وقَّعت 75 شخصية عامة في تونس، الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، على عريضة إلكترونية تعبر عن رفضهم استمرار ما سموه "انقلاب" رئيس البلاد، قيس سعيد، على الدستور، وتتعهد بالتصدي لـ"الحكم الفردي المطلق"، ومن بين الشخصيات الـ75 الموقعة عليها حتى الآن: نواب برلمانيون وأساتذة جامعيون وحقوقيون ونشطاء سياسيون، ولا يزال باب التوقيع مفتوحاً.
ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادّة، حيث بدأ سعيد سلسلة قرارات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، مع توليه السّلطة التّنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ رئيستها نجلاء بودن.
"دفاعاً عن الدّيمقراطية.. ضدّ الحكم الفردي"
هو العنوان الذي تحمله هذه العريضة، ومن الموقعين عليها: عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، والنائب الصافي سعيد، والعياشي الهمامي، وزير سابق، وسهام بن سدرين، رئيسة هيئة "الحقيقة والكرامة" (غير حكومية).
جاء في العريضة أن "انقلاب قيس سعيد على الدّستور لا يعد علاجاً للأزمة السّياسية السابقة لـ25 يوليو/تموز، بل تعميقاً لها ودفعاً بالبلاد إلى المجهول في ظل احتداد الأزمة المالية والاقتصادية والعزلة الدولية التي تردت فيها جراء هذا الانقلاب".
في أكثر من مناسبة، قال سعيد- الذي بدأ في 2019 ولاية رئاسية من 5 سنوات- إن قراراته الاستثنائية ليست انقلاباً، وإنما هي تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من "خطر داهم"، وفق تقديره.
خروقات عديدة
إلى جانب ذلك، نددت العريضة بتجاوز سعيد لفترة الإجراءات الاستثنائية قائلة: "100 يوم تم فيها تعليق العمل بالدّستور وإلغاء الهيئات الرقابية والتعديلية ومنح فيها رئيس الجمهورية لنفسه وبنفسه سلطة إصدار المراسيم دون إمكانية للطعن فيها أمام القضاء".
كما اعتبرت أن الفترة الاستثنائية تسببت في "دخول البلد عزلة دبلوماسية غير مسبوقة وتعطل الحوار مع مؤسسات الإقراض الدولية، ما انعكس سلباً على تعبئة موارد الدولة وبات يهدد الأوضاع الاقتصادية بالانهيار".
العريضة ذاتها تحدثت عن "تراجع أوضاع الحقوق والحريات لمستويات خطيرة كالمنع الجماعي من السفر وإخضاع شخصيات وطنية للإقامة الجبرية وإحالة نواب برلمانيين وإعلاميين إلى القضاء العسكري".
كذلك رأت العريضة أن سعيد "شيطن كل مخالفٍ لرأيه واتهمهم بالخيانة الوطنية، وصولاً إلى إصدار بطاقة جلب دولية في حق الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي (2011-2014) على خلفية تصريحات إعلامية".
من أجل حوار وطني
فغالبية القوى السياسية في تونس ترفض قرارات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي.
بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت العريضة أن "أي إصلاح يمس النّظام السّياسي أو القانون الانتخابي أو الوضع الدّستوري للقضاء لا يمكن أن يتمّ إلا من خلال حوار وطني جامع وشامل يبلور الخيارات ويحدد آليات العودة إلى الشرعية الدّستورية أمام".
بينما تعهد الموقعون عليها بـ"العمل مع كافة المنظمات الاجتماعية والأحزاب السّياسية والشخصيات الوطنية والتواصل مع المواطنين قصد التصدي لنظام الحكم الفردي المطلق والدفاع عن الحريات وضمان الفصل بين السلطات".