في إطار الحراك الدبلوماسي الغربي باتجاه لبنان، زار وفد من الكونغرس الأمريكي بيروت برفقة عدد من مساعديهم ورئيس مجموعة العمل الأمريكية من أجل لبنان إدوار غبريال وعدد من أعضائها، حيث عقد الوفد اجتماعات مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فضلاً عن لقاء قائد الجيش جوزيف عون ووزير الداخلية بسام مولوي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
نقل السيناتور الأمريكي داريل عيسى إلى عون، اهتمام الكونغرس الأمريكي بالوضع في لبنان، والحرص على استمرار تقديم المساعدات إلى المؤسسات اللبنانية المدنية والعسكرية، وأنه وإدارته يتطلعون إلى دور رئيس الجمهورية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، وهم مهتمون بإنهاض الاقتصاد اللبناني وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، وتمكين لبنان من استخدام موارده الطبيعية لتعزيز اقتصاده وتحقيق الإصلاحات المنشودة والحد من هجرة أبنائه.
أهداف الزيارة
تؤكد مصادر دبلوماسية غربية لـ"عربي بوست"، أن الزيارة تهدف الى التثبت من صحة المعلومات التي نقلتها إليهم شخصيات لبنانية زارت واشنطن خلال الفترة الماضية والتي زرعت مخاوف من تقصير الإدارة الأمريكية الديمقراطية، التي لم تتفهم بعد إلى درجة عالية حجم المخاطر التي يتعرّض لها لبنان، في ظل التطورات الخطيرة التي عبرتها المنطقة وما زالت تعيش تداعياتها الكبيرة.
ووفقاً للمصدر فإن هذه المخاطر المحدقة تتزامن مع مجموعة من الاستحقاقات الداخلية الناجمة عن مجموعة الأزمات المتعددة التي تهدّد مستقبل البلاد باحتمال وصولها إلى مرحلة الانهيار التام والارتطام الاجتماعي والاقتصادي؛ ما يؤدي إلى تطورات أمنية، وربما ذهاب السلطة الحاكمة لإلغاء الانتخابات البرلمانية، ويشدد على ضرورة أن يحظى هذا الاستحقاق المنتظر برقابة دولية مباشرة، لأن التمديد للمجلس النيابي الحالي سيؤدي إلى فوضى دستورية وغياب الشفافية ومزيد من التطورات السياسية غير المتوقعة.
ويؤكد المصدر أنه أمام هذه التحديات السياسية والدستورية الجسيمة تقرر زيارة الوفد لبيروت؛ لاستطلاع الوضع عن كثب وللقاء المسؤولين السياسيين، إضافة إلى لقاء الوفد مع مجموعات من قوى المعارضة اللبنانية، وذلك بهدف توسيع مروحة الخيارات أمام الكونغرس الأمريكي الذي يستعد لمقاربة الملفات الأكثر خطورة إقليمياً ودولياً، لا سيما منها تلك التي تتصل بالسياسة الخارجية الأمريكية، على أبواب استئناف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني مع الولايات المتحدة ومجموعة الدول الأخرى في فيينا، إضافة إلى مناقشة ملفات الصراع اللبناني والإسرائيلي وتحديداً تلك المتصلة بالمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية، والتي تنتظر ما يقترحه رئيس الوفد الأمريكي عاموس هوكشتاين بعد زيارته الأخيرة لإسرائيل، وسط اعتقاد بأنّه سيحمل اقتراحات جديدة يمكن أن تفتح ثغرة في مسيرة المفاوضات المتوقفة منذ فترة.
ووفقاً للمصدر فإن الوفد تابع الملفات المتعلقة بمعالجة الأزمات الاقتصادية التي تسببت بها الأزمة المالية التي يعيشها لبنان وأدّت إلى وقف الإيفاء بديونه الخارجية.
وبالنسبة إلى أزمة الطاقة التي استدعت ضغوطاً أمريكية وتحركاً عربياً لتسهيل وصول الغاز المصري ومعه الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، كما أنتجت تجميد بعض العقوبات الأمريكية وفق "قانون قيصر" على سوريا؛ للحدّ من حجم اللجوء إلى حلول بديلة لا يمكن للبنان الاعتماد عليها أكثر من أشهر إن لم يكن أسابيع قليلة. فضلاً عن ارتباطها إلى حدّ بعيد بأزمة المشتقات النفطية وحجم الغلاء الذي منع من أن تكون ومعها المستلزمات الطبية والأدوية، في متناول عائلات لبنانية على أبواب موسم الشتاء.
وبحسب المصدر فإن الوفد وجميع المسؤولين والقيادات السياسية اتفقوا في أن أي محاولة لتأجيل الانتخابات البرلمانية المنتظرة ربيع العام القادم تعني الذهاب بلبنان نحو أزمة مع الدول الصديقة التي تسعى لإنقاذه من أزماته وإلى مزيد من الضغوط والعقوبات على المسؤولين اللبنانيين.
ماذا سمع الوفد من المعارضة؟
يؤكد مصدر قيادي في المعارضة اللبنانية أن الوفد الأمريكي سمع من قوى المعارضة والتغيير موقفاً واضحاً وموحداً حول ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بدوره حيال ممارسات القوى السياسية الحاكمة بتعطيل الاستحقاقات وعمل الحكومة، كما أن الوفد سمع هواجس المعارضة المتعلقة بمحاولات "تطيير التحقيق العدلي" بجريمة المرفأ عبر إصرار حزب الله وحلفائه على عزل القاضي البيطار، إضافة إلى خوف اللبنانيين من مساعي قوى سياسية لتأجيل الانتخابات النيابية القادمة كورقة بيد حزب الله للضغط على القوى المحلية والخارجية خلال مراحل التفاوض، خاصة بعد هزيمة حلفاء إيران في الانتخابات العراقية.