انطلق الإثنين 6 ديسمبر/كانون الأول 2021، أول مهرجان سينمائي ضخم في السعودية، تدعمه الحكومة الساعية لبناء صناعة ترفيهية جديدة وتعزيز أذرع "قوتها الناعمة"، وذلك بعد نحو أربع سنوات على فتح أول دور السينما.
وتقام الدورة الافتتاحية لمهرجان "البحر الأحمر السينمائي" في مدينة جدة بين 6 و15 ديسمبر/كانون الأول، وتشمل 138 فيلماً طويلاً وقصيراً من 67 بلداً بـ34 لغة، وتنطلق غداة تنظيم أول سباق "فورمولا وان" في المملكة.
أعادت السعودية فتح دور السينما في نيسان/أبريل 2018 بعد عقود من الإغلاق، فيما تعقد اليوم مهرجاناً "ضخماً" للأفلام.
كانت السعودية أعادت فتح دور السينما في نيسان/أبريل 2018 بعد عقود من الإغلاق بسبب التشدد الديني، في إطار سلسلة من الإصلاحات بدأت مع تسلّم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منصبه في 2017.
سيشهد المهرجان أيضاً تكريم هيفاء المنصور، أول مخرجة سعودية، والتي عُرفت خصوصاً بفيلمها "وجدة" عام 2012، أول عمل سينمائي طويل يتم تصويره في المملكة، وقد نال جوائز عالمية عدة، بعدها أخرجت المنصور أفلاماً في هوليوود.
إنتاج ضخم
ويأتي انعقاد المهرجان بعدما تضاعفت الأعمال السينمائية والتلفزيونية السعودية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وبينها إنتاجات بموازنات ضخمة غالباً ما تسعى إلى إبراز صورة الانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه المملكة المحافظة.
المهرجان الذي من المفترض أن يشارك فيه ممثلون عالميون ومن المنطقة العربية، سيكون من بين الأكبر في الشرق الأوسط، ويأمل في أن يحل محل مهرجان دبي السينمائي في الخليج الذي توقّف عن الانعقاد قبل ثلاث سنوات.
من جانبه، رأى الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن أن "التفكير في تنظيم مهرجان سينمائي في السعودية كان ضرباً من ضروب الخيال قبل خمس سنوات فقط". وأضاف: "لكن الفكرة ليست مجرد وجود المهرجان، الفكرة هي تغيير الثقافة وأن يكون المجتمع مؤهلاً للتعامل والتفاعل مع السينما كثقافة".
كما اعتبر السعودي أحمد الملا أن تنظيم مهرجان للأفلام في السعودية قبل موجة الانفتاح كان "مغامرة صعبة".
ويدير الملا منذ 2008 "مهرجان أفلام السعودية"، وهو مهرجان مستقل للأفلام المحلية مركزه مدينة الدمام في المنطقة الشرقية.
أوضح الملا قائلاً: "قبل السماح بالسينما في 2018، كانت الصناعة تعمل تحت الأرض. لم يكن هناك إمكانية للتصوير أو الحصول على تمويل. الأمور كانت تعتمد على الطاقة الفردية".
ولطالما اقتصرت صناعة السينما السعودية المحلية على محاولات مستقلة دون دعم حكومي أو رسمي.
استراتيجية للمنافسة
لكن اليوم، يوجد في المملكة أكثر من 39 صالة سينما بعدد شاشات تجاوز 385 تشغلها خمس شركات. ورغم الإنتاج السعودي الكبير، تحظى الأفلام المصرية والأجنبية بإقبال كبير في دور العرض.
وقد أطلقت هيئة الأفلام السعودية استراتيجية الأسبوع الماضي لتطوير صناعة الأفلام السعودية تتضمن 19 مبادرة تهدف إلى خلق حراك كبير في قطاع الأفلام بالمملكة، وتوفير بنية تحتية للإنتاج السينمائي وتمكين المواهب والقدرات السعودية.
ودخلت شركة "إم بي سي ستوديوز"، الذراع السينمائية لشبكة القنوات السعودية الشهيرة في الشرق الأوسط، على خط إنتاج أفلام سينمائية عالمية ناطقة باللغة الإنجليزية بميزانيات ضخمة.
وتصور "إم بي سي ستوديوز" فيلم "ديزرت واريور" الذي يحاكي ملحمة قديمة تدور أحداثها في شبه الجزيرة العربية في مدينة نيوم المستقبلية التي تبنيها المملكة في الشمال. ويعد الفيلم أكبر إنتاج سينمائي يصور في السعودية على الإطلاق، كما ذكرت الشركة.
ورأى الملا أن السينما تحتاج إلى "مستوى عال من حرية التعبير ومن ظهور المرأة وحرية طرح الموضوعات المتنوعة والقبول بها"، معتبراً أن "السينما هي القوى الناعمة التي يمكن أن تمهّد لإنجاح كافة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث حالياً" في المملكة.
وتبنَّت المملكة التي تعد نحو 34 مليون نسمة، لعقود صورة متشددة من الإسلام، ورغم الانفتاح الجاري لا تزال هناك الكثير من المحظورات الاجتماعية المرتبطة بالحريات.