وصف فريق الإنقاذ بقوارب النجاة الذي سحب جثث المهاجرين من البحر بعد غرقهم في القناة الإنجليزية الواقعة بأنها "أشبه بفيلم تيتانيك"، بينما ظلوا واقفين عاجزين عن إنقاذهم، في واحدة من أسوأ كوارث غرق للمهاجرين على الحدود بين بريطانيا وفرنسا.
انتشل تشارلز ديفوس، وهو من أوائل الأشخاص الذين وصلوا لمكان الحادث، ست جثث من الماء، بما في ذلك امرأة حامل. وقال المدير الإقليمي لجمعية قوارب النجاة في كاليه: "لا أستطيع أن أتذكر حدوث مأساة مماثلة"، وفق ما ذكره تقرير صحيفة The Times البريطانية الجمعة 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
من بين الضحايا في القناة الإنجليزية امرأة ورجل كرديان من سوريا، ورجلان من اليمن، ورجل كردي من إيران، ورجلان من العراق. وحجبت The Times أسماءهم لأنَّ السلطات لم تبلغ عائلاتهم بعد.
حادث مروّع أشبه بفيلم تيتانيك
قالت السلطات الفرنسية يوم الأربعاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني، إنَّ 27 شخصاً لقوا حتفهم؛ 17 رجلاً و7 نساء وصبيّان وفتاة. ونُقِل ناجون إلى المستشفى بسبب انخفاض حرارة الجسم.
قال ديفوس لشبكة Sky News: "ما حدث مروّع للغاية. كان الأمر أشبه بفيلم تيتانيك عندما رأيت كل هؤلاء الناس يغرقون في الماء، دون أية وسيلة إنقاذ".
أضاف: "لقد قلت دائماً إنَّ الأمر سينتهي بمأساة مماثلة. نحن في أحد أكثر المضائق ازدحاماً في العالم. وننقذ زورقين أو ثلاثة قوارب أسبوعياً، وغالباً في وضح النهار. في كثير من الأحيان تكون محملة فوق طاقتها".
تابع قائلاً: "ما يمكنني قوله عن القارب الذي انقلب هو أنه كان خفيفاً ومهلهلاً للغاية، من النوع الذي تستخدمه مرة واحدة ثم تضعه في سلة المهملات".
كما أضاف: "لم يكن لدى الجميع سترات نجاة. ومع ارتفاع درجة حرارة الماء، سرعان ما أصيبوا بانخفاض حرارة الجسم. لم يكن لديهم فرصة للنجاة. تعتقد أنَّ البحر هادئ، لكن هذا ليس صحيحاً لأنه دائماً ما يكون متقلباً".
مشاهد فوضوية وترقب
يوم الخميس 25 نوفمبر/تشرين الثاني، في مخيم مؤقت لمئات المهاجرين، معظمهم من الأكراد، على ضفاف قناة دي بوربورغ خارج ميناء دونكيرك في الشمال الفرنسي، كانت هناك مشاهد فوضوية حيث كانت العائلات والأصدقاء يتلمسون أخبار أحبائهم.
عرض رياض زازاي (15 عاماً) من أفغانستان، على الصحفيين مقطع فيديو لأصدقائه لم يسمع عنهم منذ حادث الغرق في القناة الإنجليزية. وفي المقطع، الذي يعود ليوم الإثنين 22 نوفمبر/تشرين الثاني، كان الأولاد يحاولون ارتداء سترات النجاة من أجل العبور. ونظر شير محمد (17 عاماً) وابن عمومته رضا محمد (15 عاماً) وكلاهما من جلال آباد، إلى الكاميرا بابتسامة، في الفيديو الذي شاركاه تحت عنوان "الخروج".
يعتقد زازاي أنَّ الرحلة نظمها مهرّبون من باكستان. وقال مهاجرون في المخيم إنَّ المُهرِّب الذي يقف وراء العملية اسمه "ألفريدي".
قال زازاي مستذكراً محادثته الأخيرة مع شير محمد: "آخر مكالمة قالها إننا سنتحدث عندما نصل إلى المملكة المتحدة، وأتمنى أنَّ المرة القادمة التي نلتقي فيها تكون في المملكة المتحدة ونقيم حفلة هناك".
ضحايا غرق في القناة الإنجليزية
بدوره، وقف نصرت رهط (23 عاماً) بجانب نيران في المخيم يبكي من احتمال أن يكون صديقاه قد لقيا حتفهما في القناة الإنجليزية. وقد رآهما آخر مرة يوم الثلاثاء، 23 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما اتصل بهما مُهرِّب ليأخذهما إلى إنجلترا.
قال رهط إنَّ صديقيه دفعا 3000 جنيه إسترليني للمُهرِّب مقابل العبور. وكان هو نفسه يستعد للعبور في زورق قابل للنفخ، مساء الأربعاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما اقتربت الشرطة وقالت: "آسفون لوفاة أصدقائك. من فضلك لا تخُض رحلة العبور".
بينما قال رجل في المخيم إنَّ المهربين أبلغوه بأنَّ العديد من الضحايا الذين غرقوا في القناة الإنجليزية كانوا من بلدة رانيا في إقليم كردستان العراق.
فيما قال سنغار أحمد (32 عاماً)، من بلدة رانيا أيضاً: "لقد اتصل بي أشخاص من رانيا وهم قلقون. كان الطقس هذا الأسبوع سيئاً، ولم يكن هناك الكثير من رحلات العبور. لهذا السبب وضعوا الكثير من الناس على هذا القارب".
يُخشَى وفاة امرأة كردية عراقية تُدعى مريم نوري، بعد أن قال زوجها، المعروف باسم باران، إنه كان يتتبع رحلتها عبر القناة عبر نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس).
أوضح باران، لصحيفة The Daily Telegraph، "إنها ليست في المملكة المتحدة؛ مما يعني أنها رحلت. الجميع وأنا نشعر بحزن بالغ. كنت على اتصال مستمر بزوجتي وكنت أتابعها مباشرة على نظام تحديد المواقع العالمي. وبعد 4 ساعات و18 دقيقة من لحظة دخولها إلى ذلك القارب، حين كانوا في وسط البحر على ما أظن، فقدتها".
الحادث لن يثني المهاجرين عن المخاطرة
من جانبها، قالت وزارة الداخلية البريطانية إنَّ 757 مهاجراً عبروا القناة الإنجليزية على متن 17 قارباً، يوم الأربعاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني، مضيفة أنَّ السلطات الفرنسية منعت 176 شخصاً من الوصول إلى بريطانيا.
كما أجرى 62 مهاجراً آخرين الرحلة على متن قاربين أمس الخميس، مع توقيف فرنسا لـ30 مهاجراً. وتعني الأرقام أنَّ 6869 مهاجراً وصلوا هذا الشهر و26591 هذا العام، مقارنةً بـ8410 مهاجراً في عام 2020.
مع ذلك، خاطر المزيد من اللاجئين والمهاجرين بخوض الرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر القناة في الساعات التي تلت وفاة 27 شخصاً.
قضت مؤسسة قوارب النجاة الوطنية الملكية في بريطانيا طوال الليل بعد الحادث في إحضار نحو 40 شخصاً إلى بلدة دوفر الساحلية، وهي أسوأ خسارة في الأرواح منذ بدأ اللاجئون عبور البحر بالقوارب. ويُعتقَد أنَّ من بين العابرين امرأة وطفلاً صغيراً.
قد يؤدي تغير الطقس وأخبار الحادثة المأساوية إلى ردع الآخرين عن العبور هذا الأسبوع. ووصف الصيادون المحليون الظروف الآن بأنها مرعبة، وقالوا إنه لن يغامر أي صياد تجاري بالخروج.
قال كريغ كولينز، من شركة الصيد Channel Angling في دوفر: "الوضع هناك وحشي، في الوقت الحالي تهبّ عواصف شمالية غربية ستحطم القوارب. الأمر لا يتعلق بالبرد فحسب، بل برذاذ الماء أيضاً، سيصاب أي أحد بانخفاض حرارة الجسم في غضون 20 دقيقة من الخروج لعرض البحر".