قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الأربعاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن بلاده، التي ستحتضن قمة جامعة الدول العربية القادمة، تبحث عن توافُق عربي لضمان عودة سوريا إلى الجامعة، معرباً عن ترحيب بلاده بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي لدمشق ولقائه بشار الأسد.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا، على خلفية لجوء نظام بشار الأسد إلى الخيار العسكري، لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه. ومنذ يوليو/تموز الماضي، تسارعت خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري، لاسيما من جانب الأردن والإمارات ومصر، والمتمثلة في لقاءات متبادلة واتفاقات وتفاهمات اقتصادية.
الموقف الجزائري
وزير الخارجية الجزائري شدد خلال حديثه للصحفيين في ختام اجتماع نظمته الخارجية الجزائرية مع رؤساء بعثاتها الدبلوماسية، على أن بلاده "سبق أن أكدت أنه حان الوقت لاستعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية، لكن دون التدخل في شؤونها الداخلية".
كما أوضح لعمامرة أن الجزائر، التي تستعد لاحتضان القمة العربية المقررة في مارس/آذار 2022، تبحث التوصل إلى توافق عربي بشأن مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأن هذه القمة ستكون "فرصة للمّ الشمل العربي".
بشأن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإماراتي لدمشق، قال لعمامرة إن بلاده "تبارك" هذه الخطوة.
يُذكر أن الموقف الجزائري بشأن عضوية سوريا في الجامعة العربية ليس بجديد؛ إذ كانت الدولةَ الوحيدةَ رفقة العراق، التي تحفَّظت على قرار تجميد العضوية، كما لم تغلق سفارتها في دمشق طوال سنوات الأزمة هناك.
قلق أمريكي
هذا الموقف الجزائري و"التطبيع" العربي يأتيان بعد يوم من تأكيد الخارجية الأمريكية قلقها من لقاء وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في دمشق، مؤكدةً أنه "ديكتاتور وحشي".
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني، في مؤتمر صحفي بعد ساعات من لقاء عبد الله بن زايد وبشار الأسد، بدمشق، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2011.
قال برايس إن إدارة بايدن "قلقة" من الاجتماع، وكذلك من "الإشارات التي يبعث بها".
كما أضاف أن بلاده "لن تدعم أي جهود للتطبيع مع بشار الأسد أو إعادة تأهيله، وهو ديكتاتور وحشي".
قبل أن يتابع: "ندعو دول المنطقة إلى النظر بعناية إلى الفظائع التي ارتكبها هذا النظام، والتي ارتكبها بشار الأسد نفسه، بحق الشعب السوري على مدار العقد الماضي، فضلاً عن جهود النظام المستمرة لمنع وصول المساعدات الإنسانية والأمن للبلاد".
في المناسبة نفسها، أكد برايس أن الولايات المتحدة لن تطبّع أو ترفع مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري، ولن تدعم "تطبيع الدول الأخرى أو تطوير علاقاتها، في ضوء الفظائع التي ارتكبها هذا النظام على شعبه".
وأوضح أن الولايات المتحدة تركز على عدة أهداف في سوريا وهي: توسيع وصول المساعدات الإنسانية، ومواصلة جهود قتال تنظيم "داعش" الإرهابي، ومحاسبة النظام، والمحافظة على وقف إطلاق النار.
بن زايد يعانق الأسد
غضبُ واشنطن جاء بعد أن أعلنت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري "سانا"، الثلاثاء، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد استقبل وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، بدمشق، وذلك في مؤشر جديد على تحسُّن متزايد في العلاقات بين البلدين.
خلال هذا اللقاء الأول من نوعه، جرى بحث العلاقات الثنائية بين الإمارات وسوريا، و"تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون، خصوصاً في القطاعات الحيوية؛ من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية بهذه القطاعات"، بحسب الوكالة السورية الرسمية.
من جهته، أكد بشار الأسد أهمية "العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين سوريا والإمارات العربية المتحدة منذ أيام الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان".
فيما أشار الأسد إلى ما وصفها بـ"المواقف الموضوعية والصائبة التي تتخذها الإمارات"، مؤكداً أن "الإمارات وقفت دائماً إلى جانب الشعب السوري"، على حد قوله.
بدوره، شدَّد عبد الله بن زايد على "دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا"، معتبراً أن ما حصل فيها "أثَّر على كل الدول العربية".
كما أعرب وزير الخارجية الإماراتي عن ثقته بأن "سوريا، وبقيادة الأسد وجهود شعبها، قادرة على تجاوز التحديات التي فرضتها الحرب"، مضيفاً: "الإمارات مستعدة دائماً لمساندة الشعب السوري".
وسبق أن أعرب وزير الخارجية الإماراتي، في مارس/آذار الماضي، عن تمسُّكه بـ"عودة سوريا لمحيطها العربي"، وذلك في مؤتمر صحفي بموسكو مع نظيره سيرغي لافروف. وفي الـ27 من الشهر ذاته، بحث ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، دعم الأخير في أزمة "كورونا".
تطبيع عربي
في يونيو/حزيران 2020، حذَّرت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، أبوظبي من تداعيات استمرار تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، وإمكانية أن تواجَه بعقوبات "قانون قيصر"، الذي يستهدف كل من يتعامل مع نظام الأسد.
ووفق مراقبين، فإن تطوُّر التطبيع العربي مع النظام السوري أمام اختبار صعب في مارس/آذار 2022، مع عقد القمة العربية في الجزائر، وسط "خلاف عربي" معلن بشأن رفع تعليق عضوية سوريا، القائم منذ 2011، رداً على استخدام العنف بحق المتظاهرين ضد النظام.
واندلعت بسوريا، في مارس/آذار 2011، احتجاجات شعبية تطالب ببدء تداول سلمي للسلطة، لكن نظام الأسد اختار قمعها عسكرياً؛ ما دفع البلاد إلى حرب مدمرة.