أعلنت الرئاسة اللبنانية، مساء الجمعة 3 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبلا رسمياً استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وذلك بعد نحو شهر من أزمة دبلوماسية عاصفة مع دول الخليج.
حيث قالت الرئاسة، في بيان مقتضب على "تويتر": "الرئيس عون وقّع قبل قليل، مرسوم قبول استقالة وزير الإعلام، وحمل الرقم 8519، تاريخ 3 ديسمبر/كانون الأول 2021، وحمل المرسوم توقيع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي".
البيان أضاف: "الرئيس عون جدّد خلال تسلمه كتاب استقالة وزير الإعلام، تأكيد حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية، متمنياً أن تضع الاستقالة حداً للخلل الذي اعترى العلاقات اللبنانية-الخليجية".
استقالة "ضرورية"
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الجمعة، أن استقالة قرداحي "كانت ضرورية بعد الأزمة التي نشأت مع السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي".
إذ قال ميقاتي، في بيان، عقب لقائه قرداحي بمقر الحكومة في بيروت، إن الاستقالة "من شأنها أن تفتح باباً لمعالجة إشكالية العلاقة مع الأشقاء في المملكة ودول الخليج، بعد تراكمات وتباينات حصلت في السنوات الماضية".
فيما أكد أن "لبنان حريص على تطبيق ما ورد في البيان الوزاري لحكومتنا من أجل تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والإصرار على التمسك بها والمحافظة عليها"، وأكد أنهم حريصون على "النأي بالنفس عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وفي أي نزاع عربي-عربي".
في حين دعا ميقاتي الأشقاء العرب إلى "الوقوف بجانب لبنان في هذه المحنة"، مشدداً على أن "الحكومة ترفض كل ما من شأنه الإساءة إلى أمن دول الخليج واستقرارها".
كما دعا ميقاتي كل الأطراف اللبنانية إلى "وضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وعدم الإساءة بأي شكل من الأشكال، إلى الدول الشقيقة والصديقة أو التدخل في شؤونها"، معرباً عن أسفه "لما حصل سابقاً، وأن يكون صفحة من الماضي قد طُويت، حيث نتطلع إلى إعادة العلاقات الطبيعية بيننا وبين الأشقاء في السعودية ودول الخليج على قاعدة الاحترام".
بحسب البيان، فقد أجرى ميقاتي اتصالاً هاتفياً بالرئيس عون، بُعيد تسلُّمه من قرداحي كتاب استقالته، بحثا فيه الوضع وآخر المستجدات الحكومية.
في وقت سابق من الجمعة، أعلن قرداحي، خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر وزارة الإعلام في بيروت، استقالته من الحكومة، على خلفية أزمة بين لبنان ودول الخليج أشعلتها تصريحات له حول حرب اليمن.
تصريحات قرداحي
كان قرداحي قد قال في مقابلة متلفزة، سُجلت في أغسطس/آب وبُثت في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضيين، إن الحوثيين في اليمن "يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات"، وذلك قبل تعيينه وزيراً في سبتمبر/أيلول الماضي.
تلك التصريحات أثارت أزمة دبلوماسية عاصفة بين دول خليجية ولبنان، وسط مساعٍ ومحاولة للوساطة من أجل إنهاء تلك الأزمة.
فمؤخراً، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين والكويت واليمن سحب سفرائها من بيروت؛ احتجاجاً على تصريحات قرداحي بشأن الحرب المتواصلة في اليمن منذ نحو 7 سنوات.
على مدى أكثر من شهر، اعتبر قرداحي أن حديثه لم يحمل إساءة لأي دولة؛ ما دفعه إلى رفض "الاعتذار"، فيما دعاه ميقاتي، في تصريحات سابقة، إلى اتخاذ موقف "يحفظ مصلحة لبنان".
تاريخياً، كانت تسود علاقات مميزة بين الرياض وبيروت، لكنها باتت تشهد توترات بين حين وآخر، أحدثها في مايو/أيار الماضي، عقب تصريحات لوزير الخارجية اللبناني آنذاك، شربل وهبة، قال فيها إن "دول الخليج دعمت صعود تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة".
جدير بالذكر أن اليمن يشهد حرباً منذ عام 2015، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
لهذا النزاع المتواصل امتدادات إقليمية منذ مارس/آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.