رحبت كل من الأمم المتحدة وهيئة "إيغاد" للتنمية، الأحد 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بتوقيع الاتفاق السياسي بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، بهدف إنهاء الأزمة في البلاد.
حيث قالت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، عبر بيان، إنها ترحب بما وصفته بـ "الإعلان المبدئي" الذي تم بين البرهان وحمدوك للتوصل إلى توافق حول حل الأزمة الدستورية والسياسية التي قالت إنها "كانت تهدد استقرار البلاد".
أضافت البعثة: "سيحتاج شركاء الانتقال السياسي إلى معالجة القضايا العالقة على وجه السرعة لإكمال الانتقال بطريقة شاملة، مع احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون".
فيما دعت "جميع أطراف العملية السياسية إلى ضم أصوات الشباب لتلبية مطالب الشعب، والحفاظ على المشاركة الهادفة للمرأة والنهوض بحقوقها التي اكتسبتها بشق الأنفس ودورها في التحول الديمقراطي".
بينما أعربت عن "الأسف لفقدان العديد من أرواح السودانيين خلال الأسابيع الماضية.. ونشدد على الحاجة لتحقيقات شفافة ومساءلة لضمان العدالة لأرواح الضحايا، كما نتوقع أن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول على الفور كبادرة أولى لتنفيذ الاتفاق".
كما أعربت البعثة الأممية عن "استعدادها الدائم لتقديم الدعم اللازم خلال العملية الانتقالية لتحقيق نجاح الانتقال الشامل".
"تشكيل حكومة شاملة"
من جهتها، قالت هيئة "إيغاد" للتنمية، في بيان، إن "الأمين العام للهيئة (ورقنه غبيهو) يرحب بموافقة الجيش على إعادة حمدوك، واستعادة الحكم المدني، والإفراج عن القادة السياسيين المحتجزين".
و"إيغاد" هيئة حكومية إفريقية شبه إقليمية، أُسست عام 1996، وتتخذ من جيبوتي مقراً لها، وتضم كلاً من: السودان، جنوب السودان، إثيوبيا، كينيا، أوغندا، الصومال، جيبوتي وإريتريا.
في حين أعرب غبيهو عن أمله بأن يؤدي الاتفاق إلى "تشكيل حكومة شاملة، واستعداد الهيئة للعمل مع الحكومة الجديدة في تنفيذ الاتفاق".
رفض واضح
كانت "قوى الحرية والتغيير" في السودان قد أعلنت أنها "غير معنية" بالاتفاق بين البرهان وحمدوك، مؤكدة أنه "لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين".
بدورها، أعلنت "لجان مقاومة" أحياء الخرطوم (شعبية)، رفضها لكل "أشكال المساومة على دم الشهيدات والشهداء"، وأضافت في بيان: "عهدنا مع الشارع هو عدم العودة للوراء. عهدنا مع الشهداء الذين تبرعوا من أوردتهم من أجل هذا الوطن الكبير بألا نساوم على أرواحهم الطاهرة التي حُصدت ببنادق قوات الاحتلال".
كذلك أعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه التام للاتفاق السياسي، مؤكداً أن "اتفاق الخيانة الموقع بين حمدوك والبرهان مرفوض جملةً وتفصيلاً، ولا يخص سوى أطرافه، فهو مجرد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب الأخير وسلطة المجلس العسكري، وانتحار سياسي لعبد الله حمدوك".
من جهتها أكدت هيئة محامي دارفور (مستقلة)، في بيان، أن "الوثيقة الدستورية (الموقعة عام 2019) معيبة ولن تصلح لتأسيس دستوري سليم".
اتفاق البرهان وحمدوك
في وقت سابق من يوم الأحد، وقع البرهان اتفاقاً سياسياً مع حمدوك؛ بهدف إنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو شهر، وذلك في أعقاب ضغوط دولية مكثفة ومظاهرات متواصلة تطالب بالحكم المدني.
حضرت مراسم توقيع الاتفاق قيادات عسكرية وسياسية، وهو يتضمن 14 بنداً، أبرزها إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة الانتقالية.
كما يتضمن الاتفاق إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سوياً لاستكمال المسار الديمقراطي.
الاتفاق ينص أيضاً على أن يشرف مجلس السيادة الانتقالي على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي، وبناء جيش قومي موحد، وتنفيذ اتفاق السلام لعام 2020.
تضمن الاتفاق كذلك إعادة هيكلة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، وبدء حوار موسع وشفاف بين كافة القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة، بما يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري، والإسراع في استكمال جميع هياكل مؤسسات الحكم الانتقالي، بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام.
أحداث ساخنة في السودان
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
فيما أصدر البرهان، الخميس 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مرسوماً بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائباً له.
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.