قالت صحيفة "The wall street journal" الأمريكية الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن وكالة الاستخبارات الأمريكية اكتشفت أن الصين كانت تبني سراً ما اشتُبه أنه منشأة عسكرية في ميناء في الإمارات، أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
الصحيفة الأمريكية نقلت عن أشخاص مطلعين على الأمر أن إدارة الرئيس جو بايدن، التي شعرت بالقلق، حذرت الحكومة الإماراتية من أن الوجود العسكري الصيني في بلادها قد يهدِّد العلاقات بين البلدين.
فيما أشار الأشخاص المطلعون، الذين لم يتم الكشف عن هويتهم، إلى أن التقارير الأولية كانت "مبهمة"، لكن لقطات فضائية سرية جديدة تم تصويرها بواسطة قمر صناعي في الربيع الماضي، دفعت المسؤولين الأمريكيين إلى استنتاج أن الصين تبني في الميناء موقعاً عسكرياً.
كان من بين الدلائل على تلك الثكنة العسكرية الصينية "السرية"، قيام وكالات الاستخبارات الأمريكية خلال الربيع الجاري برصد عملية حفرٍ ضخمة تكفي لاستيعاب بناية متعددة الطوابق وتنصيب عوارض عملاقة، بحسب أحد المصادر المطلعة.
بينما تمت تغطية موقع البناء خلال مرحلةٍ ما لمنع التدقيق في طبيعته. لكن المسؤولون الأمريكيون رفضوا الإدلاء بتفاصيل إضافية حول طبيعة الموقع العسكري المشتبه به.
في حين رجحت المصادر ذاتها ألا تكون السلطات الإماراتية، التي تستضيف قوات عسكرية أمريكية على أرضها وترغب في شراء مقاتلات وطائرات مسيرة أمريكية، على علم بالطابع العسكري لتلك الأنشطة الصينية.
ضغوط أمريكية
على أثر ذلك، مارست واشنطن ضغوطاً على الإمارات؛ من أجل إيقاف بناء القاعدة الصينية "العسكرية" التي كان يتم بناؤها في ميناء خليفة على بُعد 80 كيلومتراً شمال أبوظبي، فضلاً عن قيام مستشار الأمن القومي ومبعوث بايدن للشرق الأوسط بزيارة لموقع البناء.
حيث نقلت صحيفة "The wall street journal" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الرئيس بايدن أعرب شخصياً مرتين لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، عن قلقه إزاء وجود الصين المتزايد في الإمارات، خلال شهر مايو/أيار الماضي ثم في أغسطس/آب.
في حين حذّر بايدن، وليَّ عهد أبوظبي في أحد الحوارين، من أن الأنشطة الصينية قد تؤثر سلباً على الشراكة بين الولايات المتحدة والإمارات، بينما رد محمد بن زايد على ذلك بالقول إنه "سمع بوضوحٍ" هذا التحذير.
أيضاً قدَّم مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جاك سوليفان، وكبير مستشاري الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، خلال زيارة لأبوظبي في أواخر سبتمبر/أيلول، عرضاً تفصيلياً بالمعلومات الاستخباراتية الأمريكية كافة عن الموقع الصيني. وعاد ماكغورك مرةً أخرى إلى الإمارات الأسبوع الجاري؛ للقاء محمد بن زايد، كما أجرى مسؤولون أمريكيون تفتيشاً للموقع وصارت لديهم قناعة بأنّ أعمال البناء قد توقفت حالياً.
عقب تلك الضغوط الأمريكية، تم إلغاء أعمال بناء الموقع الصيني مؤخراً، خاصة بعدما تم إقناع الإماراتيين بأن الموقع يحمل طابعاً عسكرياً، ولا بد من وضع حد لبنائه، وبعد جولات من الاجتماعات والزيارات من قِبل المسؤولين الأمريكيين.
من جهتها، قالت سفارة الإمارات في واشنطن للصحيفة: "لا علم لنا ولا اتفاق مع الصين بشأن وجود عسكري لها على أراضينا".
صفقة أسلحة
كانت المخاوف بشأن التعاون الأمني الجديد بين الصين والإمارات قد هددت صفقة بيع نحو 50 مقاتلة إف-35 من الجيل الخامس، و18 طائرة مسيرة من طراز ريبر، وذخائر أخرى للإمارات مقابل 23 مليار دولار.
لكن يبدو أنّ وقف الإنشاءات قد أعاد العلاقات بين واشنطن وأبوظبي إلى طبيعتها. إذ قالت نائبة مساعد وزير الخارجية للأمن الإقليمي، ميرا ريزنيك، الثلاثاء 16 نوفمبر/تشرين الثاني، من دبي، إن صفقة المقاتلات والطائرات المسيرة المذكورة مع الإمارات ستمضي قدماً بعد "الحوار القوي والمتواصل" الذي يجري مع الإماراتيين.
كذلك من المتوقع أن يزور وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، العاصمة أبوظبي خلال الأسبوع الجاري.
تأتي جهود الصين من أجل إنشاء موقع عسكري داخل الإمارات على حد اعتقاد المسؤولين الأمريكيين، وضغط إدارة بايدن لإقناع الإماراتيين بمنع بنائها، لتعكس التحديات التي تواجهها الإدارة الأمريكية من أجل المنافسة مع بكين على الساحة الدولية.