أدى قائد قوات "الدعم السريع" بالسودان محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الجمعة 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، اليمين الدستورية، بصفته نائباً لرئيس مجلس السيادة الجديد، فيما عبّرت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى عن قلقها العميق إزاء الإعلان عن مجلس السيادة الجديد في السودان.
في حين جرت مراسم أداء اليمين أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس القضاء عبد العزيز فتح الرحمن عابدين، وفق بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة.
كان قائد الجيش السوداني، البرهان، قد أصدر مرسوماً دستورياً، الخميس، يقضي بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين "حميدتي" نائباً له، وأدى أمام رئيس القضاء اليمين الدستورية رئيساً للمجلس، متجاهلاً ضغوطاً محلية ودولية للعدول عن الانقلاب.
"انتهاك للوثيقة الدستورية"
في غضون ذلك اعتبرت دول "الترويكا" المعنية بالسودان والاتحاد الأوروبي وسويسرا، الجمعة، أن الإعلان عن مجلس سيادة جديد في السودان "إجراء أحادي" يمثل "انتهاكاً" للوثيقة الدستورية، معربة عن "القلق البالغ" حيال ذلك.
جاء ذلك في بيان مشترك نشرته السفارة الأمريكية لدى السودان على حسابها بموقع "فيسبوك".
إذ قال البيان: "تعرب دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبي وسويسرا عن القلق البالغ مما يُزعم بشأن إعلان مجلس سيادي في السودان، والذي يمثل انتهاكاً للوثيقة الدستورية".
فيما اعتبر أن "هذا الإجراء الأحادي الطرف الذي يتخذه الجيش يقوّض التزامه باحترام الإطار الانتقالي المتفق عليه (الوثيقة الدستورية)، والذي يقضي بترشيح أعضاء المجلس السيادي من جانب قوى إعلان الحرية والتغيير".
البيان أكد أن ذلك من شأنه أن يتسبب في "تعقيد الجهود الرامية إلى إعادة عملية الانتقال الديمقراطي في السودان إلى مسارها، كما يعد مخالفاً لتطلعات الشعب السوداني، ولمتطلبات تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد".
كما دعا إلى تجنُّب أي "خطوات تصعيدية" أخرى، وعودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والحكومة الانتقالية المدنية، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإلغاء حالة الطوارئ لإتاحة المجال لإجراء حوار حقيقي وبنّاء، لافتاً إلى أن "الدعم الدولي مرهون بنجاح عملية الانتقال السياسي بموجب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية الموقعة عام 2019 بين المكونين المدني والعسكري في السودان".
حرية التعبير
في حين طالب بيان القوى الغربية، القوات الأمنية بـ"احترام حقوق المواطنين بالتعبير عن آرائهم بحرية".
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على "تويتر"، الليلة الماضية، إن الأحداث في السودان مُقلقة للغاية، مطالباً بـ"الإفراج فوراً عن جميع من يجسّدون روح وأمل الثورة السودانية التي يجب ألا تتعرض للخيانة".
يشار إلى أن مجلس السيادة، المؤلف من 14 عضواً، يمثل مناطق السودان، لكنه لا يضم أي عضو من تحالف قوى الحرية والتغيير السياسي الذي كان يتقاسم السلطة مع الجيش منذ 2019، مما يعني فعلياً حلَّ الشراكة الانتقالية. ويبقى عضو واحد في المجلس لم يتم اختياره بعد.
بينما لا يزال عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء الذي أطاح به الجيش يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، قيد الإقامة الجبرية في منزله. ويركز جزء من جهود الوساطة على إعادته لتولي رئاسة حكومة تكنوقراط.
احتجاجات كبيرة
إلى ذلك، دعا معارضو الانقلاب العسكري إلى احتجاجات كبيرة، السبت 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وقتلت قوات الأمن بالرصاص ثلاثة أشخاص خلال أحدث احتجاجات على سيطرة الجيش على السلطة، في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وقُتل 15 محتجاً منذ الانقلاب.
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
قبل تلك الإجراءات، كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.