نددت منظمة العفو الدولية بـ"استهداف المدنيين بشكل متزايد" من قبل القضاء العسكري التونسي "وفي بعض الحالات، بسبب انتقادهم العلني للرئيس" قيس سعيد الذي تولى السلطات في البلاد منذ 25 تمّوز/يوليو الماضي.
وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية الأربعاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كشفت المنظمة الحقوقية في بيان أنه "خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها، حقق القضاء العسكري مع ما لا يقل عن عشرة مدنيين أو حاكمهم، بشأن مجموعة من الجرائم".
متابعة القضاء العسكرالتونسي المدنيين
أوضحت المنظمة أن أربعة أشخاص مثلوا أمام القضاء العسكري التونسي "لمجرد انتقاد الرئيس" وهم الإعلامي ومقدم البرامج السياسية في قناة الزيتونة الخاصة عامر عيّاد، والنائبان في البرلمان المجمدة أعماله عبد اللطيف العلوي وياسين العياري، والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي سليم الجبالي.
كما قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية هبة مرايف: "يبدو أن عدد المدنيين الذين يمثلون أمام نظام القضاء العسكري التونسي يتزايد بمعدل مقلق للغاية. ففي الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، فاق عدد المدنيين الذين مثلوا أمام المحاكم العسكرية عددهم في السنوات العشر السابقة مجتمعة".
تابعت المسؤولة: "بينما يناقش التونسيون المستقبل الغامض لبلدهم، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تحمي السلطات حقهم في القيام بذلك بحرية.. دون خوف من الاضطهاد".
اعتقال بسبب انتقاد الرئيس سعيّد
في 3 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت الشرطة التابعة للفرقة الوطنية لمكافحة الإجرام كلاً من المذيع عياد، والبرلماني العلوي من منزليهما في مدينتي المنستير وتونس العاصمة، على التوالي، بعد يومين من ظهورهما معاً في البرنامج التلفزيوني "حصاد 24" الذي يقدّمه عياد.
خلال البث، أبدى الرجلان ملاحظات انتقادية للرئيس قيس سعيد، وعبّرا عن شكوكهما فيما يخص درجة السلطة الفعلية الممنوحة لنجلاء بودن، التي عينها قيس سعيّد مؤخراً لرئاسة الحكومة الجديدة في تونس.
كما تلا عياد أبياتاً من قصيدة للشاعر العراقي المعروف أحمد مطر، عن حوار تخيلي ساخر بين الشاعر وديكتاتور. ومن جانبه قال العلوي إن إجراءات الرئيس قيس سعيد الأخيرة يجب أن تعتبر "انقلاباً" ويجب مناقشة الموضوع على هذا النحو.
قامت منظمة العفو الدولية باستعراض مقطع فيديو للبرنامج الذي أتاحته على الإنترنت القناة الخاصة التي بثته، وهي قناة الزيتونة.
وجدت المنظمة أن العلوي وعياداً لم يدليا بأي تصريحات يبدو أنها تشكل لغة تمييزية مجحفة، أو تحريضاً على العنف، أو تتجاوز بغير ذلك النقد السياسي السلمي كما يكفله القانون الدولي.
أخبر المحامي مالك بن عمر، الذي يمثّل الرجلين وكان حاضراً أثناء استجواب الشرطة الأولي لعياد، منظمةَ العفو الدولية بأن أسئلة الشرطة ركزت على تصريحات عياد خلال بث الأول من أكتوبر/تشرين الأول. وقال مالك بن عمر إن الشرطة أظهرت له أمراً من مكتب ممثل النيابة العسكرية بالتحقيق مع الرجلين فيما يتعلق بالبث.
سيطرة قيس سعيّد على السلطات
أصدر الرئيس التونسي مرسوماً في 22 أيلول/سبتمبر علّق به أبواباً من دستور 2014 وأقر تدابير استثنائية تولى من خلالها السلطات في البلاد. كما أصبح لسعيّد أحقية الإشراف على عمل الحكومة وترؤس المجالس الوزارية وتعيين الوزراء.
فيما يمنح القانون التونسي الرئيس "السيطرة النهائية" على تعيين القضاة وممثلي النيابة العمومية في نظام المحاكم العسكرية، بناءً على ترشيحات وزيري الدفاع والعدل. ونتيجة لذلك، "تفتقر المحاكم العسكرية إلى الاستقلالية"، حسب العفو الدولية
بين عامي 2011 و2018، وثقّت منظمات حقوق الإنسان ما لا يقل عن ست حالات لمدنيين، مثلوا أمام القضاء العسكري وقد تم تجاوز هذا العدد في الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، وفقاً لذات المصدر.