حمدوك يعلن امتلاكه كامل الحرية في اختيار “حكومة تكنوقراط مستقلة” أولى مهامها الاستحقاق الانتخابي

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/21 الساعة 20:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/21 الساعة 20:46 بتوقيت غرينتش
رئيس المجلس العسكري السوداني عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك/ الأناضول

أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، مساء الأحد 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن الاتفاق الذي أبرمه مع الجيش يمنحه كامل الحرية في اختيار "حكومة كفاءات وطنية مستقلة"، لافتاً إلى أن هناك توافقاً على إجراء الانتخابات قبل يوليو/تموز 2023.

جاء ذلك في أول تصريحات إعلامية يطلقها حمدوك منذ اعتقاله في أعقاب التطورات الأخيرة التي أعلنها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

حيث نقلت قناة الجزيرة القطرية عن حمدوك قوله إنه عمل على إنجاز الاتفاق الجديد خلال الأسابيع الأخيرة، مشدّداً على أن "بناء الثقة بين الأطراف السودانية يحتاج إلى الوضوح والجدية ورحابة الصدر".

فيما أشار إلى أن "الفكرة الأساسية في الحكومة المقبلة أنها حكومة تكنوقراط من كفاءات مستقلة، ويجب أن تركز على قضايا محدودة على رأسها التحول الديمقراطي"، متابعاً: "نتمنى أن نتوافق على حكومة كفاءات تنجز مهام محددة أولها الاستحقاق الانتخابي".

"اتفاق نتاج العديد من المبادرات"

كما أوضح حمدوك أنه تواصل مع طيف واسع من القوى السياسية أثناء وجوده قيد الإقامة الجبرية، وأن الاتفاق الجديد نتاج العديد من المبادرات التي تبلورت في الفترة الأخيرة، على حد قوله.

كان حمدوك، منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعيش قيد الإقامة الجبرية في منزله بضاحية كافوري شمالي العاصمة الخرطوم، وسط حراسة مشددة، بعد إعادته إليه عقب إجراءات للجيش يعتبرها الرافضون لها "انقلاباً عسكرياً".

إلا أنه في وقت سابق من يوم الأحد رفع الجيش السوداني الإقامة الجبرية عن حمدوك.

في حين أكد أن الاتفاق السياسي الجديد "قائم على إيقاف نزيف الدم، والتظاهر السلمي حق مشروع انتزعه السودانيون"، منوهاً إلى أن "خلق التوافق الوطني العريض هو مسؤولية ومتطلب أساسي لإنجاح الفترة الانتقالية".

كذلك ذكر رئيس الوزراء السوداني أن "إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين جزء من الاتفاق، وسأعمل على تنفيذه عاجلاً، ويجب أن يشعر أسر الضحايا بأن العدالة قد تحققت".

في السياق، أطلقت السلطات السودانية سراح 4 معتقلين سياسيين بينهم رئيس حزب "المؤتمر السوداني" (ضمن الائتلاف الحاكم)، عمر الدقير، ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/ فرع الشمال، ياسر عرمان.

بينما استدرك حمدوك قائلاً: "من الأهمية قيام جيش قومي واحد في السودان بعقيدة موحدة".

في وقت سابق من الأحد، باشر حمدوك مهامه بمكتبه بمقر مجلس الوزراء في الخرطوم، بعد ساعات من توقيعه الاتفاق السياسي الذي نص على إلغاء قرار القائد العام للقوات المسلحة بإعفاء رئيس مجلس الوزراء الانتقالي.

مقتل متظاهر جديد

في غضون ذلك، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، في بيان، مقتل مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً، وذلك بعد إصابته بجرح ناجم عن طلق ناري في الرأس في احتجاجات بمدينة أم درمان، الأحد.

بذلك ارتفع عدد قتلى الاحتجاجات منذ الأحداث الأخيرة في البلاد إلى 41 متظاهراً، وفقاً للجنة الأطباء المُقربة من الحركة الاحتجاجية.

كانت العاصمة السودانية الخرطوم، ومدن أخرى، قد شهدت، الأحد، مظاهرات، احتجاجاً على "الانقلاب العسكري"، وللمطالبة بحكم مدني ديمقراطي، ورفضاً لإجراءات البرهان.

إذ تظاهر المئات بميدان "جاكسون" وسط الخرطوم، وأيضاً في مدن "عطبرة" (شمال)، و"ربك" (جنوب).

فيما ردد المتظاهرون، الذين حملوا الأعلام السودانية، شعارات: "الشعب يريد إسقاط البرهان"، و"الشعب أقوى، والردة مستحيلة"، "الثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات".

المتظاهرون رفعوا لافتات مكتوباً عليها: "القصاص العادل للشهداء"، و"يسقط حكم العسكر"، و"الردة مستحيلة"، و"لا تفاوض، و"لا شراكة"، و"لا مساومة".

رفض متزايد

كانت "قوى الحرية والتغيير" في السودان قد أعلنت أنها "غير معنية" بالاتفاق بين البرهان وحمدوك، مؤكدة أنه "لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين".

بدورها، أعلنت "لجان مقاومة" أحياء الخرطوم (شعبية)، رفضها لكل "أشكال المساومة على دم الشهيدات والشهداء"، وأضافت في بيان: "عهدنا مع الشارع هو عدم العودة للوراء. عهدنا مع الشهداء الذين تبرعوا من أوردتهم من أجل هذا الوطن الكبير بألا نساوم على أرواحهم الطاهرة التي حُصدت ببنادق قوات الاحتلال".

كذلك أعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه التام للاتفاق السياسي، مؤكداً أن "اتفاق الخيانة الموقع بين حمدوك والبرهان مرفوض جملةً وتفصيلاً، ولا يخص سوى أطرافه، فهو مجرد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب الأخير وسلطة المجلس العسكري، وانتحار سياسي لعبد الله حمدوك".

أيضاً أعلن وزراء المجلس المركزي في الحكومة السودانية المعزولة رفضهم لاتفاق البرهان وحمدوك.

من جهتها أكدت هيئة محامي دارفور (مستقلة)، في بيان، أن "الوثيقة الدستورية (الموقعة عام 2019) معيبة ولن تصلح لتأسيس دستوري سليم".

اتفاق البرهان – حمدوك

كان البرهان قد وقع اتفاقاً سياسياً مع حمدوك؛ بهدف إنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو شهر، وذلك في أعقاب ضغوط دولية مكثفة ومظاهرات متواصلة تطالب بالحكم المدني.

حضرت مراسم توقيع الاتفاق قيادات عسكرية وسياسية، وهو يتضمن 14 بنداً، أبرزها إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة الانتقالية.

كما يتضمن الاتفاق إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفان بالعمل سوياً لاستكمال المسار الديمقراطي.

الاتفاق ينص أيضاً على أن يشرف مجلس السيادة الانتقالي على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي، وبناء جيش قومي موحد، وتنفيذ اتفاق السلام لعام 2020.

تضمن الاتفاق كذلك إعادة هيكلة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، وبدء حوار موسع وشفاف بين كافة القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة، بما يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري، والإسراع في استكمال جميع هياكل مؤسسات الحكم الانتقالي، بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام.

أحداث ساخنة في السودان

منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".

مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".

فيما أصدر البرهان، الخميس 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مرسوماً بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائباً له.

قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.

تحميل المزيد