وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية، السبت 4 ديسمبر/كانون الأول 2021، لإجراء محادثات مباشرة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليصبح أول زعيم غربي كبير يزور المملكة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018.
يعتبر ماكرون السعودية مهمة للمساعدة في إبرام اتفاق سلام يشمل المنطقة مع إيران، كما ينظر إليها باعتبارها حليفاً في المعركة ضد المتشددين الإسلاميين من الشرق الأوسط وحتى غرب إفريقيا.
كما تعد فرنسا أحد موردي الأسلحة الرئيسيين للمملكة، غير أنها تواجه ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في مبيعاتها بسبب الصراع بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، الغارق في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ورغم أن العلاقات بين باريس والرياض كانت أكثر دفئاً في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند، إلا أن فرنسا لم تحصد الجوائز التجارية. وخيم الفتور على العلاقات في السنوات الأخيرة برغم أن ماكرون حث المنتقدين على إعطاء ولي العهد (33 عاماً في ذلك الحين) المزيد من الوقت.
وفد من رجال الأعمال
من المقرر أن يشارك وفد أعمال يضم حوالي 100 شركة، من بينها توتال إنرجيز وإي.دي.إف وتاليس وفيفندي، في منتدى استثماري خلال زيارة ماكرون.
وفي حديث للصحفيين في دبي، رفض ماكرون اتهامات بأنه يضفي الشرعية على ولي العهد، مضيفا أن الأزمات المتعددة التي تواجهها المنطقة لا يمكن معالجتها بتجاهل المملكة.
حيث قال ماكرون "(يمكننا) أن نقرر بعد قضية خاشقجي أننا ليست لدينا سياسة في المنطقة، وهو خيار يمكن للبعض أن يدافع عنه، لكنني أعتقد أن فرنسا لها دور مهم في المنطقة. لا يعني ذلك أننا متواطئون أو أننا ننسى".
والعقود في الآونة الأخيرة كانت قليلة، وتركز معظمها على مشروع العلا السياحي، في إطار مساعي المملكة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن إيرادات النفط.
وتأتي زيارة ماكرون في وقت أعربت فيه دول الخليج العربية عن شكوكها بشأن مدى تركيز الولايات المتحدة على المنطقة حتى في الوقت الذي تسعى فيه الدول الخليجية للحصول على مزيد من الأسلحة من واشنطن.
وتشعر السعودية بخيبة أمل إزاء نهج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تضغط على الرياض بسبب سجلها في حقوق الإنسان وحرب اليمن، والتي نشرت معلومات مخابرات تربط ولي العهد محمد بن سلمان بمقتل خاشقجي.
فيما نفى محمد بن سلمان أي ضلوع في مقتل الصحفي في قنصلية الرياض في إسطنبول، في حادث أشعل غضباً عالمياً وألحق الضرر بصورة الأمير.
وقالت أنييس كالامار الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية "سواء أكان هذا هو الهدف أم لا، تساهم (هذه الزيارة) في سياسة إعادة تأهيل الأمير محمد بن سلمان". وأضافت "ما يؤلمي هو أن فرنسا، بلد حقوق الإنسان، هي أداة هذه السياسة".
وماكرون أول زعيم دولة غربية كبير يزور السعودية منذ مقتل خاشقجي وظهور جائحة كوفيد-19 في العام الماضي، والتي بددت آمال الرياض في استضافة زعماء مجموعة العشرين خلال رئاستها للمجموعة في 2020.
ومن المتوقع أن يبحث الزعيمان مسائل إقليمية، منها القضية النووية الإيرانية، وكذلك لبنان، حيث أخفق ماكرون حتى الآن في إقناع دول الخليج العربية، التي يساورها القلق من نفوذ جماعة حزب الله المدعومة من إيران، في الدخول في حوار لمحاولة إيجاد حل.
صفقة ضخمة مع الإمارات
ووصل الرئيس الفرنسي إلى السعودية بعد رحلة لمنطقة الخليج زار فيها الإمارات وقطر الجمعة.
خلال زيارة أبوظبي، وقّعت الإمارات وفرنسا اتفاقية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال، و12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال"، فيما رأت الرئاسة الفرنسية في بيان صحفي أن "هذا إنجاز كبير للشراكة الاستراتيجية بين البلدين".
تعتبر هذه أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في 2004، وتبلغ قيمة الصفقة نحو 19 مليار دولارحسبما قالت وكالة الأنباء الفرنسية.
لاحقاً، توجَّه ماكرون إلى قطر للقاء الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل أن ينتقل السبت إلى جدة في السعودية لعقد "لقاء معمَّق" مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب الإليزيه.
ويرافق ماكرون في هذه الجولة كل من وزير الخارجية جان إيف لودريان ووزير الاقتصاد برونو لو مير، ووزيرة الجيوش فلورنس بارلي، إلى جانب وزيرة الثقافة ووزير التجارة الخارجية ورؤساء مجموعات فرنسية كبرى.