حذّر الإعلام الرسمي الصيني من أن المواجهة العسكرية بين واشنطن وبكين حول مستقبل تايوان "ستأتي"، واصفاً السيناريو الوارد بأنه "صراع حياة أو موت" بين الأمتين، خاصة في ظل استمرار التوتر بين الجانبين، طبقاً لما أوردته مجلة Newsweek الأمريكية، السبت 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
فقد نشرت صحيفة The Global Times، التي يُديرها الحزب الشيوعي الحاكم، مقالة رأي، الجمعة، بعدما حذرت قيادات الجيش الأمريكي مراراً من تهديد الصين للحكم الذاتي في تايوان.
تلك المقالة الافتتاحية سلطت الضوء على تصريحات وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو، الذي أعرب عن قلقه الأسبوع الماضي بشأن "التوسع السريع" للبحرية الصينية، وسط تحذيرات متزايدة من أن بكين قد تتحرك عسكرياً للسيطرة على تايوان بالقوة.
"إعادة توحيد الصين"
فيما أشارت صحيفة الحزب الشيوعي الصيني إلى أنهم بحاجة إلى توعية الولايات المتحدة بأنه- وبغض النظر عن التهديدات الأمريكية- فإن "إعادة توحيد الصين" ستحدث في النهاية، مؤكدة أن "وضع العقبات أمام إعادة التوحيد سيعني مواجهة أساسية".
رغم أن الصحيفة قالت إن الصين ليست مهتمة بخوض "سباق تسلح" مع الولايات المتحدة، إلا أنها أكدت أن بكين أكثر من قادرة على محاربة غريمتها.
الصيحة ذاتها، لفتت إلى أن "قدرة الصين على التغلب على التدخل العسكري الأمريكي في هذه المنطقة مضمونة بشكل كاف من خلال إرادتها ومواردها الاستراتيجية".
كما شدّدت الصحيفة الصينية على أن "أي تحرك لمنع إعادة توحيد الصين محكوم عليه أن يؤدي إلى صراع حياة أو موت، وحينها سيتعين على الولايات المتحدة خوضه مضحية بأرواح الأمريكيين"، مضيفة: "النضال بالتأكيد ليس بالشيء الذي يمكن حله عن طريق ضخ المزيد من الأموال أو فرض عقوبات".
"المواجهة العسكرية"
في حين اختتمت بالقول: "إذا استمرت الولايات المتحدة في تشجيع سلطات تايوان على السير في طريقها الخاص، فستحل المواجهة العسكرية في نهاية المطاف بلا شك. وعندما يأتي ذلك اليوم، فلتقرر المعركة القاتلة طويلة الأمد كل شيء".
تأتي هذه المقالة الافتتاحية في الوقت الذي أعلنت فيه الصين، الجمعة، أنها ستحاسب أولئك الذين يروِّجون لـ"استقلال تايوان" جنائياً مدى الحياة. وسوف تمتد تلك العقوبة إلى العديد من المسؤولين والقادة الذين يحكمون تايوان حالياً.
في هذا السياق، صنّف مكتب شؤون تايوان الصيني، رئيس مجلس الدولة التايواني سو تسنغ تشانغ، ورئيس البرلمان يو سي كون، ووزير الخارجية جوزيف وو، على وجه التحديد على أنهم "مؤيدون بشدة لاستقلال تايوان". وسيُوضع القادة التايوانيون على القائمة السوداء الممنوعة من دخول البر الرئيسي للصين والمناطق الإدارية في هونغ كونغ وماكاو.
من جهته، نشر "هو زيجين"، رئيس تحرير The Global Times، مقال رأي مستقلاً في العدد نفسه يسخر فيه من "وو" بعد أن قال لوسائل الإعلام البولندية إنه "سيحمل سلاحاً" ويُحارب الصين بنفسه إذا هي هاجمت تايوان.
"زيجين" قال: "يُعتقد أنه في حال اندلاع حرب، فإنه سيكون من أوائل (النخبة) في الجزيرة التي تفر من تايوان وتتجه نحو الولايات المتحدة أو أي دولة غربية أخرى".
احتمال نشوب نزاع عسكري
كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد أكد قبل أيام أنه لا يشعر بقلق من احتمال وقوع نزاع مسلح بين الولايات المتحدة والصين، مشيراً إلى "عدم وجود أي ضرورة لنشوب نزاع على الأرض".
جاء ذلك رداً من بايدن على سؤال حول هذا الموضوع خلال مؤتمر صحفي عقده، الثلاثاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني، في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الـ26 لأطراف الاتفاقية الإطارية الخاصة بتغير المناخ في مدينة غلاسكو الأسكتلندية.
بايدن أشار إلى أن هناك ما يمكن من تفادي اندلاع النزاع بين الطرفين، مشدداً على وجود قضايا متعددة يجب على الولايات المتحدة والصين العمل على حلها، بما في ذلك الأمن السيبراني.
يذكر أن منطقة تحديد الهوية للدفاعات الجوية التايوانية شهدت زيادة غير مسبوقة في التدريبات العسكرية التي تقوم بها الصين. وتقول واشنطن إن هذه الأنشطة جزء مما تعتبره مضايقات عسكرية من جانب بكين.
توتر متبادل
يشار إلى أن العلاقات بين بكين وتايبيه تشهد توتراً منذ عام 1949، عندما سيطرت قوات يقودها "الحزب القومي" على تايوان بالقوة، عقب هزيمتها في الحرب الأهلية بالصين، وتدشين الجمهورية الصينية في الجزيرة.
بينما لا تعترف بكين باستقلال تايوان، وتعتبرها جزءاً من الأراضي الصينية، وترفض أية محاولات لسلخها عن الصين، وبالمقابل لا تعترف تايوان بحكومة بكين المركزية.
في هذا الإطار، تشكو تايوان منذ عام أو أكثر من المهام المتكررة للقوات الجوية الصينية بالقرب من الجزيرة وغالباً في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة الدفاع الجوي بالقرب من جزر براتاس التي تسيطر عليها تايوان.
جدير بالذكر أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تشهد توتراً مستمراً، تصاعد في السنوات الماضية على خلفية قضايا عديدة على رأسها جائحة فيروس كورونا، وموضوع هونغ كونغ، والخلافات التجارية، وقضية حقول الطاقة في بحر الصين الجنوبي، وملف تايوان، ومسألة حقوق الإنسان في الأراضي الصينية، خاصة إقليم تركستان الشرقية ذاتي الحكم.