شارك مئات آلاف السودانيين، السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، في مظاهرات بعدد من أحياء العاصمة الخرطوم؛ للمطالبة بـ"الحكم المدني"، ورفضاً لإجراءات الجيش، فيما تحدثت مصادر إعلامية عن مقتل اثنين على الأقل بالرصاص في المظاهرات وإصابة آخرين.
ومنذ الإثنين الماضي، يشهد السودان احتجاجات وتظاهرات رفضاً لما يعتبره المعارضون "انقلاباً عسكرياً"، إثر إعلان الجيش حالة الطوارئ، وحلّ مجلسي السيادة والوزراء، وإعفاء الولاة، واعتقال وزراء ومسؤولين وقيادات حزبية في البلاد.
احتجاجات واسعة
مراسل الأناضول قال إن المظاهرات انطلقت في الخرطوم وبمدينة أم درمان (غرب العاصمة)، ضد قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
فيما قالت رويترز إن مئات الآلاف قد تحركوا في مسيرات مختلفة بالسودان؛ للمطالبة بإعادة الحكومة التي يقودها المدنيون، إلى الحكم.
من جانبها، قالت لجنة أطباء السودان إن شخصين قُتلا بالرصاص في مدينة أم درمان، إحدى مدن الاحتجاج الرئيسية.
وهتف المحتجون، الذين رفعوا العلم السوداني: "حكم العسكر ما بيتشكر" و"البلد دي حقتنا، مدنية حكومتنا"، وساروا في أحياء العاصمة، بحسب ما نقله شهود عيان لرويترز.
كما خرج المحتجون إلى الشوارع في مدن بوسط وشرق وشمال البلاد.
كان الآلاف قد خرجوا إلى الشوارع الأسبوع الماضي؛ احتجاجاً على قيام الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في خطوة دفعت الدول الغربية إلى تجميد مساعدات بمئات الملايين.
وفي وسط الخرطوم، انتشرت بكثافةٍ قوات مسلحة شملت جنوداً من الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وأغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية إلى مجمع وزارة الدفاع والمطار، وكذلك معظم الجسور التي تربط بين الخرطوم ومدينتي أم درمان والخرطوم بحري.
ومع مقتل 11 محتجاً على الأقل في اشتباكات مع قوات الأمن الأسبوع الماضي، يخشى معارضو المجلس العسكري من حملة قمع شاملة وإراقة مزيد من الدماء.
وفي الأحياء، أغلقت مجموعات من المحتجين الطرق أثناء الليل بالحجارة وقوالب الطوب وفروع الشجر والأنابيب البلاستيكية؛ في محاولة لإبقاء قوات الأمن على مبعدة.
وقال رجل يدعى معتز عُمره 75 عاماً، كان يسير في الشارع ويبحث عن خبز يشتريه، إن الحياة العادية توقفت تماماً في الخرطوم، وأضاف: "لماذا وضع البرهان والجيش البلاد في هذه الأزمة؟ كان يمكنهم حل المشكلة بلا عنف".
الولايات المتحدة تحذّر
عكس الاحتجاجات السابقة، حمل كثيرون صور حمدوك، الذي ظل يحظى بشعبية على الرغم من أزمة اقتصادية تفاقمت خلال حكمه.
وقال محمد، وهو عضو في لجنة مقاومة بأحد الأحياء: "حمدوك مدعوم من الشعب. إذا تولى حمدوك الحكم فلا بأس".
فيما قالت الولايات المتحدة، التي تدعو إلى إعادة الحكومة التي يقودها المدنيون إلى الحكم، إنَّ رد فعل الجيش، اليوم السبت، سيكون اختباراً لنواياه.
حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن على قوات الأمن السودانية احترام حقوق الإنسان، مضيفاً أن أي عنف مع المتظاهرين السلميين "غير مقبول".
ومع فرض السلطات قيوداً على الإنترنت وخطوط الهاتف، سعى معارضو الانقلاب إلى التعبئة للاحتجاج، باستخدام المنشورات والرسائل النصية القصيرة والكتابات على الجدران والتجمعات في الأحياء.
ولعبت لجان المقاومة في الأحياء دوراً محورياً في التنظيم على الرغم من اعتقال سياسيين بارزين. ونشطت هذه اللجان منذ الانتفاضة على الرئيس المخلوع عمر البشير التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول عام 2018.
ورفع المحتجون صور البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو والبشير مغطاة باللون الأحمر، وهتفوا: "اقفل شارع.. اقفل كوبري.. يا برهان جايينك دوغري".
فيما قال البرهان إنه أقال الحكومة؛ لتفادي نشوب حرب أهلية، بعد أن أجج سياسيون مدنيون العداء للقوات المسلحة.
ويقول إنه لا يزال ملتزماً بالانتقال الديمقراطي، وضمن ذلك إجراء انتخابات في يوليو/تموز 2023.
وتم احتجاز حمدوك في منزل البرهان الإثنين الماضي، لكن سُمح له بالعودة إلى منزله تحت الحراسة الثلاثاء، بعد ضغوط دولية.
وجمدت الولايات المتحدة والبنك الدولي بالفعل المساعدات للسودان، حيث شهد أزمة اقتصادية ونقصاً في السلع الأساسية وضمن ذلك الغذاء والدواء، وحيث يحتاج ما يقرب من ثلث السكان إلى دعم إنساني عاجل.