في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، هاجم قراصنة سفينة للحاويات بالقرب من الساحل الغربي لإفريقيا. كانت السفينة في طريقها من توغو إلى الكاميرون عندما أرسلت نداء الإغاثة. تلقت المدمرة الروسية نائب الأدميرال مولاكوب النداء وأرسلت طائرة هليكوبتر إلى حاملة الحاويات، ففر القراصنة وتم تحرير طاقم السفينة، حسب وكالة رويترز.
وما يبدو مشهداً من فيلم هوليوودي من بطولة توم هانكس، هو على الأرض واقع تتعامل معه حركة الملاحة يومياً، وتحديداً سفن الحاويات التي باتت تعرف تماماً مواقع خطر القراصنة.
ورغم كل المعاهدات الدولية وجهود مراقبة السواحل وتراجع خطورة بعض المياه، ما زالت مهنة قطع الطريق والقرصنة متفشية عالمياً تعتمد على السرعة وما تيسر من السلاح. فما هي أخطر الطرق البحرية التي تقبع تحت رحمة القراصنة؟
القرصنة بالأرقام
وفقاً للمكتب البحري الدولي (IMB)، تم تسجيل 135 حالة اختطاف بحري في عام 2020، وقعت 130 حالة منها في خليج غينيا وحده، ما جعل هذه المنطقة الأكثر استهدافاً لهجمات القراصنة.
وتتجسَّد القرصنة المعاصرة باستخدام مراكب صغيرة وسريعة تنقل القراصنة المدججين بالسلاح لمهاجمة السفينة المحملة والبطيئة، والذين يعمدون إلى سرقة المراكب الصغيرة التابعة للشركات لتنفيذ هجماتهم.
فإما يسرقون البضاعة المحملة من قطع سيارات أو نفط وحتى ممتلكات الطاقم القيّمة وأجهزة الاتصالات، وقد يحتجزون السفينة بطاقمها لأيام وأسابيع لقاء الفدية.
وفي إحدى العمليات التي حصلت في فبراير/شباط 2021، تم احتجاز طاقم سفينة تدعى ليانبينغيو لمدة شهر كامل، ثم أطلق سراحهم بعدما حصل القراصنة على 300 ألف دولار، وفق ما نشرت صحيفة Financial Times.
بدوره، قال مونرو أندرسون، مدير شركة درياد جلوبال للاستشارات الملاحية ومقرها المملكة المتحدة والتي تتبع حركة القراصنة: "مع دعوة صناعة الشحن إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لكبح الهجمات، كشف هجوم ليانبينغيو أن القراصنة قادرون على الإفلات التام من العقاب".
وقالت تاريلا ماركلينت إيبيد، زميلة غير مقيمة في مركز أبوجا للديمقراطية والتنمية إن الفقر وارتفاع معدل البطالة بين الشباب والافتقار إلى التعليم من العوامل المسببة لانتشار الظاهرة في غرب إفريقيا.
ما هي أخطر الطرق البحرية؟
سجل أحدث تقرير قرصنة عالمي صادر عن المكتب البحري الدولي وقوع 38 حادثة منذ بداية عام 2021 – مقارنة بـ47 حادثة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، أبلغت الهيئة المكلفة بالإبلاغ عن القرصنة (PRC) عن اقتحام 33 سفينة ومحاولتي هجوم وإطلاق النار على سفينتين واختطاف سفينة واحدة.
ورغم انخفاض العدد، ارتفع العنف ضد الطاقم؛ ومنذ بداية عام 2021، تم اختطاف 40 فرداً من أفراد الطاقم مقارنة بـ22 من أفراد الطاقم في الربع الأول من عام 2020. كما قُتل أحد أفراد الطاقم في الربع الأول من عام 2021.
أولاً: خليج غينيا جنوب نيجيريا
لا يزال خليج غينيا يشكل خطراً خاصاً على البحارة حيث تحدث 43% من جميع حوادث القرصنة المبلغ عنها في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، سجلت المنطقة جميع حوادث اختطاف الطاقم البالغ عددها 40، بالإضافة إلى وفاة الطاقم الوحيد في مارس/آذار 2021.
وتتفشى في هذه المنطقة سرقة ناقلات المنتجات البترولية من وإلى المصافي النيجيرية.
ثانياً: خليج عدن
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، تم الإبلاغ عن حادثة قرصنة واحدة فقط حول الصومال. وأبلغت ناقلة عن وجود مركب شراعي به مسلحون وسلم يقترب منها أثناء سيرها في خليج عدن. أطلق فريق الأمن المسلح على متن الطائرة طلقات تحذيرية أدت إلى ابتعاد الزورق.
لكن خليج عدن شهد العديد من عمليات القرصنة، ما دفع بمركز الأمن البحري للقرن الإفريقي (MSCHOA) بأن يؤمّن ممر العبور الدولي (IRTC) في المنطقة عبر الاستعانة بأسطول يضم فرقاطتين من بلجيكا وهولندا، وأخرى من إسبانيا ومدمرة من إيطاليا وسفينة دعم قتالية من ألمانيا، بالإضافة إلى طائرة دورية بحرية لحماية السفن التجارية العابرة.
ثالثاً: مضيق سنغافورة
سجل مضيق سنغافورة 6 حوادث قرصنة في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بخمس حوادث خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وعلى الرغم من أن هذه الحوادث انتهازية في طبيعتها، يحذر المكتب البحري الدولي من أن الجناة غالباً ما يكونون مسلحين بالرصاص أو السكاكين.
رابعاً: إندونيسيا
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، تم الإبلاغ عن سفينتين راسيتين فقط، مقارنة بخمس سفن في نفس الفترة من العام الماضي.
خامساً: الأمريكيتان
كانت هناك زيادة طفيفة في حوادث القرصنة المبلغ عنها في كولومبيا وبيرو، حيث وقعت خمس حوادث في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 مقارنة بثلاث حوادث فقط في الربع الأول من عام 2020، إلى جانب منطقة الكاريبي التي لها تاريخ طويل مع القراصنة.
وتحدث معظم الحوادث قبالة سواحل فنزويلا، أو في الجزر وحولها على الجانب الشرقي من البحر، مثل ترينيداد وتوباغو، بربادوس، وغرينادا.
وتعد سفن الحاويات هدفاً للهجمات أثناء سيرها أو عند رسوها في المياه الكولومبية. ومن المعروف هناك أن الجناة يفتحون الحاويات ويسرقون ما يتمكنون حمله ونقله من البضائع.
ومن المناطق الأخرى التي تم تصنيفها "خطرة" سواحل الصومال، حيث يتسلح القراصنة بالمسدسات الرشاشة وقاذفات القنابل، وفق ما نشر موقع Naval Technology.
كما تشهد ماليزيا وبنغلادش والهند وبحر الصين الجنوبي، وهي منطقة بحرية تتنازع على سيادتها الدول المطلة على مناطق منه منذ عدة قرون، وعلى وجه التحديد الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي، وتشهد هذه المناطق على الدوام توتراً كإحدى ساحات الصراع الأمريكي – الصيني، بينما تعد ناقلات النفط المارة من هناك هدفاً لقراصنة الأدسم.