طالبت دراسة إسرائيلية حديثة بتجميد وإلغاء صفقة نقل النفط من الإمارات إلى أوروبا عبر ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر، مؤكدةً أن تلك الصفقة "معيبة"؛ لما تنطوي عليه من تهديد استراتيجي لأمن تل أبيب، طبقاً لما نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الخميس 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
تلك الدراسة، التي نشرها معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وصلت إلى نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ووزارتي الدفاع والخارجية. وهي تمثل وجهة النظر الرسمية لباحثي المعهد.
حيث تسرد الدراسة عدة أسباب يرى الباحثون أنها كافية لتجميد الاتفاق، وتشمل: أولاً، المخاوف من هجمات إيران أو حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على ناقلات النفط التي يُفترض أنها ستعبر البحر الأحمر باستمرار دون أي تأمين لها، وثانياً التهديد القائم لمحطات تحلية المياه الساحلية المسؤولة عن تزويد إسرائيل بمياه الشرب، إضافة إلى أن تل أبيب لم تستوفِ الإجراءات الإدارية اللازمة قبل المصادقة على الاتفاقية، علاوة على أن الصفقة قد تقوض علاقات إسرائيل مع مصر.
أضرار أكبر من الفوائد
فيما خلصت الدراسة إلى أن "فوائد الاتفاق الذي وقعته شركة خط أنابيب إيلات عسقلان (EAPC) أقل بكثير من المخاطر الاستراتيجية والبيئية التي ينطوي عليها"، متسائلة باستنكار: "هل من المناسب تعريض الإسرائيليين للخطر من أجل نفط لن يستخدموه؟".
الدراسة أضافت: "الاستنتاج المُلحُّ هو أن الحكومة الجديدة يجب أن تؤجل تنفيذ الاتفاقية، حتى تستقصي جميع تداعياتها، خاصةً المخاطر الأمنية".
كان ممثلون رسميون عن شركة "خط أنابيب إيلات عسقلان" الإسرائيلية وشركة "ميد رد لاند بردج" Med-Red Land Bridge الإماراتية قد وقعوا أواخر عام 2020، عقود الصفقة التي لم يعلن عن بنودها بعد.
في حين أشارت الدراسة إلى أن تلك الصفقة حصلت على هذه الموافقة "دون الخضوع لفحص شامل من الهيئات المعنية لفحص آثارها؛ فالإجراءات التي أفضت إلى الصفقة لم تستوفِ المعايير الأساسية للحكم الرشيد فيما يتعلق بقواعد اتخاذ القرار، ومن ثم لا يستقيم أن توافق الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأثر رجعي، على هذه الخطوة".
معارضة واسعة داخل إسرائيل
يشار إلى أن تلك الصفقة تواجه معارضة واسعة داخل إسرائيل، حيث أعربت قائمة طويلة من الشخصيات عن معارضتها للاتفاق، ومنهم علماء وجماعات بيئية وعدد من الوزراء.
فيما أكدت الدراسة أنه في حال تنفيذ الصفقة، فإن عدد ناقلات النفط التي تصل إلى ميناء إيلات سيرتفع ارتفاعاً كبيراً، من حفنة في السنة إلى عشرات. ويمكن لكل سفينة من هذه السفن استيعاب ما يصل إلى 270 ألف طن من النفط.
من ثم حذَّرت الدراسة من أن "الحركة المنتعشة لناقلات النفط التي يفترض أن تشق طريقها إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر تنطوي على مخاطر أمنية كبيرة، لاسيما بعد أن أصبح البحر الأحمر في الآونة الأخيرة ساحةً معرضة للانفجار، وقد شهد بالفعل عدة هجمات على سفن إسرائيلية".
المقاومة الفلسطينية
أما الخطر الآخر، فهو أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المُحاصر قد تستهدف هذه الناقلات بالصواريخ، بحسب الدراسة التي لفتت إلى الاستهداف الناجح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لإحدى منشآت تخزين النفط بعسقلان في مايو/أيار الماضي.
كذلك هناك الخطر المتعلق بمحطات التحلية، إذ إنَّ تسرب النفط إلى البحر الأحمر من شأنه تلويث المياه الواردة إلى محطة إيلات، ومن ثم تقليل الإمدادات المائية للسكان المحليين والمزارعين المجاورين للمنطقة. علاوة على المخاطر بحدوث تسربات نفطية على طول ساحل البحر المتوسط في أثناء تحميل النفط لنقله إلى أوروبا، وقد تؤدي هذه التسربات إلى تلويث محطات تحلية المياه في عسقلان وأشدود، التي لا تبعد كثيراً عن المنشآت الخاصة بشركة أنابيب إيلات عسقلان.
إضافة إلى ذلك، حصلت صحيفة Haaretz على نسخة من ملاحظات رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت، خلال المناقشات الداخلية قبل صياغة الدراسة، وقد أشار في سياق اعتراضاته على الاتفاق، إلى أن "إسرائيل لا تضطلع عادة بتأمين ممرات الشحن، إلا في خضم الاضطرابات الشديدة المرتبطة بالحروب، مثل حرب لبنان الثانية. لكن في السنوات الأخيرة، احتدم اضطراب الأوضاع في البحر الأحمر، وتزايدت مخاطر الهجمات الإيرانية على السفن ذات الصلة بإسرائيل".
في حين أيَّدت الدراسة مخاوف وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية، تمار زاندبرغ، بشأن التهديد البيئي الذي تمثله الصفقة لخليج إيلات، منوهة إلى أن الزيادة الهائلة في عدد الناقلات التي تفرغ حمولتها من النفط في إيلات "يمكن أن تعرض الشعاب المرجانية الفريدة في إيلات للخطر".
من جهة أخرى، لفتت الدراسة إلى أن المضي قدماً في الصفقة قد تكون له تداعيات سلبية على علاقات إسرائيل بأوروبا، لأن خط أنابيب إيلات عسقلان يُنافس خط أنابيب آخر ينقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، وهو خط أنابيب سوميد المصري، القائم بالفعل منذ أكثر من 40 عاماً".
جدير بالذكر أن الإمارات وإسرائيل توصلتا في 13 أغسطس/آب 2020، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، تم توقيعه رسمياً في البيت الأبيض، منتصف سبتمبر/أيلول عام 2020.
منذ إعلان التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، وُقّعت العديد من الاتفاقيات بين إسرائيل والإمارات بمجالات عدة.