كشفت وكالة رويترز، مساء الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك وزوجته أصبحا متواجدين في منزلهما بالعاصمة الخرطوم تحت حراسة مشددة.
هذا النبأ أوردته الوكالة العالمية نقلاً عن مصدر مُقرب من حمدوك، رفضت الإفصاح عن هويته.
من جهتها، قالت صحيفة "السودان"، عبر موقعها الإلكتروني: "إطلاق سراح رئيس الوزراء حمدوك، وعودته إلى منزله في (منطقة) كافوري، وانتشار عسكري كثيف حول منزله".
كما نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "المشهد السوداني" عن مصادر صحفية في الخرطوم لم يسمها قولها إن "حمدوك عاد إلى منزله في كافوري، وتم تعزيز الحراسة العسكرية على المنزل لحمايته"، دون تفاصيل أكثر.
بينما لم تصدر على الفور إفادة رسمية حتى الآن بشأن هذه الأنباء.
ضغوط ومطالبات دولية متكررة
يأتي ذلك في ظل ضغوط ومطالبات دولية متكررة بضرورة إطلاق سراح حمدوك وكل المعتقلين معه.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن الولايات المتحدة تضغط من أجل إطلاق سراح حمدوك وغيره من الزعماء المدنيين المحتجزين بعد سيطرة الجيش السوداني على السلطة.
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، قال قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم، إن حمدوك "معي في منزلي للحفاظ على سلامته ويمارس حياته بشكل طبيعي، ولم يتعرض لأي أذى، وسيعود إلى منزله"، مردفاً أن "ما قمنا به ليس انقلاباً عسكرياً، وإنما هو تصحيح لمسار الثورة".
في المقابل، شنّ مكتب حمدوك، هجوماً حاداً على البرهان، قائلاً إن "دعاوى رأس الانقلاب بأن ما يفعله حماية للثورة لن تنطلي على السودانيين والعالم"، مؤكداً أنه "لا بديل إلا الشوارع والمواكب والإضرابات والعصيان حتى تعود مكتسبات الثورة السودانية".
حيث قال مكتب حمدوك، في بيان نشرته وزارة الثقافة والإعلام في الحكومة الانتقالية، عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، إن "على الانقلابيين أن يطلقوا سراح رئيس الوزراء وجميع من معه فوراً، وعليهم أن يعلموا أن رئيس الحكومة يحميه شعبه الذي قاد ثورة سلمية طويلة الأجل دون أن تراق قطرة دم واحدة".
كانت وزيرة الخارجية في الحكومة السودانية المخلوعة، مريم الصادق المهدي، قد قالت، في بيان، الثلاثاء، إن حمدوك وأعضاء حكومته المختفين ما زالوا في مكان غير معلوم حتى اللحظة.
أحداث متسارعة في السودان
كان الجيش قد نفذ، فجر الإثنين، حملة اعتقالات طالت رئيس الحكومة، ووزراء ومسؤولين وقيادات حزبية، قبل ساعات من إعلان البرهان حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بالمرحلة الانتقالية.
رداً على ذلك، دعت قوى سياسية عديدة، في بيانات منفصلة، المواطنين إلى التظاهر وتنفيذ عصيان مدني شامل.
في حين اندلعت احتجاجات في بعض مناطق الخرطوم، تخللها حرق إطارات سيارات، إثر اعتقال قيادات من الائتلاف الحاكم، في وقت يقيد فيه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حركة المدنيين في العاصمة.
كذلك أدانت دول ومنظمات إقليمية ودولية قرارات البرهان، ودعت إلى الهدوء وعدم التصعيد والالتزام بخريطة المرحلة الانتقالية.
تأتي هذه التطورات بعد 3 أيام من تحذير قوى "الحرية والتغيير" من حدوث ما وصفته بـ"انقلاب زاحف" في البلاد، حيث قال المستشار السياسي لرئيس الوزراء السوداني ياسر عرمان، إن "الأزمة الحالية مصنوعة على شكل انقلاب زاحف"، في وقت يغلق فيه محتجون منذ نحو شهر مرفأ بورتسودان الرئيسي في شرق البلاد، وينفذ مئات المحتجون الآخرون اعتصاماً منذ أسبوع قرب القصر الرئاسي، للمطالبة بتشكيل "حكومة عسكرية".
كان التوتر بين المكونين العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية بالسودان قد تصاعد منذ أسابيع، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
يُشار إلى أن السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام.