قدم محامون في بريطانيا دعوى قانونية ضد "فيسبوك" للمطالبة بتعويضات مالية تصل إلى 199 مليار دولار، وذلك في ادعاء أن المنصة الاجتماعية ساهمت على الإبادة الاجتماعية التي تعرض لها مسلمو الروهينغا في 2017؛ وذلك عن طريق السماح بانتشار خطاب الكراهية ضد الأقلية المضطهدة في ميانمار.
بحسب صحيفة The Times البريطانية فإن إجراءات قانونية اتُخذت صباح الإثنين 6 ديسمبر/كانون الأول 2021، في بريطانيا والولايات المتحدة، ستجعل من هذه القضية واحدة من أكبر القضايا الجماعية لضحايا الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي تُرفع أمام محكمة محلية، على الإطلاق في جميع أنحاء العالم.
خوارزميات فيسبوك
تزعم الدعوى القضائية أن خوارزميات فيسبوك عزَّزت خطاب الكراهية وضخَّمته ضد أقلية الروهينغا الذين يعيشون في أقصى غرب ميانمار، ويُصنَّفون بازدراءٍ عنصريٍ عن طريق كثيرين من أغلبية السكان البوذيين في البلاد.
ويتهم محامو الضحايا الشركة بالإخفاق في إزالة المنشورات التي تثير العنف أو إغلاق الصفحات التي تروج خطاب الكراهية، برغم التحذيرات المتكررة منذ 2013 من الجماعات الحقوقية والتقارير الإعلامية بأن هذا المحتوى ضاعف الوضع المتأزم في ولاية راخين.
وورد في الشكوى المقدمة إلى محكمة المنطقة الشمالية في سان فرانسيسكو: "في جوهر هذه الشكوى يكمن إدراك أن فيسبوك كان على استعداد لمقايضة أرواح شعب الروهينغا مقابل النفاذ الأفضل إلى السوق في بلد صغير في جنوب شرق آسيا. فيسبوك تشبه إنساناً آلياً مبرمجاً على مهمة وحيدة: النمو. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن نمو فيسبوك، الذي زودته الكراهية والانقسام والتضليل، خلّف وراءه مئات الآلاف من الروهينغا الذين تحطمت حياتهم".
وورد في الدعوى المقدمة أمام المحكمة الأمريكية: "إن النطاق والطبيعة العنيفة للاضطهاد تغيرت تغيراً دراماتيكياً في العقد الأخير، ليتحول من انتهاكاتٍ حقوقيةٍ وعنفٍ متقطعٍ إلى إرهاب وإبادة جماعية. كان دخول فيسبوك إلى بورما في 2011 أحد الانعطافات الرئيسية لذلك التغيير، وهو الذي أسهم إسهاماً مادياً في نمو وانتشار خطاب الكراهية المناهض للروهينغا على نطاق واسع، وكذلك التضليل وإثارة العنف، التي ترقى إلى أن تكون سبباً جوهرياً، واستمراراً، للإبادة الجماعية التي وقعت في نهاية المطاف".
كذلك جاء في خطاب إشعار قُدِّم إلى فيسبوك بريطانيا الإثنين: "إن موكلينا تعرضوا لأعمال خطيرة من العنف والاغتيال أو إساءات حقوقية خطيرة أو كلتاهما، وارتُكبت في إطار حملة إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في ميانمار.. وبموجب ما عُرف ونُشر على نطاق واسع، فإن هذه الحملة أُثيرت عن طريق مواد مكثفة نُشرت وضُخمت عن طريق منصة فيسبوك".
وفي عام 2018، أبلغ مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين أن الشركة كانت تعين عشرات المتحدثين باللغة البورمية. ولكن حتى في يومنا هذا، لا يزال كثير من عبارات الكراهية تُنشر على المنصة. في الأسبوع الماضي، كتب مستخدم يدعى أونغ مايو نينغ: "الكالار يبقون الكالار، ولن يكونوا أبداً بورميين".
جرائم "مخيفة"
كان تقريرٌ للأمم المتحدة نُشر في عام 2018، قد وصف كيف تعرضت الأمهات للاغتصاب أمام أطفالهن، وكيف تعرضت فتيات تصل أعمارهن إلى 13 عاماً للاغتصاب إضافة إلى النساء الحوامل.
ووصف الناجون كيف كان جنود ميانمار والسكان المحليون البوذيون يطلقون النار على الرجال والنساء والأطفال ويطعنونهم ويحرقونهم، ثم يدفنونهم في مقابر جماعية. حتى إن بعضهم استخدم الأحماض لإذابة وجوه القتلى فيما تبدو جهود واضحة متعمدة لمنع معرفة هوياتهم.
وتعود التوترات بين الروهينغا والجماعات العرقية الأخرى في ميانمار إلى عقود من الزمان، لكنها بدأت تسوء مع وقت إطلاق فيسبوك في البلاد عام 2011.
وكان أحد المستخدمين قد كتب منشوراً سُلّط عليه الضوء من جانب وكالة رويترز قال فيه: "يجب علينا أن نقاتلهم بالطريقة التي فعلها هتلر مع اليهود، هؤلاء الكالار الملاعين". وتجدر الإشارة إلى أن كلمة كالار تعد مصطلحاً عنصرياً يُستخدم لوصف الروهينغا.