بدء رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بالتحرك داخل العاصمة العراقية بغداد، لتفكيك الإطار التنسيقي المقرب من طهران، وتشكيل حكومة وطنية بعيداً عن التدخل الإيراني والأمريكي.
إلا أن العملية السياسية بالعراق أصبحت أكثر تعقيداً بعد أحداث مساء الجمعة 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، من تصادم واشتباك القوات الأمنية مع أنصار تحالف الفتح "الحشد الشعبي"، بعد محاولة الأخير اقتحام المنطقة الخضراء اعتراضاً على نتائج الانتخابات التشريعية.
الصدر الحاصل على 73 مقعداً بانتخابات مجلس النواب العراقي يطمح اليوم لقيادة الحكومة العراقية الجديدة من خلال تكليف أحد أتباعه المقربين لمنصب رئيس الوزراء وسط اعتراض القوى الشيعية المقربة من طهران.
الصدر يمنع التدخل الإيراني باختيار رئيس الوزراء
وكشف مسؤول بمكتب الصدر لـ"عربي بوست" أن "مقتدى الصدر يدرس التحركات السياسية لقادة الأحزاب والكتل السياسية، ويحاول اليوم تغيير الخارطة السياسية بالعراق من خلال اختيار أحد الشخصيات ذات الكفاءة لمنصب رئيس الوزراء في المرحلة المقبلة، لإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي بالبلاد".
وأضاف المصدر ذاته أن "هناك الكثير من الشخصيات المقربة من مقتدى الصدر مرشحة لمنصب رئاسة الوزراء، أحدهم رئيس لجنة التفاوض للتيار الصدري حسن العذاري، بالإضافة إلى ابن عمه جعفر الصدر نجل المرجع الديني باقر الصدر".
وقال المتحدث إن "إيران والولايات المتحدة الأمريكية تحاولان فرض أجندتهما السياسية على العراقيين، واختيار شخصية تناسبهما لمنصب رئيس الوزراء، وهذا لن يحدث بعد فوز الكتلة الصدرية بـ73 مقعداً بالبرلمان العراقي".
وأكد مسؤول بمكتب الصدر أن "الصدر عازم على منع أي تدخل إيراني وأمريكي في الشؤون الداخلية، خصوصاً في مسألة اختيار رئيس الوزراء، وأن قرار الصدر واضح للجميع، بأن يكون رئيس الوزراء المقبل عراقياً وصدرياً قحاً".
قاآني يعتزم زيارة العراق
يعتزم قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني زيارة بغداد بعد حادثة الجمعة من تصادم أنصار الحشد الشعبي بالقوات الأمنية، وتحرك رجل الديني مقتدى الصدر نحو تشكيل الحكومة بمعزل عن إيران، بحسب قيادي بتحالف الحشد الشعبي.
ويقول القيادي بالحشد، رفض ذكر اسمه لـ"عربي بوست"، إن "قاآني استنكر حادثة الاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين السلميين أمام المنطقة الخضراء، وأبلغ قيادات الحشد الشعبي انزعاجه مما حدث وطالبهم بالصبر وضبط النفس وانتظار قرار مجلس القضاء على نتائج الاعتراض، ومصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات التشريعية".
ويضيف أن "زيارة قاآتي إلى بغداد غير محددة بسبب مجريات الأحداث، إلا أنها باتت قريبة من احتمال أن تكون في نهاية الأسبوع المقبل، أو منتصف الشهر الجاري، هذا الأخير الذي من المتوقع أن يعرف مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات".
وأضاف المصدر أن "قاآني يستعد لوضع حد لتحركات مقتدى الصدر خلال زيارته إلى بغداد التي تحاول اختراق الإطار التنسيقي وتمزيق البيت الشيعي، وسيعمل قاآني على اختيار شخصية رئيس الوزراء وفق توافق القوى الشيعية، وتشكيل الحكومة توافقية بمشاركة جميع المكونات العراقية".
من جهته، كشف مسؤول بمكتب عمار الحكيم لـ"عربي بوست"، عن تلقي الحكيم اتصالاً من رئيس فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني يدعو إلى تصدر الموقف السياسي وإعادة بناء البيت الشيعي وعدم السماح للصدر بالتحالف مع الأحزاب السنية والكردية بالذهاب نحو إلى تشكيل الحكومة الجديدة بمعزل عن الشيعة".
ويضيف المسؤول، رفض ذكر اسمه، أنه "خلال لقاء الحكيم بالصدر اتضح أن الأخير يود أن يفتح حواراً بشكل غير مباشر مع القوى الشيعية الأخرى تحت مسمى "الإطار التنسيقي" لغرض تهدئة الشارع، بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت مساء الجمعة أمام المنطقة الخضراء".
وبين المصدر أن "الحكيم سيتحرك خلال الأيام المقبلة على القوى الشيعية لتهدئة الشارع وحل الأزمة وتقريب وجهات النظر لإعادة بناء البيت الشيعي تحت ائتلاف أو تحالف واحدٍ لتشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن العراقيل التي ستواجه هذا الحراك هو الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر التي ترفض الجلوس والحوار مع دولة القانون بزعامة نوري المالكي".
الحشد يطلب ضمانات
من جهته، يبحث تحالف الفتح، بقيادة هادي العامري، عن ضمانات لبقاء الحشد الشعبي من الكتلة الصدرية مقابل تهدئة الأوضاع والمشاركة بالحكومة المقبلة.
ويقول أحمد الكناني، القيادي بالتحالف، والنائب السابق بالبرلمان العراقي، لـ"عربي بوست"، إن "الوضع الحالي يتطلب من قادة الأحزاب والكتل السياسية تكثيف الجهود للحوار، وتقديم التنازلات لحل الأزمة بالبلاد، قبل الذهاب إلى انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، على اعتبار أن العراق لا يتحمل المزيد من المشاكل السياسية وتأثيرها على المجتمع".
وأضاف أن "الفتح يطلب من الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات، أولها الكتلة الصدرية، إعطاء تطمينات وضمانات للحشد الشعبي لإسكات الأصوات ومحاولات حل أو دمج فصائل الحشد الشعبي بالقوات الأمنية، وأي تحرك باتجاه ذلك سيدخل العراق بأزمة سياسية لا يمكن حلها".
وتابع الكناني بالقول إن "الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات التشريعية عليها تحمل المسؤولية، وأهمية الوضع السياسي بالبلاد للحفاظ على العملية السياسية، ونحن جميعاً بأمس الحاجة لبقاء الحشد الشعبي على اعتبارها قوة أمنية ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة".