قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته يوم الأحد 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 إن الحكومة الأسترالية ترتِّب لتمرير قانون من أصعب تشريعات "مكافحة التصيد" في العالم.
لكن الخبراء يقولون إن تركيز ذلك التشريع المزمع تقديمه من جانب الحكومة الأسترالية على جرائم التشهير لن يساعد في الحد من معدلات التنمر عبر الإنترنت أو الكراهية الإلكترونية.
كشف هوية المجهولين
أعلن رئيس الوزراء، سكوت موريسون، يوم الأحد 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن حكومته ستقدم تشريعاً إلى البرلمان من شأنه أن يجبر شركات التواصل الاجتماعي على كشف هويات حسابات المتصيدين المجهولة ويوفر سبيلاً لمقاضاة هؤلاء الأشخاص بتهمة التشهير.
بموجب التشريع، ستُلزِم القوانين شركات التواصل الاجتماعي بجمع التفاصيل الشخصية للمستخدمين الحاليين والجدد، والسماح للمحاكم بالوصول إلى هوية المستخدمين لبدء قضايا التشهير.
لكن من غير الواضح ماهية البيانات الشخصية التي سيجري جمعها، ولكن هناك مؤشرات على أنها ستشمل رقم الهاتف وعنوان البريد الإلكتروني واسم وجهة اتصال المستخدم.
المسؤولون عن المنشورات التشهيرية
في إصلاح شامل، سيغير التشريع أيضاً المسؤول عن المنشورات التشهيرية، من المنظمات التي تدير الصفحات- مثل المؤسسات الإخبارية- إلى شركات وسائل التواصل الاجتماعي نفسها.
قال موريسون إنه يريد ضمان الاتساق بين قواعد العالم الحقيقي وتلك الموجودة على الإنترنت. وأضاف: "القواعد الموجودة في العالم الحقيقي يجب أن تكون موجودة في العالم الرقمي وعالم الإنترنت".
استطرد قائلاً: "لا ينبغي لعالم الإنترنت أن يكون غريباً متوحشاً، حيث يمكن للروبوتات والمتعصبين والمتصيدين وغيرهم أن يتنقلوا عبر الإنترنت دون الكشف عن هويتهم ويلحقوا الأذى بالناس ويؤذوهم".
لكن خبيرة الكراهية في الفضاء الإلكتروني ومؤلفة كتاب Troll Hunting، غينغر جورمان، قالت إن التشريع لن يفعل ما يكفي لمكافحة الإساءة عبر الإنترنت.
أضافت: "بشكل عام، أود أن أقول إن هذا التشريع جاء متأخراً جداً جداً، لقد حدث بالفعل الكثير من الضرر الحقيقي. هذا لا يكفي". وتابعت: "يجب على الحكومة أن تصدر تشريعات لواجب الرعاية، بحيث يتعين الحفاظ على سلامة الجمهور بواسطة المنصة".
أوضحت قائلة: "إنهم ينشرون باستمرار محتوى فاضحاً ولا يتحملون أي مساءلة عن ذلك". وقالت إن ألمانيا، حيث يمكن تغريم منصات الشركات بما يصل إلى 50 مليون يورو إذا لم تحذف المنشورات التي تحتوي على خطاب عنصري أو تشهيري أو غير قانوني في غضون 24 ساعة، أظهرت أن الحكومات يمكن أن تتخذ إجراءات جادة.
سنّ تشريعات ضد سلطة الشركات
أضافت: "لقد أظهرت شركات الإعلام على مدى عقود عديدة أنها لن تصلح هذا الأمر بمفردها. لذلك تحتاج الحكومات إلى سن تشريعات لتفكيك سلطة الشركات وفرض واجب عام للرعاية عليها".
بموجب التشريع، يتعين على شركات وسائل التواصل الاجتماعي إنشاء عملية لتقديم الشكاوى، حيث يمكن للناس أن يطلبوا إزالة المحتوى إذا شعروا أنه يمثل تشهيراً تجاههم.
إذا لم يتم حذف المنشور، يمكن للمستخدم أن يطلب البيانات الشخصية للشخص الذي نشر المحتوى. إذا لم يوافقوا على الكشف عن المعلومات، فيمكن إصدار أمر من المحكمة، لإجبار الشركة على الإفصاح عن المعلومات، وكذلك فتح سبيل للمتضرر لمقاضاة ناشر المنشور بسبب التشهير.
قال موريسون إن الحكومة ستدعم الحالات الأولية للمساعدة في وضع سابقة لهذه الجرائم. وأضاف: "سنبحث عن حالات اختبارية يمكن أن تعزِّز هذه القوانين".
أوضح موريسون: "لذا إذا اعتقدت الشركات الرقمية أو غيرها أنها ستتعامل مع شخص بمفرده وليس لديه سوى القليل من الوسائل للسير في تلك القضايا، فإننا سنبحث عن هذه الحالات وسنقدم الدعم له في المحاكم وسنقوم بمواجهة تلك الشركات".
يكمن في صلب التشريع قدرة الأفراد على رفع دعوى ضد ناشر المحتوى، إذا شعروا أنهم قد تعرضوا للتشهير.
الكراهية عبر الإنترنت
قالت الدكتورة لورين روزوارن من جامعة ملبورن، إن تحديد التشهير أسهل من تحديد التصيد والكراهية. وأضافت: "إن تعريف بعض هذه المصطلحات: أشياء مثل (الكراهية عبر الإنترنت) و(التصيد) هي أمور غير موضوعية".
أضافت: "على سبيل المثال، هل الآراء شديدة اللهجة التي يتم التعبير عنها مراراً وتكراراً تختلف عن آراء التصيد؟ سيقول بعض الناس نعم والبعض الآخر لا". وقالت إن إحدى القضايا الرئيسية في التشريع المقترح هي جمع البيانات الشخصية والتعقيدات التي تصاحب ذلك.
أضافت: "من الذي سيدفع مقابل التحقق؟ إذا لم يجرِ التحقق من البيانات فعلياً، فأنا أتخيل أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية الأكثر احتيالاً سيدخلون ببساطة تفاصيل احتيالية دون العديد من العوائق".
في الوقت الحالي، لم تعرض شركات وسائل التواصل الاجتماعي سوى "ردود باهتة" على مزاعم التصيد، على حد قولها. وأضافت: "مع وجود العديد من الشكاوى التي تشير إلى أن المستخدمين يحصلون دائماً على رد آلي من شركة وسائل التواصل الاجتماعي ولا يتم فعل أي شيء. يرغب المستخدمون في اتباع نهج أكثر استباقية ولكن هذا النهج كثيف الاستخدام للموارد".
تعليقات تشهيرية منشورة
جدير بالذكر أنه في سبتمبر/أيلول 2021، قضت المحكمة العليا بأن شركات الإعلام الأسترالية قد تكون مسؤولة عن التعليقات التشهيرية المنشورة على صفحات فيسبوك بعد أن خسرت Fairfax و Newscorp استئنافهما للهروب من تهم التشهير بعد تعليقات طرف ثالث على منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول ديلان فولير.
في حين سارع مجلس القانون الأسترالي إلى دعم التحول المقترح في المسؤولية. وقالت رئيسة مجلس القانون الأسترالي، الدكتورة جاكوبا براش، إنه يجب توخي الحذر لضمان توازن مناسب بين حرية التعبير وحماية السمعة الشخصية.
كذلك قالت جاكوبا: "من وجهة نظر مجلس القانون الأسترالي، فإن الإطار التشريعي الذي ينقل المسؤولية تجاه المنشئين سيساعد في تحقيق هذا التوازن. ومع ذلك، من المهم أيضاً أن ندرك أن الوسطاء مسؤولون عن مشاركتهم في بيئة الإنترنت ويتربحون غالباً من تأثيرات الشبكة لصفحاتهم أو منصاتهم".