الرغبة نابعة من قلقهم من احتمالات زعزعة استقرار المنطقة".

وأضاف المصدر قائلاً: "كان ضمان أمن المنطقة على رأس أولويات لقاء طحنون بشمخاني، فقد عرضت الإمارات التعاون مع إيران للحفاظ على أمن الخليج، وفي المقابل، ناقش السيد شمخاني مع مستشار الأمن القومي الإماراتي ضرورة تقديم ضمانات إماراتية لطهران بعدم السماح لإسرائيل باستهداف الجمهورية الإسلامية من الأراضي الخليجية".

جدير بالذكر أن الإمارات قد أعلنت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في أغسطس/آب من العام الماضي، وهي خطوة انتقدتها إيران بشدة، كما حذرت طهران من أن الإمارات العربية المتحدة ستحاسب، إذا نتج عن هذا التطبيع تهديد لأمن المنطقة.

مصدر أمني إيراني، قال لـ"عربي بوست"، معلقاً على زيارة طحنون بن زايد لطهران: "أكد الشيخ طحنون للسيد شمخاني أن الإمارات تسعى إلى تغيير نهجها تجاه إيران، كما أكد على أن علاقات الإمارات مع إسرائيل يجب ألا تقلق الجمهورية الإسلامية".

وعلى ذكر تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، يقول المصدر ذاته، والمطلع على اجتماع طحنون بن زايد مع علي شمخاني، لـ"عربي بوست": "كان السيد شمخاني مُصراً على مناقشة هذه المسألة مع الوفد الأمني الإماراتي، وناقش الطرفان الضمانات اللازمة التي من شأنها طمأنة إيران بأن العلاقات بين الإمارات وإسرائيل لن تهدد الأمن القومي الإيراني".

وبحسب المصدر الأمني الإيراني، فقد أشار علي شمخاني لنظيره الإماراتي أنه من الممكن أن تتسبَّب علاقات بلاده مع إسرائيل في تهديد أمن دولة الإمارات العربية المتحدة.

الملف السوري والحرب في اليمن

تم التطرق إلى الملفَّين السوري واليمني في لقاء علي شمخاني بنظيره الإماراتي، طحنون بن زايد، كما جاءت الزيارة الأخيرة متزامنة مع زيارة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى العاصمة الإيرانية طهران، مما فتح مجالاً للشك بأن تزامن الزيارات مسألة قد تم تخطيطها من قِبَل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

في هذا الصدد، يقول مسؤول حكومي إيراني بارز لـ"عربي بوست": "لم يجتمع وزير الخارجية السوري، ومستشار الأمن القومي الإماراتي إلا لبضع دقائق لإلقاء التحية، ولا يمكن الجزم بأن تزامن الزيارتين كان مدبراً، وفي نفس الوقت لا يمكن إنكار الرسالة التي تريد طهران إرسالها".

لم يفصح المسؤول الإيراني البارز في الحكومة عن فحوى الرسالة التي تريد طهران إرسالها من تزامن زيارتي وزير الخارجية السوري، ومستشار الأمن القومي الإماراتي لطهران، لكنه اكتفى بقول: "الملف السوري، وتطبيع العلاقات الخليجية مع سوريا، مسألة في غاية الأهمية بالنسبة إلى القيادة الإيرانية".

في اجتماع طحنون بن زايد مع علي شمخاني، وبحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، كانت مسألة سعي دولة الإمارات العربية إلى تطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد مطروحة، فيقول مصدر أمني إيراني لـ"عربي بوست": "أكد الشيخ طحنون للسيد شمخاني أن هدف الإمارات من استعادة العلاقات مع سوريا هو جزء من رؤية الإمارات الجديدة لدورها في الشرق الأوسط، والانفتاح على جميع الأطراف الاقليميين، كما أنه أكد على أن توطيد العلاقات الإماراتية مع سوريا ليس الهدف منه إزاحة الإيرانيين من المشهد، بالعكس فأبو ظبي راغبة في التعاون مع طهران من أجل إعادة إعمار سوريا، وإحلال السلام والهدوء".

وبحسب المصدر ذاته، فإن الطرفين الإيراني والإماراتي قد اتفقا على توسيع التعاون بينهما من أجل حملات إعادة الإعمار في سوريا التي مزقتها الحرب منذ عشر سنوات.

وتجدر الإشارة هنا إلى ترحيب الجمهورية الإسلامية المسبق بزيارة وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، إلى العاصمة السورية دمشق.

كما ناقش علي شمخاني والشيخ طحنون بن زايد ملف الحرب في اليمن أيضاً، وفي هذا الصدد، يقول مصدر مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لـ"عربي بوست": "رحَّب الوفد الإماراتي بمحاولات طهران والرياض تهدئة الأمور في اليمن، كما أكد السيد طحنون للسيد شمخاني أن الإمارات تسعى إلى تقليص دورها في اليمن".

في المقابل، وبحسب المصدر ذاته، الذي قال إن علي شمخاني أكد للوفد الألماني الإماراتي أن طهران مهتمة بالتوصل إلى حل سياسي سريع للأزمة اليمنية، ومن الضروري أن تتعاون أبو ظبي مع طهران في هذه المسألة.

الإصرار على التعاون بغض النظر عن مصير الاتفاق النووي الإيراني

تأتي الزيارة النادرة لمستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى الجمهورية الإسلامية، بالتزامن أيضاً مع استئناف المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في العاصمة النمساوية فيينا، بهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بعد أشهر من الجمود وتوقف المحادثات.

مسؤول حكومي إيراني آخر قال لـ"عربي بوست": "الإماراتيون يسعون إلى تحسين العلاقات مع إيران بغض النظر عن مصير الاتفاق النووي"، وأضاف المصدر قائلاً: "السيد طحنون أخبر علي شمخاني أن تطوير العلاقات بين البلدين يجب أن يستمر سواء نجحت محاولات إحياء الاتفاق النووي أو لا".

كما يرى دبلوماسي إيراني مطلع على المحادثات الإيرانية مع الدول العربية، سواء كانت المملكة العربية السعودية، أو الإمارات العربية المتحدة، في حديثه لـ"عربي بوست": "تخشى الدول العربية، من الانسحاب الأمريكي المتوقع من المنطقة، بالإضافة إلى احتمالية عدم التوصل إلى صفقة بشأن إحياء الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن، كل هذه العوامل أجبرت أبوظبي على تغيير استراتيجيتها تجاه طهران".

جدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية كانتا من أشد المعارضين للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بالإضافة إلى دعم أبوظبي لحملة الضغط الأقصى التي انتهجتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تجاه إيران، بعد سحب بلاده من الصفقة النووية الإيرانية في مايو/أيار عام 2018.

زيادة حجم النشاط التجاري وتأمين عودة الشركات الإيرانية لدبي

بعد لقائه مع علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، اجتمع مستشار الأمن القومي الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وحضر الاجتماع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان.

في هذا الاجتماع ناقش طحنون بن زايد والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي توسيع العلاقات التجارية بين البلدين، يقول مصدر حكومي إيراني كان حاضراً لهذا الاجتماع، لـ"عربي بوست": "أبو ظبي راغبة في توسيع النشاط التجاري مع طهران، كما ناقش الرئيس الإيراني، مع السيد طحنون، عودة بعض الشركات الإيرانية للعمل في دبي، بعد توقفها منذ إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران".

جدير بالذكر هنا أن بالرغم من الخلافات السياسية بين البلدين، ظلَّت دولة الإمارات العربية المتحدة شريكاً تجارياً رئيسياً لإيران، ففي العام الإيراني من 20 مارس/آذار 2020 إلى 20 مارس 2021، صدَّرت إيران بضائع بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي إلى الإمارات، استوردت بضائع بقيمة 9 مليارات دولار ، مما جعل الإمارات ثالث أكبر وجهة تصدير لإيران.

بالإضافة إلى زيادة حجم التبادل التجاري، والرغبة المتبادلة بين البلدين بتوسيع النشاط التجاري بينهما، قال مصدر أمني إيراني لـ"عربي بوست": "خلال زيارة طحنون بن زايد لإيران، تم الاتفاق بشكل غير معلن، على إفراج الإمارات عن بعض الأصول الإيرانية المجمدة لديها بسبب العقوبات الأمريكية"، وبحسب المصدر، يُقدَّر حجم هذه الأصول بحوالي 19 مليار دولار أمريكي.

وأشار المصدر السابق إلى أن الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة لدى الإمارات سيتم بناء على اتفاق إماراتي مع الولايات المتحدة.

سياسية إبراهيم رئيسي تجاه الدول العربية

ترحب إدارة الرئيس الإيراني المحافظ، إبراهيم رئيسي، بتحسين علاقات إيران مع جيرانها العرب، على عكس إدارة حسن روحاني، التي كانت تولي أهمية خاصة للعلاقات مع الغرب.

يقول مسؤول حكومي إيراني، مقرب من الرئيس إبراهيم رئيسي، لـ"عربي بوست": "السيد رئيسي يؤمن بأهمية تجاه إيران للشرق، وتحسين علاقاتها مع جيرانها العرب، لذلك فهي تدفع نحو استكمال الحوار مع الرياض، وترحب باستراتيجية أبوظبي الجديدة في المنطقة".

وأضاف المصدر السابق قائلاً: "بالتأكيد فإن إدارة السيد رئيسي مهتمة بالمفاوضات النووية، لكنها لا تريد الوقوع في نفس خطأ الإدارة السابقة، ووضع البيض كله في سلة الغرب، بل تسعى إلى إيجاد علاقات متوازنة مع الدول العربية".

وتأكيداً على هذه الاستراتيجية الجديدة لإدارة إبراهيم رئيسي تجاه الدول الإقليمية، كان قد صرح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان في وقت سابق، بأنه لا يوجد مانع لدى إيران بمشاركة تفاصيل المفاوضات النووية مع الغرب، مع الدول العربية.

وبناءً على ذلك، فقد زار نائب وزير الخارجية الإيراني، ورئيس الفريق المفاوض النووي علي باقري كني، الشهر الماضي، دولة الإمارات العربية، والتقى الوفد الدبلوماسي الإيراني، قبل سفره إلى فيينا في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لدولة الإمارات، بالإضافة إلى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، خليفة شاهين المرر.

دبلوماسي إيراني مطلع على هذه اللقاءات قال لـ"عربي بوست": "إيران حريصة على طمأنة جيرانها العرب فيما يخص المفاوضات النووية الإيرانية، خاصة بعد تغيير الموقف الإماراتي تجاه الاتفاق النووي، فأبوظبي الآن تدعم عودة إحياء الاتفاق النووي، من أجل تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط".

هذه هي الزيارة الثانية لمستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، لطهران، فبحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، كانت الزيارة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث قاد طحنون بن زايد وفداً أمنياً إماراتياً رفيع المستوى، للقاء المسؤولين الأمنيين الإيرانيين، بعد استهداف ناقلات النفط قبالة سواحل إمارة الفجيرة الإماراتية، الاستهداف الذي ألقت واشنطن باللوم فيه على طهران، كما نفت الأخيرة هذه المزاعم، ولم تتهم دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر، الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالوقوف وراء هذا الهجوم.

على ضوء هذه الخلفية، تسعى الإمارات وإيران إلى تحسين العلاقات الثنائية بينهما، بعد سنوات طويلة من التوتر، منذ أن تراجعت العلاقات في يناير/كانون الثاني 2016 إلى أدنى مستوياتها، فقد خفَّضت الإمارات العربية المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، على إثر قطع العلاقات الدبلوماسية السعودية مع إيران، بعد اقتحام عدد من الإيرانيين للسفارة السعودية في طهران، بعد إعدام السلطات السعودية لرجل الدين الشيعي السعودي البارز، نمر النمر.

تحميل المزيد