أدانت 7 دول بمجلس الأمن الدولي، الخميس 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، "الاستغلال المنظم للبشر من قبل بيلاروسيا، بهدف زعزعة استقرار البلدان المجاورة والحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي".
جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإستونيا والنرويج وأيرلندا، إضافة إلى ألبانيا والتي ستباشر عضويتها بالمجلس اعتباراً من مطلع العام المقبل، عقب جلسة مشاورات عقدها مجلس الأمن بشأن أزمة المهاجرين الحالية على الحدود البيلاروسية البولندية.
وتلا مندوب إستونيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير سيغن يورجنسون، على الصحفيين بمقر الأمم المتحدة، بياناً مشتركاً باسم الدول السبع وهو محاط بمندوبيها.
حيث قال: "نحن أعضاء الاتحاد الأوروبي الحاليين في مجلس الأمن، إستونيا وفرنسا وأيرلندا، وانضم إلينا اليوم أعضاء مجلس الأمن، النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والعضو القادم في المجلس ألبانيا، ندين الاستغلال المنظم للبشر الذين تعرضت حياتهم للخطر لأسباب سياسية من قبل بيلاروسيا، بهدف زعزعة استقرار البلدان المجاورة والحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وصرف الانتباه عن انتهاكاتها المتزايدة لحقوق الإنسان".
كما أضاف: "هذا التكتيك غير مقبول ويدعو إلى رد فعل دولي قوي وتعاون من أجل محاسبة بيلاروسيا. إنه يوضح كيف أصبح نظام ألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي".
ودعا "السلطات البيلاروسية إلى وقف هذه (الأعمال اللاإنسانية) وعدم تعريض حياة الناس للخطر، ومنح المنظمات الدولية الوصول الفوري ودون عوائق إلى الأشخاص الموجودين هناك لتقديم المساعدة الإنسانية".
وتابع السفير يورجنسون، قائلاً: "يتعين على بيلاروسيا أن تفهم أن الضغط على الاتحاد الأوروبي بهذه الطريقة، من خلال استغلال المهاجرين كأداة، لن ينجح".
وأعربت الدول السبع في بيانها عن "التضامن مع بولندا وليتوانيا والاستعداد لمناقشة التدابير التي يمكننا اتخاذها لدعمهما".
كما أعرب البيان أيضاً عن "القلق العميق إزاء الحالة المزرية للمهاجرين"، داعياً السلطات البيلاروسية إلى توفير وتيسير الحماية والرعاية المناسبتين.. منعاً لحدوث أزمة إنسانية وضمان عودة المهاجرين الذين يفتقرون إلى الأساس القانوني للبقاء بأمان إلى بلدانهم الأصلية.
أزمة المهاجرين
الإثنين، حاول العديد من طالبي اللجوء عبور الحدود لدخول بولندا من بيلاروسيا؛ حيث يوجد حالياً حوالي 4000 طالب لجوء على حدود البلدين، بحسب وكالة الأنباء البولندية.
ويتهم الاتحاد الأوروبي الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو بتنسيق وصول هذه الموجة من المهاجرين واللاجئين إلى الجانب الشرقي من التكتل، وذلك رداً على العقوبات الأوروبية التي فرضت على بلاده بعد "القمع الوحشي" الذي مارسه نظامه بحق المعارضة.
مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام بيلاروسية، الإثنين، أظهرت حرس حدود بيلاروسيين مسلحين يرتدون زياً قتالياً، ويقودون طابوراً من الناس، بينهم عائلات وأطفال، على طول طريق سريع يمتد من بلدة بروزغي الحدودية باتجاه غابة تمتد على طول منطقة بودلاسكي البولندية، فيما اتهمت دول أوروبية بيلاروسيا باستغلال المهاجرين.
كذلك أظهرت تقارير مصورة في وقت لاحق مواجهة حدودية، حيث ورد أن حرس الحدود البولنديين استخدموا الغاز المسيل للدموع لصد بعض المهاجرين عن محاولتهم اختراق الأسلاك الشائكة أو هدم السياج الحدودي لعبور الحدود.
بالموازاة مع ذلك، حلَّقت مروحيات بولندية فوق مكان الحادث، بينما هتف بعض المهاجرين "ألمانيا!"، وجهتهم المرجوة، بحسب مقطع فيديو نُشر على الشبكات الاجتماعية.
بحلول المساء، نصب المئات خياماً في منطقة غابات حدودية، وهو ما يشير إلى أن الاشتباكات قد تتكرر في الأيام المقبلة، حيث تعهد المسؤولون البولنديون بمنع الناس من العبور إلى بلادهم من بيلاروسيا.
في أحد مقاطع الفيديو المنشورة على الشبكات الاجتماعية، يُسمع دوي إطلاق نار، ولم يتضح إن كان قد تسبب في إصابات.
انتقادات لبيلاروسيا
في غضون ذلك، اتهمت بولندا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي بيلاروسيا بمحاولة إثارة أزمة لاجئين جديدة في أوروبا، انتقاماً من انتقادها لحملة رئيس البلاد ألكسندر لوكاشينكو الوحشية على المعارضة والعقوبات الأوروبية بعد حادث الهبوط القسري لطائرة رايان إير في مايو/أيار.
رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي حذر، الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، من أن الموجة غير المسبوقة من المهاجرين الذين يحاولون دخول بولندا بصورة غير قانونية من بيلاروسيا "تهدد أمن الاتحاد الأوروبي برمته"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، قال نائب وزير الخارجية البولندي، بيوتر وارزيك، في تصريح للإذاعة العامة البولندية الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن بيلاروسيا "تحاول التسبب في "حادث كبير يصحبه إطلاق نار وإصابات".
أما وزير الدفاع البولندي، ماريوس باشاكزاك، فقال إن 12 ألف جندي "متأهبون لحماية الحدود البولندية"، فيما قدّر بيوتر مولر، المتحدث باسم الحكومة البولندية، وجود ما بين 3000 إلى 4000 شخص على الحدود البولندية.
بدوره قال أنطون بيتشكوفسكي، المتحدث باسم حرس الحدود في بيلاروسيا، لوكالة Associated Press إن "هؤلاء المهاجرين على الحدود يسعون لممارسة حقهم في التقدم بطلب اللجوء في الاتحاد الأوروبي".
أضاف أنهم تجمعوا في هذه المجموعة الكبيرة تحاشياً "للطرد القسري من الجانب البولندي".
ألمانيا التي يسعى المهاجرون للوصول إليها، حذرت هي الأخرى مما يجري بجوارها، وطالبت المفوضية الأوروبية "بأخذ إجراءات" للحد من تدفّق المهاجرين من بيلاروسيا إلى جارتها بولندا العضو في الاتّحاد الأوروبي.
وزير الداخلية الألماني، هورست سيهوفر، قال في تصريح لصحيفة "بيلد" إنّ تدفّق المهاجرين مشكلة "لا تستطيع بولندا أو ألمانيا التعامل معها بمفردهما".
كانت ألمانيا قد شهدت زيادة حادّة في أعداد المهاجرين الآتين من بيلاروسيا عبر جارتها بولندا، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 بلغ عدد هؤلاء المهاجرين حوالي 5000 شخص، وفقاً للسلطات الألمانية.