زوبعة شديدة على خلفية تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول الدور الذي لعبته السعودية في اليمن، وصلت حد تهديد منصب الإعلامي الشهير بالبقاء في منصبه.
مصادر خاصة مقربة من حزب الله قالت إن الهجمة الشرسة على قرداحي واستحضار تصريحاته التي جاءت قبيل تسلمه منصبه، تأتي في محاولة للضغط على إيران وحزب الله، فأثناء المفاوضات الجارية بين الجانبين السعودي والإيراني، طالب الجانب السعودي من الإيرانيين الضغط على الحوثيين من أجل إخراج عناصر وخبراء تابعين لحزب الله والذين يعملون جنباً إلى جنب مع "الحوثيين"، من اليمن.
لكن الجانب الإيراني أكّد للسعودية أنّ هذا الملف ليس من اختصاصه؛ فهو من اختصاص حزب الله ولا يملك القدرة على التدخل في مثل ذلك، وهذا ما أثار غضب السعوديين وأثار حفيظتهم؛ ما دفعهم لموجة التصعيد الأخيرة ضد الحكومة اللبنانية، وإعلان السعودية والإمارات والكويت والبحرين اتخاذ إجراءات دبلوماسية ومنها استدعاء السعودية لسفيرها لدى لبنان والطلب من سفير لبنان لديها المغادرة، ووقف كافة الواردات اللبنانية إلى السعودية.
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أكدّ مؤخراً أنّ السعودية توصلت إلى أن التعامل مع لبنان "لم يعد مثمراً ومفيداً"، مشدداً على أنّ الأمر أكبر من تصريحات وزير واحد، وذلك في لقاء مع قناة CNBC بثته الأحد الماضي.
بدوره كان ردّ وزير وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، على نظيره السعودي، مؤكداً أنّ السعودية تملي شروطاً مستحيلة، من خلال مطالبة الحكومة بالحد من دور جماعة حزب الله المدعومة من إيران، ومشدداً على أنّهم يريدون الحوار مع السعودية وليس الإملاءات.
خروج إيران من اليمن غير وارد..
تؤكدّ مصادر إيرانية مطلعة استبعاد سحب "حزب الله" لمستشاريه وعناصره المتواجدين على الأراضي اليمنية، على اعتبار أنّ اليمن باتت منطقة جغرافية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة لإيران، إذ إن أي انسحاب يمكن أن يحدث ثغرة في المعارك التي يخوضها الحوثي في معركته التي يخوضها في مأرب بهدف بسط نفوذهم عليها، كونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيسي لوزارة الدفاع، فضلاً عن تمتعها بثروات النفط والغاز، ومحطة مأرب الغازية التي كانت قبل الحرب تغذي معظم المحافظات بالكهرباء.
وتكشف المصادر أنّ إيران تسعى إلى السيطرة على محافظة مأرب التي تتعرض لهجمات مكثفة من قبل الحوثيين، معتمدة على أسلوب "الحسم"، وذلك لتقوية الاشتراطات على السعودية والسعي إلى امتلاك أكبر قدر ممكن من الأوراق لممارسة الضغط عليها في المباحثات الجارية بين الطرفين التي تستضيفها العاصمة العراقية بغداد برعاية من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لاحتواء الأزمة بينهما.
بدايات تدخل حزب الله باليمن
تعود بداية حضور "حزب الله" على الأراضي اليمنية وتدخله في الصراعات الدائرة على الأرض إلى نزاع صعدة وإلى الحروب الست التي خاضتها حركة "أنصار الله" المعروفة باسم "الحوثيين" مع حكومة علي عبد الله صالح والتي بدأت في يونيو/حزيران عام 2004 عندما اعتقلت السلطات اليمنية حسين الحوثي بتهمة إنشاء تنظيم مسلح داخل البلاد؛ حيث معظم القتال كان في محافظة صعدة وقبل أن ينتقل إلى الجوف وحجة وعمران.
وتبرز عدة أسماء فاعلة ومحسوبة على "حزب الله" باليمن ويأتي على رأسهم هيثم علي طبطبائي، الذي يعدّ بمثابة أحد القيادات العسكرية في تنظيم حزب الله ويعمل كقائد للقوات الخاصة في اليمن وسوريا، وساعد على تنفيذ خطط حزب الله وأجندتها.
دخل طبطبائي الأراضي اليمنية في بداية الحروب التي خاضها الحوثيون مع الحكومة اليمنية عام 2004، وعندما برزت كقوة محلية على الساحة اليمنية، حيث يعدّ طبطبائي بمثابة حلقة الوصل بين "حزب الله" و"الحوثيين"، وذلك عبر توجيهات مباشرة من القيادي البارز في حزب الله الشيخ محمد كوثراني الذي يحمل الجنسيتين اللبنانية والعراقية والمكلف بقيادة الأعمال العسكرية على الساحة العراقية.
استثمار إيران في حزب الله
تعتمد إيران على حزب الله باعتباره حلقة وصل ومساندة للحوثيين في الحرب الدائرة باليمن، لعدة أسباب؛ أبرزها نظرة الحوثيين اليمنيين لحزب الله بوصفه مقاوماً وضمن محور الممانعة، كما أنّ الحزب عمل على تدريب عناصر من الحوثيين في معسكرات خاصة في لبنان تحقيقاً لعدة غايات، منها توفير الخبرة القتالية ورفع المستوى القتالي للحوثيين على الأرض.
وبالتالي فإنّ إيران استثمرت في "حزب الله" ولم تتعامل معه على أنّه حزب محلي بل منظمة عسكرية عابرة للحدود وذراع لوجستية يقوم بإدارة مشاريع اقتصادية ويساهم في تمويل مشاريع استثمارية والضلوع في عمليات غسيل أموال وتجارة الممنوعات في أمريكا اللاتينية وشرق إفريقيا.
انتفاض قنبر، المقرب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قال لـ"عربي بوست"، إنّ حزب الله يتدخل في كل شؤون الشرق الأوسط وهو الذراع العسكرية لإيران، وهو بمثابة "جمهورية ولاية الفقيه في الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أنّ إيران لديها مشكلة في كيفية اجتياز الحاجز العربي ووجدت حلاً في هذه الإشكالية عن طريق حزب الله الذي هو ذراع عربية لإيران ولولاية الفقيه ويستخدم بشكل شرس وخطر للتدخل في شؤون الآخرين.
ويضيف قنب قائلاً: "أول شرارة لما تسمى بـ(المقاومة الإسلامية في العراق) ضد الأمريكان بدأها حزب الله في عام 2003، حيث قام بإرسال شخصيات إلى العراق منها القيادي في حزب الله محمد كوثراني المكلف بقيادة الأعمال العسكرية على الساحة العراقية والذي قام مع مجموعة من العناصر بتدريب ونقل أساليب صناعة العبوات الناسفة إلى الفصائل الشيعية التابعة لإيران في العراق".
ويرى قنبر أنّ الحكومة هي التي يجب أن تمتلك الضغط وكلمة الفصل "الفيتو"، لكنّ الذي يحصل العكس في لبنان، فحزب الله هو من يفرض إرادته في لبنان ولا يستطيع أحد في الحكومة انتقاد حسن نصر الله، مشيراً إلى حصار حزب الله لوليد جنبلاط في بيته الذي كان على وشك أن يقتل، وكذلك سعد الحريري في بيته عام 2006.
ويؤكد قنبر أنّ قرداحي يحاول أنّ يبرر تصريحاته بالقول إنها كانت قبل تعيينه وزيراً للإعلام، مشيراً إلى أن ما يحصل في لبنان من فوضى وانهيار على كل المستويات الاقتصادية والسياسية يجعل من الضرورة أن تراجع الحكومة اللبنانية نفسها وتفكر في كيفية إعادة سيادتها.