قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن الدول الغربية تدرس فرض مقاطعة دبلوماسية على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقرر عقدها بالصين خلال شهر فبراير/شباط 2022، احتجاجاً على سجل بكين "السيئ" في مجال حقوق الإنسان.
بحسب الصحيفة ذاتها، ستكون تلك الخطوة مجرد لفتةٍ دبلوماسية رمزية بسيطة بالنظر إلى الاتهامات الواسعة التي تلاحق الصين بشأن معسكرات العمل في إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية) ذاتية الحكم، والاستغلال الجنسي الواضح لنجمة التنس الصينية بينغ شواي، لكن الصين تحوّلت إلى قوة اقتصادية معاصرة بدرجةٍ تجعل خطوة مثل هذه لا تأتي بسهولة.
في الوقت الذي لا تمتلك فيه الصين أي أصدقاء، يؤكد الغرب مراراً وتكراراً أنّ سلاحه السري في مواجهة بكين هو قوة تحالفاته.
مشاركة أكبر الأطراف الفاعلة
فيما أشارت الصحيفة البريطانية إلى أنّ اتخاذ قرار المقاطعة، الذي يتجسد في سحب السفراء والأمراء والوزراء من الفعاليات الاحتفالية، يتطلّب أن تضمن الدول مشاركة أكبر الأطراف الفاعلة في مجموعة السبع؛ حيث إنّ الرد الذي يفتقر إلى التنسيق سيؤكد على افتقار الغرب إلى الحلول.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أفاد مؤخراً بأن الولايات المتحدة تدرس فكرة المقاطعة الدبلوماسية لأولمبياد بكين.
لكن في ظل وجود قضايا مثل حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، واستقلال تايوان، وقمع هونغ كونغ، وحتى التقدم غير المتوقع الذي أحرزته الصين على مستوى الأسلحة فرط الصوتية؛ قد يبدو أنه ليس من الحكمة إهانة بكين بسبب "قضايا تافهة" مثل عدد الشخصيات الأمريكية المرموقة التي ستذهب لمشاهدة اللاعب الأولمبي الأمريكي جون شوستر وهو ينافس من أجل الحفاظ على ميداليته الذهبية في رياضة الكيرلنغ، وفق الصحيفة.
خاصة أن الصين ستأخذ "تلك الإهانات" على محمل الجد، وقد برهنت الصين مؤخراً على خصلةٍ تُؤكد عزمها على الانتقام في حال شعرت بمعاملةٍ غير عادلة.
تداعيات قضية لاعبة التنس الصينية
كانت تداعيات قضية اللاعبة بينغ، التي تعرَّضت للاغتصاب، أسفرت عن بث الحياة من جديد في تأييد بعض الساسة الأمريكيين، بقيادة شخصيات جمهورية مثل مايك بومبيو وتيد كروز، لمقاطعة الأولمبياد بالكامل من جانب نجوم الرياضة والمسؤولين على حدٍّ سواء.
كما أنّه من الصعب على إدارة بايدن الديمقراطية أن تُعلن وجود إبادة جماعية في سنجان بالصين، ثم تعود ببساطة وتقول: "لتبدأ الألعاب". لكن الكثير من القرارات ستتوقّف على ظهور المزيد من الأدلة المقنعة حول الحالة الذهنية لبطلة التنس الصينية.
خلال فبراير/شباط الماضي، دعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، إلى "مقاطعة دبلوماسية" للألعاب الأولمبية، في موقف أثار يومها رد فعل غاضب من السلطات الصينية.
من المتوقع أن يوافق بايدن رسمياً بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري على خيار مقاطعة الدورة الأولمبية الذي أوصى به مستشاروه.
رأي فاصل لألمانيا
أما ألمانيا فسيكون لها على الأرجح رأيٌ فاصل، بعد أن كانت أكبر المستثمرين الأوروبيين في الصين والداعية الرئيسية للتعاون معها في عهد أنجيلا ميركل. لكن ميركل قالت إنّ قضية الأولمبياد تخص الحكومة التالية.
بخلاف ذلك، ربما تضطر بعض الحكومات الغربية للتحرك هذه الأيام بسبب آراء نجوم الرياضة، بفضل الأعداد الضخمة التي تتابعهم على الشبكات الاجتماعية وحصانتهم من التهديدات الصينية نسبياً. وطالما أنّ القضية تتعلّق بالتضامن مع رياضيٍ زميل، فسوف يدفع النجوم بالدبلوماسية الرياضية إلى المواجهة مع الصين. مما سيفرض ضغوطاً على الرعاة التجاريين، رغم استبعاد أن ينسحب أحدٌ منهم في هذه المرحلة المتأخرة.
بينما لا ترغب المملكة المتحدة في خسارة محركٍ اقتصادي جديد بمقاطعة الصين بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وذلك على الأقل حتى تُؤسس المزيد من الأسواق في جنوب شرق آسيا.
كان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قد حصل على بعض الوعود من الصينيين خلال مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ، لكن موقفه الطبيعي في الأصل يرفض المقاطعة الرياضية باعتبارها شكلاً من أشكال الهزيمة؛ حيث يرى أنّ الدبلوماسية الرياضية يجب أن تُساعد على إقامة العلاقات، وليس عرقلتها.
في هذا الإطار، تقدّمت اللجنة المختارة للشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني -التي تضم كافة الأحزاب- بمقترحٍ متكامل، خلال العام الجاري، يدعو الحكومة إلى اقتراح عدم مشاركة الجمعية الأولمبية البريطانية في حفلات الافتتاح والختام، وأن ترسل شخصاً واحداً فقط لتمثيلها بحمل العلم، وأن تمتنع الحكومة عن إرسال مسؤوليها لأي احتفالات أو مناسبات، مع تشجيع الشركات البريطانية بشدة على عدم رعاية الأولمبياد أو الإعلان فيها، وتشجيع الجمهور والسياح على عدم السفر، وتشجيع الرياضيين على عدم دعم أو قبول جهود الدعاية الحكومية الصينية أثناء وجودهم في البلاد.
إلا أن الحكومة البريطانية لم تُعلن حتى الآن التزامها بأي من تلك التوصيات خلال ردها على التقرير في نوفمبر/تشرين الثاني.
حيث يريد جونسون أن يتخيّر معاركه مع الصين بحرص. ورغم الضغوط القوية من أعضاء مجلس النواب ووزيرة الخارجية ليز تراس، لكنها ستكون مفاجأةً كبير إذا صارت بريطانيا أول دولة تقترح مقاطعة الأولمبياد.