أثارت التحركات العسكرية الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية مخاوف بين المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 على الأقل، بشأن احتمال استعداد الجيش الروسي لشن هجوم واسع النطاق من أجل غزو أوكرانيا في أوائل العام المقبل.
صحيفة The Washington Post الأمريكية، قالت الخميس 9 ديسمبر/كانون الأول، إن البيت الأبيض يعتقد أنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتخذ قراره بعد، لكن يجهز الجيش الروسي لاحتمال شن عملية، وهو اقتراح نفاه الكرملين.
175 ألف جندي روسي لغزو أوكرانيا
وفقاً لتحليل استخباراتي أمريكي غير سري، حصلت عليه صحيفة The Washington Post، في الأسبوع الماضي، يمكن أن يشمل هجوم واسع النطاق ما يصل إلى 175000 جندي روسي، بما في ذلك جنود الاحتياط الذين يحشدهم الجيش الروسي.
ذكر التحليل أنَّ نحو 70 ألف جندي من الجيش الروسي موجودون بالفعل بالقرب من الحدود مع أوكرانيا.
رغم أنه من غير الواضح كيف توصل التحليل إلى هذا العدد، فإنَّ جزءاً كبيراً من هؤلاء هم على الأرجح قوات متمركزة بشكل دائم في منشآت عسكرية بالقرب من الحدود الغربية لروسيا وفي شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا بالقوة من أوكرانيا في عام 2014.
مع ذلك، فقد تحركت بعض القوات والعتاد باتجاه الحدود الأوكرانية من أماكن أخرى في روسيا، بما في ذلك مناطق بعيدة مثل سيبيريا. وتُقدم صور الأقمار الصناعية لقطة جزئية للمواد المرتبطة بتلك القوات الموجودة حالياً بالقرب من أوكرانيا.
ما الذي تُظهره الأقمار الصناعية؟
منذ أسابيع، يراقب المحللون مدينة ييلنيا الروسية الصغيرة، جنوب شرقي القطاع الفيدرالي الروسي سمولينسك. وهذه المدينة -القريبة من الحدود الأوكرانية- هي موطن مقر الفرقة 144 التابعة الجيش الروسي. واستقبلت الفرقة مؤخراً بعض الضيوف.
إذ تُظهِر صور الأقمار الصناعية المركبات المُخزَّنة في الحامية الخاصة بالفرقة التي أُنشِئت في أكتوبر/تشرين الأول. وتشمل المعدات أكثر من 500 عربة مدرعة وقاذفات صواريخ من طراز "إسكندر" المحمولة على منصات والمدفعية والاتصالات والدعم اللوجستي، وفقاً لما ذكرته شركة التحليل الدفاعي Janes.
تنتمي المعدات على الأرجح إلى جيش الأسلحة المشتركة 41، المتمركز عادةً في سيبيريا، وفرقة الدبابات 90، المتمركزة بالقرب من جبال الأورال، وفقاً لشركة Janes.
انتقل جزء كبير من القوة ومعداتها لأول مرة إلى الجزء الغربي من روسيا بالقرب من مدينة فورونيج، خلال تعزيزات بالقرب من الحدود الأوكرانية، في مارس/آذار وأبريل/نيسان.
بعد ذلك، قال الجيش الروسي إنه كان يحتفظ بالعتاد في المنطقة لاستخدامها خلال التدريبات المخطط لها في المنطقة، في سبتمبر/أيلول. لكن بحسب شركة Janes، بعد انتهاء هذه التدريبات، لم يعد العتاد إلى مكانه الأصلي، بل نُقِل إلى ييلنيا بدلاً من ذلك.
دبابات ومدافع وقاذفات صواريخ
في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان، أثناء التعزيز العسكري الأول من روسيا عام 2021، استضاف الموقع الكثير من المعدات من المنطقة العسكرية المركزية التي انتقلت الآن إلى ييلنيا، وفقاً لشركة Janes.
بمجرد إفراغ هذه المعدات بدأ الموقع في استضافة مواد جديدة مرتبطة بعناصر من جيش دبابات الحرس الأول، التي تتمركز عادةً خارج موسكو.
تُظهِر صور التقطتها الأقمار الصناعية حاميتين في ساحات التدريب في بوغونوفو، ويبدو أنَّ كلاً منهما تستضيف عنصراً بحجم كتيبة من نحو 30 دبابة قتال رئيسية، بحسب شركة Janes.
بالإضافة إلى الدبابات، أفادت Janes، أنَّ مواد أخرى تابعة الجيش الروسي تدفقت إلى الموقع، بما في ذلك مدافع هاوتزر وقاذفات صواريخ حرارية ضغطية متعددة وقاذفات صواريخ بعيدة المدى متعددة.
نوهت مجموعة التحليل الدفاعي بأنه لا توجد أماكن إقامة كافية في الموقع لإيواء عدد كافٍ من الأفراد لتشغيل العتاد، ما يشير إلى أنَّ المعدات تُنشَر مقدماً.
بحسب Janes، بدأت القوات الروسية في بناء جدران فاصلة إضافية داخل الحامية الرئيسية، التي تشير الصور إلى أنَّ إحداها فارغة تماماً، ما يشير إلى توقع وجود معدات إضافية هناك.
تعزيز تواجد الجيش الروسي في القرم
يتتبع المحللون تحركات القوات الروسية في شبه جزيرة القرم أيضاً. وقد عززت روسيا وجودها العسكري في شبه الجزيرة منذ السيطرة عليها في عام 2014، ما يجعل المنطقة نقطة انطلاق محتملة لأية عملية جديدة في أوكرانيا.
قالت شركة Janes للتحليلات الدفاعية إنَّ الحامية -التي تأسست لأول مرة في أواخر عام 2020 لكنها شهدت توسعات هذا العام- تضم أعداداً كبيرة من دبابات القتال الرئيسية ومدافع الهاوتزر ذاتية الدفع ومدافع الهاوتزر المقطورة، التي ربما تنتمي إلى وحدات من جيش الأسلحة المشتركة 58، ومقرها في فلاديكافكاز البعيدة.
أشارت Janes إلى أنَّ تلك الوحدات انتشرت في المنطقة خلال التعزيز الأول في الربيع الماضي.
هناك موقع تخزين كبير وفارغ على الجانب الغربي من الحامية، الذي من المحتمل أنه يُستخدَم لتخزين معدات إضافية أو توفير أماكن إقامة للقوات في حالة وقوع هجوم، وفقاً لشركة Janes.
كما قالت Janes إنَّ الوضع الحالي يشير إلى عدم توفر أماكن إقامة كافية في الموقع لإيواء عدد كافٍ من الأفراد لتشغيل الدبابات والأسلحة.