قال وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين، الإثنين 1 نوفمبر/تشرين الأول 2021، إنه سيتم خلال اليومين المقبلين بحث استقالة وزير الإعلام، جورج قرداحي، الذي أثارت تصريحاته عن حرب اليمن أزمة مع دول خليجية على رأسها السعودية، فيما دعا وزير خارجية لبنان المملكة للحوار.
جاء كلام الوزير اللبناني في تصريح لقناة "الجزيرة"، الذي قال إن طرح استقالة قرداحي هو أحد الخيارات، مشيراً إلى أن بلاده بحاجة إلى "إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج"، مضيفاً: "نعوّل على جهد عربي".
يأتي هذا في وقت يتمسك فيه وزير الإعلام اللبناني بموقفه الرافض للاستقالة، وكانت قناة "الجديد" اللبنانية قد نقلت عن قرداحي يوم الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021 قوله: "استقالتي غير واردة".
كذلك ذكرت وسائل إعلام لبنانية، أمس الإثنين، أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي طلب من قرداحي تغليب "حسه الوطني" على أي أمر آخر، مشيراً إلى أن مناشدته لم تترجم واقعياً.
بدأت الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والسعودية، على خلفية تصريحات لقرداحي بعدما قال في مقابلة تم بثّها الأسبوع الماضي، وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام، إنّ الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن "يدافعون عن أنفسهم" في وجه "اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات، واصفاً حرب اليمن بأنها "عبثية".
إثر ذلك أعلنت السعودية والإمارات والبحرين والكويت سحب سفرائها من بيروت، وأكدت الحكومة اللبنانية، أكثر من مرة، أن تصريحات قرداحي لا تعكس موقفها الرسمي، فيما دعا سياسيون لبنانيون، بينهم نواب برلمان، قرداحي إلى الاستقالة.
يحاول المسؤولون اللبنانيون احتواء الأزمة الخطيرة بالعلاقات بين بلدهم والسعودية، وأمس الإثنين دعا وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب الرياض إلى الحوار لحلّ الأزمة، وذلك غداة اعتبار نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، أنه لا جدوى من التعامل مع لبنان في ظل ما وصفه بـ"هيمنة" حزب الله على المشهد السياسي.
بوحبيب وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال إن "المشاكل بين الدول الصديقة والشقيقة لا يمكن حلّها إلا بالحوار والتواصل والثقة ولكن ليس بإرادة الفرض"، مضيفاً "لبنان يدعو السعودية إلى حوار لنحل كل المشاكل العالقة وليس الإشكال الأخير فقط لكي لا تتكرر الأزمة ذاتها في كل مرة".
اعتبر بوحبيب أنه "إذا لم يجر أي حوار وتواصل، فإن ما يحصل لا يمتّ بصلة الى منطق الأخوة والصداقة"، مؤكداً حرص لبنان على "معالجة القضية بالحوار، أما أن يطلب أي طرف منا إزاحة حزب الله من المشهد، فكيف لنا أن نفعل ذلك وهو مكون لبناني شئنا أم أبينا؟".
أضاف في هذا الصدد: "نحن نتعاطى مع حزب الله اللبناني، أما كل ما يخص حضوره في الإقليم وفي أي ساحة خارجية فهذا يجعل القضية تتجاوز قدرة لبنان" على حلّها.
من جانبه يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى إعادة ترتيب علاقات بلاده السياسية مع دول الخليج، خصوصاً السعودية، وسط تعويل على دعم مالي من المملكة في المرحلة المقبلة للمساهمة في إخراج بيروت من أسوأ أزماتها الاقتصادية.
ميقاتي تبلّغ من أمير قطر أنه سيوفد وزير خارجيته إلى بيروت لبحث سبل معالجة الأزمة الدبلوماسية.
وهذه المرة الثانية التي تثير فيها تصريحات وزير لبناني غضباً خليجياً وتحديداً سعودياً. وكان وزير الخارجية السابق شربل وهبة تقدم باستقالته من حكومة تصريف الأعمال في 19 أيار/مايو 2021، على خلفية تصريحات صحفية اعتبرتها الرياض "مشينة".
كان وهبة قد قال إن "الدواعش ياللي جابوا لنا إياهم دول أهل المحبة والصداقة والأخوة (…) دول المحبة جابوا لنا الدولة الإسلامية، زرعوا لنا إياها بسهل نينوى وبالأنبار وبتدمر"، وهي مناطق من سوريا والعراق سيطر عليها التنظيم في عام 2014.
عندما سُئل وهبة "عم تحكي عن دول الخليج؟" قال وهبة إنه لا يريد أن يذكر أسماء، لكن عندما سئل عما إذا كانت دول الخليج قد موّلت التنظيم المتشدد قال وهبة "بتمويل مني أنا كأن؟".
يُذكر أن السعودية قررت وقف الواردات من لبنان، وأثار القرار خشية من تداعياته على البلد الغارق في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.