علِم موقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 2 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن إيران قدّمت مسودتين خلال المفاوضات النووية المشحونة في فيينا، طالبت خلالهما برفع كافة العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
في أول مقابلةٍ له منذ بدء المحادثات يوم الإثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، للموقع البريطاني، إنّ المسؤولية الآن تقع على عاتق الولايات المتحدة من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وليس إيران.
رفع كافة العقوبات
أكّد باقري الذي يشغل أيضاً منصب نائب وزير خارجية إيران، أن الأمر متروك بيد الرئيس الأمريكي جو بايدن، للعودة إلى الامتثال الكامل ورفع العقوبات، لأن واشنطن هي التي انسحبت أحادياً من المعاهدة في عام 2018.
أردف المسؤول الإيراني أن الولايات المتحدة انتهكت شروط اتفاقية العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، وكذلك قرار الأمم المتحدة والقانون الدولي.
لكنّه شدّد على أن إيران جادةٌ للغاية بشأن المفاوضات، كما أوضح أن لديه فريقاً يضم 40 من كبار المسؤولين معه في العاصمة النمساوية.
من ناحيةٍ أخرى، نفى باقري المقترحات الأخيرة بأن إيران تدرس عقد اتفاقيةٍ مؤقتة، أو أن بلاده ستفكر في "اتفاق نووي بلاس" يتضمن بدء محادثات عن قوة الصواريخ الباليستية الإيرانية أو مشاركتها الإقليمية.
إرسال التوصيات للوفد الأمريكي
تُقيم وفود إيران ودول مجموعة 4+1 داخل فندق بالايس كوبورغ، حيث يبعث مسؤولو الاتحاد الأوروبي برسائلهم عبر شوارع فيينا الخاوية إلى الأمريكيين المقيمين في فندق الماريوت.
إذ تُصر الولايات المتحدة على امتثال إيران الكامل لبنود الاتفاق النووي، التي تشمل تقليل عدد أجهزة الطرد المركزي وإجمالي مخزون اليورانيوم المخصب، مقابل رفع العقوبات المرتبطة بالأنشطة النووية، على حد زعمهم.
لكن الكثير من العقوبات التي فرضها ترامب على إيران في حملة "الضغط القصوى" ستظل قائمة، حيث تقول واشنطن إن تلك العقوبات مرتبطة بتكنولوجيا الصواريخ، والإرهاب، والهجمات على المنشآت النفطية بالخليج، والدعم الإيراني للحوثيين في اليمن، وانتهاكات حقوق الإنسان.
بينما ترى إيران أنّ كل تلك العقوبات مرتبطةٌ ارتباطاً مباشراً بالاتفاق النووي، ومحاولات ترامب إجبار طهران على تغيير الاتفاقية.
قال مصدرٌ إيراني مقرب من الحكومة، إن تلك العقوبات غير النووية انتهاكٌ مباشر لخطة العمل الشاملة المشتركة، لأنّها تُعرقل التطبيع مع التجارة والأعمال الإيرانية.
إذ يُريد الإيرانيون رفع كافة العقوبات المفروضة بعد توقيع الاتفاق النووي، إلى جانب العقوبات المنصوص على إلغائها في الاتفاق الأصلي.
انقسامات وسط الفريق الدولي للمفاوضات
حيث علم موقع Middle East Eye البريطاني أن إحدى الدول الأوروبية أغضبت الإيرانيين حين قرأ ممثلها بياناً صاغه رئيس الوفد الأمريكي روبرت مالي. وقد احتج الوفد الإيراني قائلاً إنّ الولايات المتحدة ليست جزءاً من هذه المحادثات، قبل أن يُوجّهوا الحديث إلى الحاضرين قائلين: "لا تُهدّدونا".
يُقال إنّ ممثل الدولة الأوروبية تراجع حينها، وأكّد للإيرانيين أن البيانات المباشرة من الوفد الأمريكي لن تُقرأ مرةً أخرى.
في الوقت ذاته، قالت مصادر إن الانقسامات ظهرت في صفوف الفريق الدولي المكلف بإجراء المحادثات وجهاً لوجه مع الوفد الإيراني.
حين انتقد ممثلو إحدى الدول الأوروبية إيران واتهموها بالتعنّت؛ قام رئيس الوفد الصيني بتسليط الضوء على النفاق الغربي فيما يتعلّق بمنع الانتشار النووي، مُشيراً إلى اتفاقية أوكوس التي وقعتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا في سبتمبر/أيلول 2021.
في حين تراجع ممثل تلك الدولة الأوروبية حين طالبه الإيرانيون بعدم تهديدهم. ثم قال إنّ تصريحاته الافتتاحية قد أُسيء تفسيرها، وفقاً لمصدر مطلع على الموقف الأمريكي.
بعدها طلب الجانب الأوروبي تأجيل الجلسة، لكن الوفد الإيراني اعترض قائلاً إنهم سيضطرون للعودة إلى طهران في هذه الحالة. ثم استمرت المحادثات.
تحذيرات أمريكية
حذّر المسؤولون الأمريكيون مراراً، منذ يونيو/حزيران 2021، من أنّ فرص التوصل إلى اتفاق أوشكت على النفاد. لكن باقري نفى ذلك وأوضح أن إيران لا تشعر بأي ضغوطات.
كما أوضح أن إيران ليست مستعدةً للحديث عن مشاركتها الإقليمية مع الولايات المتحدة. إذ قال إنه على "اتصالٍ دائم" بجيران إيران، وقد زار الإمارات والكويت بنفسه قبل وصوله إلى فيينا. بينما علم الموقع البريطاني أنّ المحادثات مع الإمارات كانت ناجحةً للغاية.
من جانبه قال باقري للموقع البريطاني إنّه من "الواضح بما لا يدع مجالاً للشك"، أن إيران لن تتفاوض على قوتها الصاروخية. وأردف: "بالنسبة لقدراتنا الدفاعية، فإن معيارنا هو حماية وضمان أمننا القومي، ولن يتفاوض أحد على أمنه القومي".
رغم أن باقري كان من منتقدي الاتفاق النووي في السابق لدرجة وصفه بـ"الطفل المريض"، فإنه أوضح أنه مستعدٌ للتفاوض على إعادة تطبيق الاتفاق بحسن نية. وقال: "أعتقد بصدقٍ أنها فرصةٌ جيدة لشخصٍ مُلم بمختلف زوايا الاتفاق حتى يُدافع عن حق الشعب الإيراني ويسترده".